|
|
التاريخ: تشرين الأول ٢١, ٢٠١٨ |
المصدر: جريدة النهار اللبنانية |
|
جمال خاشقجي "التقدمي"... المعارضة من المنفى |
المصدر: "ا ف ب"
تحوّل الصحافي السعودي #جمال_خاشقجي الذي رجّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقتله، من مقرّب من دائرة الحكم في الرياض، الى أحد أبرز المنتقدين لسياساتها.
في آخر مقالاته المنشورة في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، طالب خاشقجي، صاحب السيرة المهنية الطويلة المعقّدة والمتقلّبة، بحرية أكبر للإعلام العربي في منطقة الشرق الاوسط. وكتب في المقال الذي نشرته الصحيفة بعد أسبوعين على اختفائه في اسطنبول: "العالم العربي يواجه نسخته الخاصة من الستار الحديدي المفروضة عليه، ليس من لاعبين خارجيين فحسب، انما أيضا عبر قوى داخلية تواقة للسلطة". وأضاف: "علينا أن نخلق منصّة للأصوات العربية".
وفقد أثر خاشقجي، وهو أحد الأصوات المنتقدة للسياسات السعودية منذ تسلم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منصبه في حزيران 2017، بعدما دخل قنصلية بلاده في اسطنبول في 2 تشرين الاول، للحصول على مستندات زواج.
وكان خاشقجي انتقل عام 2017 للعيش في منفى اختياري في الولايات المتحدة، خشية تعرضه للاعتقال في السعودية التي شهدت حملات توقيف شملت كتّابا ورجال دين وحقوقيين وناشطات في حقوق المرأة وأمراء وسياسيين.
وأفادت تقارير صحافية في تركيا والولايات المتحدة بمقتل خاشقجي داخل القنصلية. واتهم مسؤولون أمنيون أتراك مسؤولين سعوديين بالوقوف وراء عملية قتله. ونفت الرياض أن تكون أمرت بقتله، وأكّدت أنها تجري تحقيقا. وكانت ذكرت أنه غادر مبنى القنصلية.
ينتمي خاشقجي الى عائلة سعودية مرموقة لها أصول تركية. وكان جدّه محمّد خاشقجي الطبيب الشخصي للملك الراحل عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة. كذلك عمّه هو تاجر الأسلحة الراحل عدنان خاشقجي.
ولد خاشقجي في المدينة المنورة في 13 تشرين الاول 1958، وأمضى سنوات شبابه وهو يدرس الأفكار الإسلامية، معتنقا في الوقت عينه أفكارا ليبرالية.
تخرّج خاشقجي من جامعة ولاية إنديانا الأميركية عام 1982، وبدأ يعمل في صحف يومية، بينها "سعودي غازيت" و"الشرق الاوسط". وأُرسل لتغطية أخبار النزاع في أفغانستان، وظهر في صورة وهو يحمل سلاحا رشاشا، مرتديا زيا أفغانيا.
لم يقاتل خاشقجي في النزاع، لكنه أظهر تعاطفا مع قضية المجاهدين في الحرب في الثمانينات ضد الاتحاد السوفياتي، والتي موّلها السعوديون ووكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي إيه". أجرى مقابلات مع زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن في أفغانستان والسودان، ما تسبب له على الأرجح بوصفه "صديق بن لادن" في بعض وسائل الإعلام السعودية والعربية والغربية. لكنه ما لبث أن ابتعد عن بن لادن في التسعينات بعدما أصبح هذا الأخير يدعو الى أعمال عنف في الغرب.
اعتُبر خاشقجي في مرحلة لاحقة صوتا للأسرة الحاكمة في السعودية. لكن السلطات اعتبرت أنه تقدميّ أكثر من اللزوم. فاضطر الى مغادرة منصبه كرئيس تحرير في صحيفة "الوطن" اليومية عام 2003 بعد 54 يوما فقط من بدء عمله فيها.
وأقام خاشقجي علاقات متقلبة مع السلطات السعودية، فتولّى مناصب استشارية في الرياض وواشنطن، بينها لصالح الامير تركي الفيصل الذي أدار الاستخبارات السعودية لأكثر من 20 عاما. وعندما عيّن الأمير تركي الفيصل سفيرا في واشنطن في 2005، رافقه إلى الولايات المتحدة.
عام 2007، عاد خاشقجي الى صحيفة "الوطن"، وأمضى فيها ثلاث سنوات قبل أن يضطّر مجددا الى المغادرة بعدما اعتبرت السلطات أن أسلوبه التحريري "يتجاوز الحدود" المرسومة للمناقشة في المجتمع السعودي، وفقا لموقعه على الإنترنت.
تقرّب من الملياردير الأمير الوليد بن طلال، وأطلقا معا في المنامة عام 2015 قناة "العرب" الاخبارية التي توقفت عن العمل بعد 24 ساعة فقط، بعدما بثّت مقابلة مع شخصية معارضة.
ترك خاشقجي السعودية في أيلول 2017، بعد أشهر من تولي الامير محمد بن سلمان (33 عاما) منصب ولي العهد في أغنى دول المنطقة. في حينه، منعته جريدة "الحياة" اليومية المملوكة من الأمير السعودي خالد بن سلطان آل سعود من الكتابة فيها، بعدما دافع في مقال له عن جماعة "الأخوان المسلمين".
وذكر أن السلطات منعته ايضا من استخدام حسابه الخاص في "تويتر" بعدما قال أن على المملكة أن تخشى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وغادر الصحافي في خضم موجة الاعتقالات التي شملت مثقفين ودعاة إسلاميين وأمراء، بينهم الملياردير الوليد بن طلال الذي أوقف مع آخرين على خلفية تهم تتعلق بالفساد، وفقا للسلطات.
في مقال كتبه في "واشنطن بوست" في أيلول 2017، قال: "عندما أتحدث عن الخوف والترهيب والاعتقالات وتشويه صورة المثقفين ورجال الدين الذين يتجرأون على قول ما يفكرون فيه، ثم أقول لكم إنني من السعودية، فهل تُفاجأون؟"
تحتل السعودية المرتبة 169 على لائحة من 180 بلدا وضعتها منظمة "مراسلون بلا حدود" للتصنيف العالمي لحرية الصحافة.
وانتقد الصحافي الذي كان من المفترض أن يتزوج في تشرين الأول الجاري من خطيبته التركية خديجة جنكيز، الحرب السعودية في اليمن، حيث تقاتل المملكة المتمردين الحوثيين المدعومين من ايران.
وكان كتب في صحيفة "غارديان" البريطانية في آذار الماضي: "يستحق ولي العهد الثناء على برنامجه الاصلاحي في الداخل. لكن في الوقت ذاته، لم يسمح (...) بأي مناقشة في السعودية حول طبيعة التغييرات التي يجريها". وأضاف: "يبدو أنه ينقل البلاد من التطرف الديني التاريخي، الى تطرفه القائل عليكم أن تقبلوا بإصلاحاتي". |
|