التاريخ: تشرين الثاني ٢٢, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
جيفري لـ"النهار": لعملية سياسية في سوريا تُخرج إيران ووكلاءها و... تُبقي روسيا
موناليزا فريحة 
على رغم تكرار الممثل الخاص لوزير الخارجية الاميركي للشؤون السورية السفير جيمس جيفري أن الوجود الأميركي في سوريا يساعد في إجبار القوات الإيرانية على الانسحاب من هناك، يؤكد دائماً أن لا خطة عسكرية لمحاربة إيران في سوريا. فما هي خطة بلاده لتحقيق هذا الهدف؟

تعتبر الادارة الأميركية الصراع السوري إحدى الكوارث الأساسية في العقد الأخير في الشرق الأوسط، وترى فيه وضعاً خطيراً جداً مع إشكاليات كبيرة، بما فيها نظام دكتاتوري مروع وشرير بقيادة الرئيس بشار الأسد، والتوسع الإيراني في الدول العربية، خصوصاً في سوريا، ولكن أيضاً في أماكن أخرى. وتشمل هذه العناصر أيضاً ظهور تنظيمات إرهابية جديدة مثل "داعش" الذي خطف بعض الأضواء من تنظيم "القاعدة "واستحوذ على بعض من غموضه. وتهدد هذه العوامل كلها المنطقة بأكملها.

هذه باختصار ملامح الصراع السوري بحسب جيفري ذي الخبرة في شؤون السياسة والأمن والطاقة، وتولى منصب نائب مستشار الأمن القومي الاميركي وكان سفيراً لبلاده في تركيا والعراق والبانيا. أما سياسة ترامب، فيقول في مؤتمر عبر الهاتف مع صحافيين من وسائل اعلامية عدة، بينها "النهار" إن هدفها تخفيف حدة الصراع، "لذا رحبنا بوقف إطلاق النار في إدلب، زنريد أيضا تنشيط العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة...ما يتيح لنصف الشعب السوري، أي 12 مليون شخص، العودة إلى ديارهم". فالنسبة الى واشنطن، يعتبر أمن المنطقة من أمن سوريا التي تورطت فيها دول عدة في المنطقة، "لذا يجب وقف القتال وإيجاد حل سياسي، تجنباً لصراع أوسع نطاقاً".

ولكن أي دور تقوم به القوات الاميركية في سوريا لتحقيق هذا الهدف، يكرر أن "المهمة القتالية العسكرية المحددة لقواتنا في سوريا تكمن في الحاق الهزيمة الدائمة بداعش". ولكن على نطاق أوسع، يتحدث عن جوانب اقتصادية وديبلوماسية وعسكرية للوجود الاميركي بالتعاون مع شركائنا على الأرض وحلفائنا في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وهي تشمل الهزيمة الدائمة لـ"داعش" وإزالة كل القوات الإيرانية من سوريا وإعادة إحياء عملية سياسية لا رجعة فيها. "لذلك ينبغي أخذ كل ما نقوم به في الاعتبار، وليس ما يقوم به جيشنا حالياً أو ما يقوم به حلفاؤنا في المستقبل فحسب".

لم تكن المرة الاولى يوحي فيها جيفري بأن خطة واشنطن لإخراج إيران ووكلائها من سوريا ليست عسكرية. لذا سألته "النهار" عن السبل الكفيلة تحقيق هذا الهدف، بعيداً من المواجهة العسكرية، فلفت أولاً الى أن أن الوجود الاميركي في سوريا يؤكد التزام بلاده الأمن في هذا البلاد، "سواء أكان ذلك الأمن ضد داعش وهو محور عملياتنا العسكرية أو تركيزاً دبلوماسياً وأوسع نطاقا ضد السلوك الإيراني السيئ جداً الذي ساهم في ظهور داعش في سوريا والعراق أيضاً".

ومضى يقول: "نسعى الى عملية سياسية تؤدي إلى إصلاح الحكومة السورية وإخراج كل القوات الأجنبية التي أتت إلى البلاد منذ 2011 وليس القوات الإيرانية فحسب"، موضحاً أن هذا الكلام لا يشمل الروس الذين كانوا متواجدين في سوريا، ولكن كافة القوى الأخرى التي نعتقد أنها ستكون على استعداد للمغادرة إذا غادر الإيرانيون وإذا أمكن التوصل إلى حل سياسي. هذا هو ما نعمل لتحقيقه".

ويبدو أن الدعوة الى حجب أموال اعادة الاعمار عن نظام الاسد يندرج في سياق الهدف نفسه. ويقول جيفري: "تعتبر الولايات المتحدة أنه ينبغي ألا يحصل نظام الأسد على أموال لإعادة الإعمار من أي طرف قبل أن يبدي استعداده للمشاركة في عملية الإصلاح السياسي التي فرضها مجلس الأمن. ولم يثبت نظام الأسد استعداده لذلك بعد".

و بالنسبة لـ"داعش"، قال إن واشنطن والتحالف الدولي اضطلعا بدور غير عادي في هزيمة التنظيم في معظم أنحاء العراق وشمال شرق سوريا، وأبدى ثقة في تحقيق النجاح على طول نهر الفرات في الأشهر المقبلة. ولفت الى " قضية طويلة الأجل مهمة في كل من سوريا والعراق ونسميها الهزيمة الدائمة لداعش، وهي تطوير الهياكل الأمنية والاقتصادية والخاصة بالحوكمة بين شركائنا المحليين والتي ستضمن عدم عودة داعش إلى الظهور كما حدث عامي 2013 و2014".

ويرفض جيفري تحديد جدول زمني للصراع السوري، قائلاً: "نريد أن نشهد نهايته في أقرب وقت ممكن ولكننا لا نحدد أي جدول زمني لمشاركتنا لأننا لو قمنا بذلك لانتظروا أن نوقف مشاركتنا ليس إلا. وبالتالي فنحن نشارك في مختلف المجالات دبلوماسيا وبطرق أخرى لتحقيق أهدافنا الثلاثة في سوريا".

وإضافة إلى استثناء الديبلوماسي الاميركي روسيا من القوات الواجب انسحابها من سوريا، بدا متفهماً لمصالح موسكو هناك وكشف بعض جوانب الاتصالات بين الجانبين. وقال: نحاول أن نوضح أمرين لروسيا. أولاً، أن مصالحها الرئيسية هناك تكمن في وجود حكومة صديقة وتحالف مع تلك الدولة وقواعد عسكرية، وهذا أمر لا نعارضه. ولكننا أكدنا لروسيا أيضا أنه ليس في صالحها أن تكون شريكة للدولة السورية التي فقدت نصف سكانها ونصف أراضيها تقريبا ولا يمكنها تلقي الدعم الدولي لإعادة إعمارها بسبب سلوكها الفظيع. وبالتالي، ينبغي على روسيا بذل قصارى جهودها لتغيير هذا السلوك".