|
|
التاريخ: تشرين الأول ٢٦, ٢٠١٨ |
المصدر: جريدة النهار اللبنانية |
|
لبنان: في الشهر السادس هديَّة السنة الثالثة |
قد تكون المفارقة اللافتة التي ستواكب الأيام المقبلة من الاتصالات واللقاءات والمساعي الناشطة لإنهاء أزمة تأليف الحكومة، ان السباق مع الوقت سيتخذ هذه المرة بعداً معنوياً وسياسياً ضاغطاً نظراً الى آمال معلقة على الولادة الحكومية قبل الأربعاء 31 تشرين الأول المقبل بحيث تكون هدية الذكرى الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبدء السنة الثالثة من عهده. ومع ان الرهانات لدى بعض الأفرقاء السياسيين وفي مقدمهم الرئيس المكلف سعد الحريري على تذليل آخر العقد التي تحول دون التوصل الى النهاية السعيدة ظلت عالية عقب عودة الحريري فجر أمس، من الرياض، فإن تجاوز "العداد" الزمني للأزمة الاشهر الخمسة من عمر الأزمة منذ تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة في 24 أيار الماضي وبدء الشهر السادس أمس أضفى مزيداً من التحفظ عن الآمال الواسعة في إمكان ولادة الحكومة في الساعات والايام الفاصلة عن 31 تشرين الأول نظراً الى التجارب السابقة التي غالباً ما كانت تبدد موجات تفاؤلية مماثلة في اللحظات الاخيرة بافتعال تعقيدات طارئة جديدة على غرار ما حصل قبل أسبوع تماماً حين أجهض العد العكسي لانجاز التشكيلة واعلانها السبت الماضي حداً أقصى.
لكن الرئيس المكلف حافظ على تفاؤله أمس وأكد أمام زواره ان الحكومة ستتشكل خلال الساعات المقبلة، واذا لم يكن ذلك في نهاية الأسبوع الجاري ففي مطلع الاسبوع المقبل. وتلتقي هذه المعطيات التفاؤلية مع مناخ مماثل في بعبدا، حيث توحي مؤشراتها بأن الحكومة أصبحت أقرب من اَي وقت مضى.
ووفق المعطيات المتوافرة، فإن المبادرة التي كان يعمل عليها الرئيس المكلف اقضي بإعطاء "القوات اللبنانية" أربع حقائب وأن البحث كان عن الحقيبة الاساسية الوازنة بعدما رفضت "القوات" وزارة العمل.
وأكدت مصادر مواكبة للمشاورات ان حقيبة العدل أصبحت خارج النقاش وان المشاورات تجري بحثاً عن الحقيبة البديلة بعدما حسمت حقيبة العدل لرئيس الجمهورية ولم يعد الرئيس المكلف يطرحها للمبادلة.
وفيما تردد ان الحريري اقترح على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أخذ العمل بدلاً من التربية لعرضها على "القوات" كحل، نفت مصادر الاشتراكي تخليها عن التربية.
وفِي إطار اتصالات التأليف، التقى الرئيس المكلف الوزير يوسف فنيانوس الذي انتقل من "بيت الوسط" الى وزارة المال حيث التقى الوزير علي حسن خليل الذي كان تلقى اتصالاً من الرئيس الحربري، متكتماً على ما دار فيه، عاكساً فقط ارتياح الرئيس المكلف الى تطورات عملية التأليف.
وفي هذا السياق، علم ان رئيس مجلس النواب نبيه بري تلقى بعد ظهر أمس أجواء إيجابية ومشجعة من الرئيس الحريري عبر الوزير علي حسن خليل. وتحدث بري أمام زواره عن وجود تفاؤل عند الحريري" لكن الأمور في النهاية تبقى في خواتيمها".
وتناول بري الموضوع الاقتصادي ربطا بالاستحقاق الحكومي، فقال: "قلت سابقاً وما زلت عند رأيي بأن الوضع خطير". وسئل ما هو العلاج، فأجاب: "اذا تشكلت الحكومة وسارت الأمور في الطريق الصحيح يزول هذا الخطر في أسابيع وليس في أشهر".
