التاريخ: تشرين الثاني ٢٢, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: سقوط "الوساطة" والأزمة في طريق مسدود
اذا كانت صورة الرؤساء الثلاثة أمس في وزارة الدفاع مهدت الطريق لاستعادة ستتكرر اليوم في العرض العسكري الذي سيقام على جادة الرئيس شفيق الوزان ومن ثم في الاستقبال الرئاسي في قصر بعبداً احياء لعيد الاستقلال، فان هذه الصورة ستكون مثقلة بتفاقم أزمة تأليف الحكومة التي تقترب من طي شهرها السادس بعد ثلاثة أيام من دون اي افق ايجابي لامكانات حلحلتها قريبا. واتخذت عوامل التعقيد في الساعات الثماني والاربعين الاخيرة بعداً ينذر بمزيد من اطالة الازمة من خلال ما اعتبر استدارة لفريق الحكم و"التيار الوطني الحر" في ظل "الوساطة " التي قام بها وزير الخارجية جبران باسيل والتي يبدو واضحا انها أدت الى مزيد من التعقيدات بدل تسهيل المخرج، بدليل ان مجمل الانطباعات السياسية عن هذه الوساطة تؤكد انها انتهت الى الاخفاق ولو لم يسحبها الوزير باسيل علناً.

وتعتقد اوساط سياسية بارزة معنية بالتحركات السياسية الجارية ان رمي الكرة نهائيا في مرمى الرئيس المكلف سعد الحريري من زاوية حصر حركته في معالجة موضوع التمثيل السني وتنصل الفريق الرئاسي من هذه العقدة باقتراح باسيل سحب تبادل المقعد المسيحي لدى الرئيس الحريري مع المقعد السني لدى رئيس الجمهورية قد أدى واقعياً الى استدراج رفض تلقائي لم يفاجئ أحداً من الرئيس المكلف لمنطق حصر مهمته بمعالجة التمثيل السني وقطع الطريق عليه لتمثيل مسيحي ضمن حصته، الامر الذي يتعارض تماماً مع الاصول الدستورية أولاً ومن ثم مع واقع تعددية كتلته النيابية. واكدت مصادر "كتلة المستقبل" لـ"النهار" في هذا السياق رفض اقتصار حصة الرئيس الحريري على التمثيل السني محذرة من كلّ الأفكار التي تحصر عمل الرئيس المكلف بالمربّع السني، باعتبارها مخالفة للأصول والأعراف في تأليف الحكومات، خصوصاً أن "كتلة المستقبل" عابرة للطوائف، وتضمّ نواباً مسيحيين، ومن حقّها أن تمثّل بوزراء مسيحيين.

وأفادت مصادر مواكبة للمأزق ان كرة النار التي سددها باسيل عملياً في اتجاه الحريري زادت الموقف تعقيداً. ذلك انه في حال تمثيل سنة 8 آذار بمقعد وذهاب مقعد آخر الى الرئيس نجيب ميقاتي، لن يبقى من حصة الرئيس المكلف سوى أربعة مقاعد، الامر الذي لن يتقبله بسهولة، الا اذا استدار وتحلل من مواقفه السابقة بحجة التضحية والمصلحة الوطنية، وفي حال اعتماد هذه الصيغة ولدى انعقاد مجلس الوزراء لن يكون هناك سوى ثلاثة وزراء من فريق الرئيس الحريري وسط سيطرة واضحة لمجمل قوى 8 آذار وعلى رأسها "حزب الله" وبثلث معطل أي 11 وزيراً من نصيب فريق رئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر".

