التاريخ: تشرين الثاني ١٩, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
مقتل خاشقجي: ترامب لا يريد الاستماع إلى التّسجيل الصوتي "العنيف جدًّا، والوحشي جدًّا"
صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه لا يرغب في الاستماع إلى تسجيل صوتي لعملية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي على رغم تصاعد الضغوط عليه لمعاقبة السعودية على هذه الجريمة.

وقُتل خاشقجي داخل مبنى القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 تشرين الأول وأرسلت تركيا تسجيلاً صوتياً لعملية القتل إلى الحكومة الأميركية. لكن ترامب أعلن أنه لن يستمع إلى التسجيل "لأنه تسجيل مؤلم... ومروع". وقال في مقابلة مع برنامج "فوكس نيوز صنداي": "لا أريد الاستماع إلى التسجيل. لست في حاجة للاستماع إليه".

وأضاف: "أعلم بكل شيء في هذا التسجيل دونما حاجة إلى سماعه... كان الأمر بالغ العنف والوحشية ومروعا جداً". وأكد أنه يرغب كذلك في الحفاظ على علاقة وثيقة مع السعودية كحليف على رغم هذه الجريمة وشكك في الدور المزعوم لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فيها. وقال: "أبلغني أن لا علاقة له بهذا الأمر"، كما أن "كثيراً من الشخصيات" قالت أيضاً إن ولي العهد لم يكن على علم بهذه الجريمة.

وسجّلت المقابلة الجمعة قبل ساعات من كشف مصادر حكومية أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إي" أطلعت إدارة ترامب على آخر تطورات القضية وأنها تعتقد أن الأمير محمد هو الذي أمر بقتل خاشقجي.

وكان ترامب وصف السبت تقويم "السي آي إي" بأنه "سابق لأوانه كثيراً"، ولكن خلال المقابلة التي أذيعت أمس رأى أنه ربما كان من المستحيل معرفة الشخص الذي أمر بقتل خاشقجي. وأضاف: "كان لديه (الأمير محمد) فعلاً أشخاص قريبون منه... وهم متورطون على الأرجح... لكن في الوقت ذاته لدينا حليف وأنا أريد أن أحافظ على هذا الحليف... الجيد جداً".

وفي حديث إلى الصحافيين في ماليبو بكاليفورنيا بعد تفقده الأضرار الناجمة عن حرائق الغابات، أفاد ترامب أنّ "تقريراً كاملاً" عن "من فعل ذلك" سيصدر بحلول الإثنين أو الثلثاء.

وكرّر "انهم (السعوديون) يُشكّلون حليفاً رائعاً حقاً في مجالي الوظائف والتنمية الاقتصادية ...علي كرئيس أخذ ذلك وأمور كثيرة أخرى في الاعتبار".

الى ذلك، أبلغ نائب الرئيس الأميركي مايك بنس صحافيين مرافقين له خلال زيارة لبابوا غينيا الجديدة، أنه لا يستطيع التعليق على معلومات سرية. واعتبر ان "قتل جمال خاشقجي كان عملاً وحشياً. وكان إساءة أيضاً إلى الصحافة الحرة والمستقلة، والولايات المتحدة عازمة على محاسبة كل المسؤولين عن هذه الجريمة". لكنه أكد أن واشنطن تريد الحفاظ على علاقتها مع الرياض.

وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية هيذر ناويرت في وقت سابق بأن التقارير التي تحدثت عن توصل الولايات المتحدة إلى خلاصة نهائية في شأن القضية "غير دقيقة". وقالت: "لا تزال هناك اسئلة عدة من دون أجوبة في ما يتعلق بقتل خاشقجي. إن وزارة الخارجية ستواصل السعي للحصول على كل الوقائع المتصلة بذلك".

واشارت الى أن مساعي الوزارة ستستمر للتوصل إلى الحقيقة وستعمل مع دول أخرى لمحاسبة المسؤولين، مضيفة: "سنقوم بذلك مع الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية المهمة بين الولايات المتحدة والسعودية".