وبدت جهات وزارية مواكبة للاتصالات الجارية متفائلة، وقالت لـ"النهار" مساء إن "تأليف الحكومة أصبح أمراً واقعاً وخلال أيام قليلة ستصدر مراسيم تشكيلها. ولا معوقات تحول دون تأليفها، خصوصاً أن جلسات المفاوضات في الأسبوع الماضي وصلت إلى نهايتها وبدأ النقاش في البيان الوزاري. ولفتت المصادر نفسها الى ان التطور الإيجابي تمثل أمس في استنفار الأفرقاء لولادة الحكومة، وإن وزير الخارجية جبران باسيل سيعود اليوم الجمعة فرصوفيا.
وكان بري قد طلب من الوزير علي حسن خليل تأجيل سفره في إشارة ايجابية إلى اقتراب موعد اعلان ولادة الحكومة.
واذ أفيد ان الرئيس الحريري قد يتوجه الى قصر بعبدا في الساعات الـ48 المقبلة اذا توافرت معطيات حاسمة، بدا واضحاً ان حسم مسألة تمثيل "القوات اللبنانية" لم يبلغ بعد لحظته النهائية حتى مع ما تردد عن لقاء بعيد من الأضواء عقد مساء امس بين الحريري ووفد من "القوات" في بيت الوسط. وقد أعلن الوزير باسيل في كلمة أمام الجالية اللبنانية في بولونيا "أن حكومتنا ستتشكل قريباً جداً، وإن شاء الله قبل الذكرى السنوية الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون".
وكان نسب الى مصادر مطلعة على مسار تأليف الحكومة إنه "تم الاتفاق بين الجميع على ان "القوات" اخذت ثلاثة امور زيادة عما تستحق ولا يحق لها أكثر: رئيس الجمهورية أعطى نيابة الرئيس، والحريري أعطاها حقيبة اضافية، والتيار أعطى مقعداً وزارياً اضافياً". وأضافت: "لا أحد من الأطراف الآخرين مستعد ان يعطيهم بعد، تبقى الحقيبة الأساسية اذا قبل رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط اعطاءهم التربية". وأكدت أن "رئيس الجمهورية والحريري والتيار مصرّون على مشاركة القوات في الحكومة لكن لا يمكن الانتظار أكثر".
موفد أميركي ووفد فرنسي
والتقى الحريري مساء في "بيت الوسط" نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون المشرق والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جويل رايبرن، ترافقه السفيرة الأميركية أليزابيت ريتشارد.
وأوضح رايبرن انه كانت له سلسلة من اللقاءات مع وزراء ونواب وأعضاء من القطاع الخاص اللبناني وقال: "أنا هنا للحصول على نصيحة كيف يمكن الولايات المتحدة أن تساعد لبنان في المضي قدماً باتجاه إيجابي، وكيف يمكننا أن نعمل معاً من أجل مصالحنا المشتركة، سعياً إلى إحلال الاستقرار والأمن الإقليميين. وأنا سعيد جداً الآن لتمكّني من الحصول على الفرصة لتبادل الآراء والمشورة مع الرئيس الحريري". وأضاف: "أنا هنا لأتحدث عن لبنان ومن أجل لبنان، خصوصاً أن لدينا شراكة وطيدة مع هذا البلد، ونريد دائماً أن نوسع تلك الشراكة. كما أن سوريا تشكل مصدر قلق كبير للبنان، تماماً كما هو الحال بالنسبة إلى الولايات المتحدة. لذلك نحن هنا مع شركائنا اللبنانيين للعمل نحو هدف مشترك من أجل الحل في سوريا".
ثم استقبل الرئيس الحريري وفداً نيابياً فرنسياً مشتركاً من مجلسي النواب والشيوخ، برئاسة رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب ماريال دو سارنيز ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ كريستيان كامبون، في حضور السفير الفرنسي برونو فوشيه. وجرى خلال اللقاء عرض للتطورات في لبنان والمنطقة وللعلاقات الثنائية بين البلدين.
العاصفة
وسط هذه الأجواء السياسية الغامضة، ضربت لبنان اسوة بعدد من بلدان المنطقة عاصفة حادة ستستمر وفق التقديرات في الساعات الأربع والعشرين المقبلة. وكانت الموجة الأولى من المنخفض الجول سجلت ظهر أمس، مصحوبة ببرد غزير وكبير ورياح شديدة، خصوصاً في بيروت والضواحي، متسببة بأضرار في واجهات عدد من المتاجر والمباني ومحطمة زجاج سيارات عدة، إضافة الى اقتلاعها أشجاراً وتحطيمها أغصاناً ولوحات إعلانية. كما تسببت في مناطق جبيلية بانهيارات كبيرة. |
|