التاريخ: تشرين الثاني ١٩, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
صراع إرادات بين الكتل العراقية يمنع حسم حقيبتي الدفاع والداخلية
بغداد: حمزة مصطفى
منح إعلان البرلمان العراقي إرجاء جلسته المقررة اليوم إلى الأربعاء المقبل «لتزامنها مع عطلة رسمية»، مزيداً من الوقت للقوى السياسية لمحاولة حل الخلافات التي لا تزال تحول دون حسم حقيبتي الدفاع والداخلية في حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

واستبعد النائب عن «المحور الوطني» محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الانتهاء من ملفي الدفاع والداخلية هذا الأسبوع «رغم كل ما يقال عن توافقات». ورأى أنه «في حال بقي سليم الجبوري مرشحاً للدفاع يمكن أن يحصل توافق عليه من قبل كتل عدة، لكن في حال تم طرح مرشحين آخرين فإن الأمر يحتاج إلى جولة أخرى من التوافقات».

لكن مصدراً مطلعاً من داخل «كتلة الفتح» التي يتزعمها هادي العامري قال لـ«الشرق الأوسط»: إنه «ما لم تحصل متغيرات، وهي متسارعة عادة في العراق، فإن جلسة الأربعاء ستشهد على الأقل حسم الوزارات الست الأخرى بعد أن عزلت عن ملفَي الدفاع والداخلية».

وأشار إلى أنه «على رغم وجود محاولات حثيثة من أجل التوافق على مرشح الداخلية فالح الفياض الذي لا تزال كتلة سائرون ترفع الفيتو ضده، فإن حقيبتي الدفاع والداخلية يمكن أن تُطرحا للتصويت ضمن الفضاء الوطني» من دون انتظار توافق الكتل.

وقلل من حظوظ سليم الجبوري في شغل حقيبة الدفاع «في حال تم التصويت عليه من دون توافق مسبق، ليس من باب الاعتراض على شخصه، لكن لكون اختصاصه بعيداً تماماً عن وزارة معقدة مثل الدفاع».

لكنه اعتبر في المقابل أن المشكلة التي يواجهها ترشيح الفياض تتمثل في أن «هناك هيمنة واضحة لصراع الإرادات بين طرفين لا يريد أحدهما التنازل عن سقف مطالبه، فـ(سائرون)، وتحديداً السيد مقتدى الصدر، لم تتزحزح حتى الآن بشأن القبول بالفياض، والأمر نفسه بالنسبة إلى (تحالف البناء)، الذي لا يبدو مستعداً للتخلي عنه».

ويرى الناطق السابق باسم الحكومة، علي الدباغ، أن التأخر في استكمال التشكيلة الوزارية «يعكس الصراع بين الكتل السياسية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «من الواضح أن رئيس الحكومة قد ترك الأمر لتوافق هذه الكتل على مرشح غير مختلف عليه ورمى الكرة في ملعبها». وأوضح، أنه «لم تعد هناك مشكلة في مرشحي الوزارات الست الأخرى وأتوقع أن يلجأ عبد المهدي إلى تجزئة الترشيح فيقدم المرشحين الستة هذا الأسبوع ويبقي مرشحي الدفاع والداخلية لغاية حصول اتفاق نهائي بين الكتل السياسية». ورأى أن هذا السيناريو هو الأقرب لتقوية التشكيلة «وكي تنطلق الوزارات في مهامها» التي حددها برنامج الحكومة.

إلى ذلك، ناقش سياسيون وشخصيات عامة البرنامج الذي قدمته الحكومة ونالت بموجبه ثقة البرلمان قبل ثلاثة أسابيع. وانتقد مشاركون في ندوة عقدها «المركز العراقي للتنمية الإعلامية»، مساء أول من أمس، «اللغة الإنشائية» التي غلبت على البرنامج.

وحضر النقاش عدد من أعضاء البرلمان الحالي والسابق وسياسيون وأكاديميون وعدد من رؤساء تحرير الصحف ومسؤولي المؤسسات الإعلامية. وقال وزير العلوم والتكنولوجيا السابق النائب الحالي عن كتلة «سائرون» رائد فهمي، في مداخلة طويلة خلال الندوة: إن «لدى مجلس النواب الحالي خططاً مدروسة من شأنها مراقبة ودعم تنفيذ المنهاج الحكومي في أوقاته المحددة، وإزالة المعوقات والعراقيل التي قد تقف عائقاً، ولا سيما فيما يخص التشريعات والقوانين، وكذلك محاربة الفساد في مختلف مؤسسات الدولة التي أثرت بشكل كبير على المشروعات والبرامج والاستثمارات في مختلف القطاعات طوال السنوات الماضية».

ووصف المنهاج الحكومي بأنه «إيجابي بشكل عام»، لكنه أوضح أنه «يفتقر إلى رؤية واضحة باتجاه التعليم، وهي مسألة في غاية الأهمية، فضلاً عن كونه ليس متسلسلاً في كيفية معالجة النواقص في مختلف المجالات وبالأخص في الجانب الاقتصادي».

وأوضح فهمي، أن البرنامج «لم يحدد على نحو واضح كيفية القضاء على مشكلة البطالة، وكذلك تفعيل القطاعات الإنتاجية كما أنه لا توجد لدى الحكومة مشروعات عملاقة». ورأى أن «العراق بعد حربه مع (داعش) أصبح يحظى بدعم دولي كبير، لكن يتعين على العراق أن يعرف بدوره ما يريد».

وأكد الكاتب محمد عبد الشبوط، أن «من الضروري أن تكون هناك تشريعات وقوانين من شأنها ترسيخ قيم المواطنة والهوية الوطنية لبناء دولة حضارية حديثة بعيداً عن التخندقات والاصطفافات الانتخابية والفئوية، والاستفادة من أخطاء العملية السياسية».

ورأى أن «العملية السياسية في العراق تعاني من عيوب تأسيسية»، معتبراً أنه «متى ما تجاوز العراقيون دولة المكونات إلى دولة المواطنة، فإنه يمكن الحديث عن دولة حضارية تبدأ من التعليم الابتدائي، وهو ما افتقر إليه المنهاج الحكومي الذي جاء منسجماً مع مفهوم دولة المكونات لا المواطنة».