وذكرت بأن واشنطن اتخذت "اجراءات حاسمة" ضد أفراد تضمنت فرض قيود على تأشيرات الدخول وعقوبات.

ويواجه ترامب ضغوطاً من أعضاء ديموقراطيين وجمهوريين كبار في الكونغرس كي يتخذ إجراء أشد صرامة ضد السعودية. وقال بعضهم إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تعلق مبيعات الأسلحة للسعودية وتوقف دعمها للأمير محمد، لكن ترامب لا يزال يقاوم تلك الضغوط.

وفرضت الحكومة الأميركية الخميس عقوبات على 17 مسؤولاً سعودياً بسبب دورهم المزعوم في عملية القتل، لكن العقوبات لم تستهدف الحكومة السعودية.

وقال السناتور لينزي غراهام، وهو حليف مقرب لترامب، إنه متأكد من تورط الأمير محمد في إصدار أمر بقتل خاشقجي. وجاء في مقابلة له مع شبكة "إن بي سي" الاميركية للتلفزيون أن السعودية "حليف مهم، ولكن عندما يتعلق الأمر بولي العهد فإنه يفتقر إلى الحكمة... وأعتقد أنه أضر كثيراً بالعلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية. ليست لدي أي نية على الإطلاق للعمل معه مجدداً".

"الواشنطن بوست"

وكانت "الواشنطن بوست" نقلت أول من أمس عن أشخاص مطلعين على هذا الأمر، إن ما توصلت إليه "السي آي إي" مبني جزئياً على اتصال هاتفي أجراه الأمير خالد بن سلمان شقيق الأمير محمد وسفير السعودية بواشنطن مع خاشقجي. وقالت إن الأمير خالد أبلغ خاشقجي ضرورة ذهابه إلى القنصلية السعودية في اسطنبول للحصول على الوثائق التي يحتاج إليها وأكد له أنه لن يمسه أذى.

ونسبت الصحيفة إلى أشخاص على دراية بهذه المكالمة، إنه لم يتضح ما إذا كان الأمير خالد كان يعرف أن خاشقجي سيُقتل، لكنه أجرى هذا الاتصال بناء على توجيهات شقيقه.

وكتب الأمير خالد على "تويتر" الجمعة أن آخر اتصال أجراه مع خاشقجي كان من طريق رسالة نصية في 26 تشرين الأول 2017 قبل سنة تقريباً من موت خاشقجي. وقال: "لم أتحدث معه مطلقاً من خلال الهاتف وبالتأكيد لم اقترح عليه الذهاب إلى تركيا لأي سبب. أطلب من الحكومة الأميركية نشر أي معلومات تتعلق بهذا الادعاء".

وأوردت "الواشنطن بوست" أن "السي آي إي" فحصت أيضاً مكالمة من داخل القنصلية السعودية في اسطنبول بعد قتل خاشقجي. ونقلت عن أشخاص استمعوا إلى مكالمة أجراها ماهر مطرب، وهو مسؤول أمني كثيراً ما شوهد إلى جانب الأمير محمد، بسعود القحطاني، وهو من كبار مساعدي الأمير محمد، ليبلغه أن العملية تمت.

معلومات تركية

في غضون ذلك، نقلت شبكة "سي إن إن تورك" التلفزيونية عن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن قتلة خاشقجي ربما نقلوا أجزاء جثته إلى خارج تركيا في حقائب.

وقال في منتدى على هامش مؤتمر دولي في هاليفاكس بكندا: "هناك احتمال أن يكونوا غادروا البلاد بعد ثلاث أو أربع ساعات من ارتكاب الجريمة. وربما أخذوا أجزاء الجثة معهم في حقائب من غير أن يواجهوا مشاكل بفضل حصانتهم الديبلوماسية".

وقالت تركيا إن مجموعة من 15 شخصاً، منهم "فريق تطهير" من رجلين، شاركت في العملية وإن جثة خاشقجي قطعت. ودعا مسؤولون أتراك كذلك إلى التحقيق في ما إذا كانت الجثة قد أذيبت في حمض.