|
|
التاريخ: تشرين الثاني ١, ٢٠١٨ |
المصدر: جريدة النهار اللبنانية |
|
مفاجأة عون: رفض "التكتكة" ودعم الحريري |
عملياً، تبدأ السنة الثالثة من عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم وسط صدمة الشغور الحكومي التي تسبب بها "الفيتو" المباغت التي فرضه أكبر حلفائه والذي يربطه به منذ ما قبل انتخابه بسنوات "تفاهم مار مخايل" بما يضاعف وقع الصدمة التي جاءت للمصادفة أيضاً عشية الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس عون. ولم يكن غريباً والحال هذه ان تظلل الانتكاسة التي علقت ولادة الحكومة عقب موافقة "القوات اللبنانية" على حصتها وحقائبها الوزارية كما عرضها عليها الرئيس المكلف سعد الحريري مناخات المقابلة التي أجريت مع الرئيس عون مساء أمس في قصر بعبدا وبثّتها المحطات التلفزيونية علما أن آمال الرئيس كانت عريضة في احياء الذكرى والى جانبه الحكومة الوليدة، الأمر الذي أجهضته عرقلة الولادة في ربع الساعة الأخير من المخاض. واذا كانت الانظار شخصت ليلاً الى كلام رئيس الجمهورية لترقب مسار الازمة من خلال المواقف التي أعلنها فإن لفتة مميزة أطلقها الرئيس الحريري اكتسبت دلالات بارزة لجهة تشديده على المضي في التعاون بينهما. منذ كتب مغردا على "تويتر" قبيل بدء الحوار الصحافي المتلفز: "فخامة الرئيس العماد ميشال عون سنتان معا على طريق استعادة الثقة بالدولة ومعك لن نتراجع عن مسيرة النهوض بلبنان. نسأل الله ان ينعم عليك بالصحة لتبقى عنوانا لوحدة جميع اللبنانيين". وسارع الرئيس عون الى رد التحية بمثلها فغرد بدوره عبر "تويتر": "بالتفاهم والتضامن نستطيع ان نحقق الكثير وسنبقى معا ما دمنا نخدم مصلحة لبنان ونحفظ وحدة اللبنانيين".
حديث عون
والواقع أن هذا التبادل الودي للتحيات سرعان ما ترجمه الرئيس عون في موقف مفاجئ داعم للرئيس الحريري في شكل واضح ضد افتعال مشكلة تمثيل "النواب السنة المستقلين". وعند الحديث عن الملف الحكومي، على تأليف حكومة وحدة وطنية ولاحظ ان البعض "أراد حصة اكبر مما يستحق ولو اكتفى كل واحد بمعيار ما يستحقه لما وصلنا الى هنا". وقال إن "هناك عراقيل غير مبررة وتبيّن أخيراً دخول السنّة المستقلين مما تسبب بالتأخير. هذه تكتكة سياسية تضرب استراتيجيتنا الكبيرة". وأضاف "نحن نعتمد تمثيل الكتل ضمن معايير محددة وهؤلاء النواب كانوا أفراداً وتجمعوا أخيراً ولم يكونوا كتلة فهل يتمثلون هكذا؟ نحن يهمنا أن يكون رئيس الحكومة قوياً ولا نريد اضعافه لان المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة ويجب عدم التسبب بهزات له". واذ أكد "اننا لا نريد ثغرة في الوحدة الوطنية " نفى ان يكون هناك "تقاتل بين المسيحيين بل هناك خلاف في وجهات النظر وهذه هي الديموقراطية حيث الاكثرية تحكم".
وفي الملفات الداخلية أبرز الرئيس عون أولوية الوضع الاقتصادي وعودة النازحين السوريين، كما تناول موضوع مكافحة الفساد والقضاء، معلناً انه يحضر لمؤتمر قضائي أواخر كانون الثاني أو في شباط المقبلين، كما طلب تنظيم مؤتمرات لتنظيم اقتصاد الانتاج مثل الزراعة. وانتقد بشدة الكلام عن افلاس الدولة محذراً من ان تكرار مثل هذه الاجواء في الصحافة يؤثر سلباً علماً أنه أقر بان الوضع الاقتصادي سيئ.
