| | التاريخ: تشرين الثاني ١, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | نُذر معركة بين الأكراد وتركيا و «قسد» تجمّد هجومها على «داعش» | موسكو - سامر إلياس
وسط تحذير روسيا من محاولات نسف الهدنة في محافظة إدلب، وإشارتها إلى عدم نجاح الأتراك في تنفيذ بنود الاتفاق الروسي- التركي على رغم جهود أنقرة «الملحوظة»، تُنذر الأوضاع في شمال شرقي سورية بصراع مفتوح بين الأكراد وتركيا بعد مناوشات حدودية في الشمال، وتوقُف العمليات ضد تنظيم «داعش» في جنوب منطقة شرق الفرات. بموازاة ذلك، كشفت الأمم المتحدة ترشيح موفد دولي رابع للأزمة السورية تنتظره تحديات كبيرة لإنجاز تسوية سياسية عجز عنها ثلاثة ديبلوماسيين معروفين.
ومع التشديد على أهمية اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا حول إدلب في تطبيع الأوضاع في الأراضي السورية، قال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف: «نؤكد أن أنقرة لم تنجح بعد في تحقيق كل مسؤولياتها بموجب الاتفاق، على رغم بذلها جهوداً ملحوظة». وأشار إلى أن عدد انتهاكات وقف النار انخفض إلى الربع الشهر الماضي، موضحاً أن «موسكو تتابع الجهود المبذولة من أنقرة بموجب الاتفاق»، وأن روسيا متمسكة بتطبيق بنوده ومنع انهياره. وحذر من «محاولات المسلّحين المتواصلة لنسف الهدنة، خصوصاً عن طريق فبركة استخدام الأسلحة الكيماوية لتحميل دمشق مسؤوليتها»، وقال إن «العسكريين الروس يتابعون الوضع بعناية، ونشروا في نقاط المراقبة الروسية عند حدود منطقة وقف التصعيد في إدلب، ست عربات خاصة بالمسح الإشعاعي والكيماوي والبيولوجي».
وغداة توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسحق المقاتلين الأكراد السوريين شرقي الفرات، وإعلانه عملية عسكرية ضد القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة، أشارت الرئيسة التنفيذية لمجلس سورية الديموقراطية «مسد» إلهام أحمد إلى أن «أي تحرك تركي في شرقي الفرات لن يكون في معزل عن موافقة النظام السوري». وزادت في اتصال أجرته معها «الحياة»، أن «النظام سيحاول انتهاز الفرصة لاستعادة سيطرته على المنطقة»، محذّرة من أن «ما يجري يعني نسفاً كاملاً للعملية السياسية».
وفي حين أعلنت وزارة الدفاع التركية أن عشرة مسلحين أكراد قتلوا بعد أن أطلقت القوات التركية قذائف مدافع هاوتزر عبر الحدود على منطقة عين العرب (كوباني) السورية، أكدت «قسد» التي تسيطر على غالبية شمال سورية وشرقها، أنها ردت على استهداف القوات التركية مواقع على امتداد الحدود. وشددت على تمسكها بـ «حق الرد والدفاع عن أنفسنا ضد كل أشكال الهجمات».
وقال مستشار الرئاسة المشتركة لـ «حزب الاتحاد الديموقراطي» سيهانوك ديبو إن «التصعيد الأخير ضد كوباني وتل أبيض يأتي قبل كل شيء كنسف للجهود المبذولة لتهيئة مستدامة، تؤسس لحل الأزمة السورية وفق المسار السياسي». وأكد في اتصال أجرته معه «الحياة»، أن «الجهة الأكثر استفادة من مثل هذا التصعيد هي داعش الذي يتلقى ضربات قاضية في ريف دير الزور الشرقي على يد قسد، بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركا ضد الإرهاب». وزاد أن هذه «الخطوة تصب في صالح إعادة إنتاج النظام المركزي الاستبدادي السوري في حلّة 2011». وشدد على أن «حماية كوباني وتل أبيض وعموم مناطق شمال سورية وشرقها، ومنع أي احتلال تركي لها، يجب ألا يكونا مهمة قسد وحدها إنما من المفترض أن يكونا مهمة المجموعة المصغرة».
وفي حين أكد مصدر في «قسد» تجميد عملية «عاصفة الصحراء» ضد آخر جيوب «داعش» في دير الزور، قالت الناطقة باسم «قسد» ليلوا العبدلة إن «تعزيزات ضخمة من وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة استُقدمت إلى منطقة الهجين لدحر داعش في آخر معاقله في شرق الفرات». وأشارت في اتصال مع «الحياة»، إلى أن «التهديدات التركية لا تخدم سوى مصالح داعش والإطالة من عمره ورفع معنويات عناصر التنظيم الإرهابي». ولاحقاً، أعلنت «قسد» وقفاً موقتاً لعملية «عاصفة الجزيرة» ضد «داعش»، وقالت في بيان حصلت «الحياة» على نسخة منه: «نحيط الرأي العام العالمي علماً بأن هذا التنسيق المباشر بين هجمات الجيش التركي في الشمال، وهجمات داعش في الجنوب ضد قواتنا، أدى إلى وقف معركة دحر الإرهاب موقتاً، والتي كانت تخوضها قواتنا في آخر معاقل التنظيم». وحذرت من أن استمرار هذه الهجمات سيتسبب في توقف طويل الأمد للحملة العسكرية ضد التنظيم الإرهابي.
سياسياً، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس الأمن أنّه يرغب بتعيين الديبلوماسي النروجي غير بيدرسن موفداً خاصاً جديداً إلى سورية، خلفاً لستيفان دي ميستورا الذي قدّم استقالته. ومعلوم أن بيدرسن ديبلوماسي مخضرم، شارك العام 1993 ضمن الفريق النروجي في المفاوضات السريّة التي أفضت إلى التوقيع على اتفاقات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، كما تولّى مناصب عدّة في المنطقة، بينها موفد الأمم المتحدة إلى جنوب لبنان العام 2005، ثم المنسق الخاص للبنان بين عامي 2007 و2008.
ومع إشارته إلى الخبرة الديبلوماسية الكبيرة لبيدرسن في عدد من الصراعات والقضايا الحساسة، قال الناطق باسم «هيئة التفاوض السورية» يحيى العريضي في اتصال مع «الحياة»، إن «دور الموفد الدولي ميسّر ومسهل للقرارات الدولية»، مشدداً على أن «أي موفد يجب أن يبدأ بتنفيذ القرارات الدولية وعدم المبالغة في العمل الديبلوماسي الزائد عن الحد، كما كان يفعل دي ميستورا». واستدرك العريضي قائلاً: «كل موفد دولي سيكون مربكاً بسبب تدويل القضية السورية واختلاف أهداف الأطراف المؤثرة». وخلص إلى أنه «إذا توافرت الإرادة الدولية، يمكن أن ينجح، خصوصاً أن المعالم باتت واضحة باتجاه حل سياسي يبدأ باللجنة الدستورية».
وزاد أن «على بيدرسين أن يبدأ بالالتفات إلى المبادئ الأساسية المتمثلة في القرار 2254 المستند إلى إعلان جنيف، وطرح شروطه قبل الموافقة، وعدم السير وفق نهج دي ميستورا الذي كان أقرب إلى تأدية وظيفة»، محذراً من أن «سورية لم تعد تحتمل انتظار أربع سنين أخرى».
| |
|