| | التاريخ: تشرين الأول ٢٣, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | بارزاني زعيم بلا منازع في كردستان... ومفاوض قوي مع بغداد | السليمانية (العراق) – أ ف ب
بعد عام على فشل الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق الذي أجراه الزعيم الكردستاني مسعود بارزاني، فرض الحزب «الديموقراطي الكردستاني» نفسه كصاحب اليد العليا بلا منازع في الإقليم، مع تحقيق مكاسب على الساحة السياسية الاتحادية في بغداد.
وعلى رغم أن الحزب خسر أخيراً معركته لانتزاع رئاسة الجمهورية من غريمه التقليدي حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي أوصل مرشحه برهم صالح إلى المنصب الفخري، فإن ميزان القوى في السباق إلى الحقائب الوزارية يصب لمصلحة «الديموقراطي».
ومنذ الانتخابات الاشتراعية العراقية في أيار (مايو) الماضي، يشدد الحزب «الديموقراطي الكردستاني» على أنه الحزب الأكبر في العراق بعد حصوله على 25 نائباً في برلمان بغداد، معتبراً أن اللوائح التي سبقته تمكنت من ذلك بفضل تحالفات أحزاب وحركات سياسية، فيما هو الوحيد الذي خاض السباق منفرداً.
وتصدر الحزب نتائج الانتخابات الاشتراعية للإقليم التي جرت أخيراً وصدرت نتائجها النهائية الأحد الماضي، حاصداً 45 مقعداً من أصل 111 في البرلمان المحلي. وبالتالي، بات يمكنه تقديم نفسه على أنه، إلى حد بعيد، الممثل الأكبر لأكراد العراق.
ونظرياً، يمكن «الديموقراطي الكردستاني» ضمان الغالبية في البرلمان من دون أن يضطر إلى التحالف مع أي من منافسيه السياسيين، بل فقط بضم نواب الأقليات الذي يبلغ عددهم 11 نائباً، وفق ما يشير خبراء.
لكن عملياً، يفترض أن تضم الغالبية بشكل أساسي الشيعة، المكون الأكبر في البلاد.
وقال الباحث في كلية الدراسات العليا في العلوم السياسية في باريس عادل بكوان لوكالة «فرانس برس»: «بما أن الحزب الديموقراطي هو الآن صاحب الثقل السياسي الأكبر في السياسة الكردية، فلا يمكن إقصاؤه في بغداد، وبالتالي، فإن مسعود بارزاني سيطلب وزارات كالخارجية والمالية، أو منصب نائب رئيس الوزراء».
وأشار بكوان إلى أن الحزب «خسر رهان الاستفتاء في أيلول (سبتمبر) من العام 2017، ولكن الانتخابات التي جرت في أيار الماضي كانت مرحلة كبيرة له، إذ لاقى تودداً من الأميركيين والإيرانيين»، القوتين الكبيريين النافذتين على الساحة السياسية العراقية.
وبعيداً من بغداد، يمكن للحزب «الديموقراطي» الآن تصفية حساباته مع أولئك الذين كانوا في معسكر الحكومة الاتحادية عندما اتخذت إجراءات قاسية ضد الإقليم رداً على الاستفتاء.
فبعد تصويت غالبية سكان إقليم كردستان على الاستقلال العام الماضي، اعتبرت بغداد العملية «غير قانونية». وعلى الأثر، اتجهت المدرعات العراقية شمالاً لاستعادة مناطق متنازع عليها مع أربيل لا سيما تلك الغنية بالنفط، وذلك (وفق تحليلات) باتفاق ضمني مع «الاتحاد الوطني الكردستاني».
وانسحبت قوات البيشمركة من دون قتال أمام تقدم القوات العراقية في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، في ما اعتبره برزاني «خيانة وطنية عظمى» من دون أن يسمي «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي حصل على 21 مقعداً في البرلمان الحالي بدلاً من 18 سابقاً.
أما الخاسر الأكبر في الانتخابات الاشتراعية المحلية هذه المرة، فهو حزب «التغيير» (غوران) المعارض الأكبر للحزبين التاريخيين في إقليم كردستان، مع فقدانه نصف مقاعده وحصوله على 12 مقعداً فقط.
وقال عضو الهيئة التنفيذية في «غوران» رؤوف عثمان لوكالة «فرانس برس» إن الوضع الاقتصادي السيء وقطع رواتب موظفي الإقليم «أديا إلى ابتعاد الناس عن المشاركة في الحياة السياسية والانتخابات، (...) إيماناً منهم بأن الوضع لن يتغير».
ويرى مراقبون أن سقوط «غوران» هو ثمرة انقسام المعارضة إلى جبهات عدة. فمع خسارته نصف مقاعده، حصل حراك «الجيل الجديد» الذي تأسس أخيراً على ثمانية مقاعد. وعلى رغم ذلك، أعلن الأخير رفضه نتائج الانتخابات، داعياً إلى تشكيل معارضة موحدة أو مقاطعة المشاركة في البرلمان.
ويشير القيادي في «الجيل الجديد» آرام سعيد إلى أن «هذه المهزلة مستمرة منذ 27 سنة تحت حكم الحزبين الرئيسين، بسبب التزوير والتلاعب بأصوات المواطنين».
ويخشى البعض خطر الانقسام. وسبق أن شهد الإقليم ما يسمى «حرب الإخوة» بين عامي 1994 و2006 التي أسفرت عن نشوء إدارتي حكم، واحدة يديرها الحزب «الديموقراطي» في أربيل، والأخرى يتولاها «الاتحاد الوطني» في السليمانية.
ورأى المحلل السياسي العراقي واثق الهاشمي أنه «بعد مرور أكثر من عقد على المصالحة، قد نشاهد إدارتين، مجددا». لكنه لفت إلى أن «الأمور لن تصل إلى مرحلة الحرب في ظل وجود ضغوط خارجية من دول إقليمية لا يناسبها اندلاع حرب جديدة في المنطقة على حدودها. | |
|