ووصف العقوبات الاميركية بانها "استعمار مالي "وكشف انه طلب منه شخصياً ان يوقع تصريحاً بأنه ليس أميركياً لدى طلبه فتح حساب مصرفي. وفي ملف النازحين السوريين انتقد الامم المتحدة وقال: "نحن نحكي عن العودة الطوعية للنازحين، لكن الامم المتحدة تضع لنا الحواجز ثم يأتون الينا لشكرنا". وبرز موقف لافت لرئيس الجمهورية في هذا السياق حين لوح "بأن علينا ان نصل الى مرحلة نتخطى فيها الموقف الدولي بالنسبة الى النازحين السوريين بالتفاهم مع سوريا"، مضيفاً أن "الجميع يحاورون سوريا واكدوا بقاء بشار الاسد". وكرر عون قبيل ختام المقابلة ان رئيس الحكومة يجب ان يكون قويا واشاد بعلاقته مع الحريري. وقال: "أعرف ان التحديات كبيرة، وقد وعدت بمحاربة الفساد والتزم وعدي، وإذا وُضِعت العراقيل امامي فأنتم، الاعلام والشعب، مدعوون لمساندتي في هذه المعركة". وتوجّه الى اللبنانيين بأن "من أوصلني الى الرئاسة هو دعمكم ومحبتكم وثقتكم ولن أصدمكم بل سأعمل دائماً لتوثيق هذه الثقة والمحبة من خلال تنفيذ الوعود التي قطعتها".
الازمة مفتوحة
في غضون ذلك، علم ان وزير الخارجية جبران باسيل اختصر نتائج زيارته لـ"بيت الوسط" عصر أمس بالقول: "لا جديد". وهو التقى رئيس الجمهورية بعدما زار الرئيس الحريري وكان يتواصل مع "حزب الله"، في مسعى لايجاد حل يبدو واضحاً انه غير متوافر حتى الان.
وفي آخر المعطيات أن حركة التفاوض لم تتوقف وينتظر ان تتبلور نتيجتها خلال ٤٨ ساعة. وعلم ان شخصية تنشط على خط التفاوض ستزور قصر بعبدا غداً في مسعى لايجاد حل لعقدة توزير سني من خارج "تيار المستقبل".
وأفادت مصادر معنية بالاتصالات الجارية بحثا عن حل لافتعال مأزق تمثيل النواب السنّة لـ8 آذار ان رفع السقوف أكان بتمسك فريق الثامن من اذار بتوزير واحد منهم من جهة وبرفض الرئيس المكلف لوجود أي وزير منهم في الحكومة أقفل كل أبواب الحل كما أقفل إمكان ولادة الحكومة. والطرفان عهدا الى رئيس الجمهورية في الحل الذي يبدو واضحاً أنه غير متوافر بعد. ويجري الرئيس دراسة شاملة لكل احتمال من احتمالات الحل ومدى مطابقتهه للمعايير التي على اساسها تؤلف الحكومة.
وكانت المصادر المطلعة على موقف رئيس الجمهورية قالت إنه يجري تقويماً للوضع ولكيفية الخروج بحل. هناك معايير تم تركيب الحكومة على أساسها وسيرى الى ما يمكن أن يؤدي أي تغيير في المعايير وكيفية الحفاظ على هذه المعايير.
غير أن مصادر "بيت الوسط" شددت على "اننا لن نقبل بتمثيل أحد من سنّة 8 آذار تحت أي ظرف من الظروف". وقال إن اي تشكيلة تتضمن اسما من سنة المعارضة "ستكون نتيجتها أن الحريري سيكون خارج التأليف"، مشيرة الى ان "الحريري يرفض توزير ممثل لسنة 8 آذار من أي حصة من الحصص الوزارية".
ووسط هذه الاجواء، رأى مجلس المفتين أمس "أن تشكيل الحكومة مسؤولية الرئيس المكلف وهو عالج غالبية العراقيل والعقبات بالتعاون مع رئيس الجمهورية ولا يزال يعالج العقد المصطنعة والتي يوحي بها البعض بأنها مستجدة بحكمة وروية من دون الدخول في متاهات وجدال حفاظاً على الوطن ومكوناته السياسية لتأليف حكومة متجانسة تستطيع ان تنهض بالبلد، خصوصاً اقتصادياً ومعيشياً". وبعد اجتماعه برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، قال المجلس و"أن هناك أيادي خبيثة تحاول عرقلة جهود الرئيس المكلف لابتزازه سياسياً ولتأخير عملية تشكيل الحكومة التي هي حاجة وطنية في ظروف دقيقة وحساسة يمرّ بها لبنان، خصوصاً في ظل الصراعات في دول الجوار".
ونفت مصادر "تيار المستقبل" المعلومات التي تردّدت عن أن التيار يعدّ لتحرّكات شعبية في مناطق عدة دعماً لموقف الرئيس المكلّف في رفضه توزير النواب السنّة الستة، مؤكدةً "أن المعلومات المُروّجه هدفها التشويش على مسار تشكيل الحكومة". |
|