وكان "تيار المستقبل" يأمل في التوصل الى تسوية حيال المقعد السني السادس بين رئيس الجمهورية والنواب السنة لا ان يأتي المخرج على حساب تمثيلهم وحصتهم. كما ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لاحظ من جانبه ان المخرج الذي وضع في عين التينة ليسير باسيل بموجبه لم يطبق وفق الخطة التي وضعت. ويرى بري ان وزير الخارجية عمل على تطبيق ما يخدمه. ويردد رئيس المجلس أمام زواره أنه لا يخجل بالمخرج "الذي وضعته والذي يساعد على تشكيل الحكومة وكان سيؤدي الى اكتمالها وصدور مراسيمها". ولمح الى اتجاه لديه لالتزام الصمت فترة اذ قال رداً على سؤال عما سينتج من اللقاء الرئاسي في قصر بعبدا اليوم : "سيكون اللقاء صامتاً وأنا من الآن وصاعداً قررت عدم الكلام في موضوع الحكومة، وسأقتبس طريقة شارلي شابلن في الافلام الصامتة. سيصبح كلامي غالي الثمن. حتى لو سألني الصحافيون سأقول ماذا عندكم أولاً".

عون والازمة

وتطرق الرئيس عون في رسالته الى اللبنانيين مساء أمس في عيد الاستقلال الى الوضع الحكومي، فقال: "ان لبنان يعيش اليوم ازمة تشكيل حكومة سبق ان عاشها في السنوات الماضية، وتحصل في دول عريقة في الديموقراطية والحضارة، ولكنها تخسرنا الوقت الذي لا رجعة فيه، واذا كنتم تريدون قيام الدولة، تذكروا ان لبنان لم يعد يملك ترف اهدار الوقت". وأكد "وجوب الانصراف الى معالجة الوضع الاقتصادي الضاغط، فقوة الاوطان الحقيقية لا تقاس فقط بامكاناتها العسكرية بل باقتصادها الحقيقي ونموه المستدام ومدى تأقلمه مع التطور والتحديث". وأضاف: " لن ندع البلاد تئن أكثر، ولن نتراخى في مواجهة الفساد والفاسدين، ولن نتراجع عن وعود الاصلاح والتنمية المستدامة، وايجاد فرص العمل لشبابنا، وسأعمل شخصيا بكل ما اوتيت من قوة، وبكامل الصلاحيات المعطاة لي كرئيس للجمهورية، وبالتعاون مع رئيسي مجلسي النواب والوزراء، على دفع عجلة الاقتصاد قدما، وترشيد النفقات، وسد مزاريب الهدر، وتحسين الخدمات والبنى التحتية. كما اعتزم متابعة الانكباب على ملاحقة ملفات الفساد، الصغيرة منها والكبيرة، مع الجهات المعنية في القضاء واجهزة الرقابة والاجهزة الامنية والادارية، ليشعر المواطن ان شيئا ما يتغير في حياته اليومية، وان محاربة الفساد والفاسدين ليست شعاراً انما عمل متواصل، ولو كان مضنياً ولكنه سيصبح ملموسا". واذ لفت الى ان "دخول العنصر الخارجي يفقدنا حرية القرار"، دعا الى "نبذ خلافاتنا، ووضع مصالحنا الشخصية جانبا". ولاحظان "اللبناني سئم الوعود ويكاد ييأس من تناتش المصالح، ومن عدم اكتراث اصحاب القرار بمخاوفه وبطالته وحقوقه واحلامه المكسورة. من واجبنا ان نطمئنه الى غده ".

اجتماع مالي

وسط هذه الاجواء اجتمع الحريري مساء أمس في "بيت الوسط" مع وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعرض معهما الأوضاع المالية والنقدية في البلاد. وبعد الاجتماع، أوضح الوزير خليل أن البحث تناول الوضع المالي والتحديات التي يواجهها. وأكد سلامة "أن الوضع المالي مستقر".

وطبقا لما اوردته "النهار" قبل أيام، أفادت المعلومات ان الاجتماع خصص لبت الخلاف بين وزير المال وحاكم مصرف لبنان على موضوع رفع الفوائد وسقف الاستدانة، إذ تطالب الوزارة بخفض الفوائد، فيما ترى حاكمية المصرف المركزي ترك الامر للسوق.