التاريخ: تشرين الأول ١٨, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
سوريا: استراتيجية أميركية تركّز على إخراج إيران
أي دور لـ100 مليون دولار من السعودية؟
موناليزا فريحة
تلقت الادارة الاميركية 100 مليون دولار من السعودية لدعم الاستقرار في المناطق المحررة من "داعش"، بالتزامن مع تطوير واشنطن استراتيجية جديدة للحرب في سوريا، تركز بشكل أكبر على دفع القوات الايرانية ووكلائها إلى خارج البلاد.
ولن تشمل الاستراتيجية الجديدة بحسب مسؤولين أميركيين استهدافاً مباشراً من الجيش الاميركي لجنود إيرانيين أو وكلاء لطهران كون ذلك ينتهك التفويض الذي تستخدمه واشنطن حالياً في سوريا والذي يتيح للجنود الاميركيين مع ذلك الدفاع عن نفسهم أو مهاجمة القوات الايرانية إذا شعروا بتهديد.

وتستخدم إدارة ترامب، على غرار اداة الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما، تفويضاً باستخدام القوة العسكرية ضد تنظيم "القاعدة" صدر عام 2001 وأقر بعد هجمات 11 أيلول بوصفه الأساس القانوني للعمل العسكري مذذاك.

وتركز الاستراتيجية الاميركية، بحسب شبكة "أن بي سي" الاميركية للتلفزيون، على الجهود السياسية والدبلوماسية لإجبار إيران على الخروج من سوريا، عن طريق الضغط عليها مالياً. وستحجب مساعدات إعادة الإعمار من المناطق التي تتواجد فيها القوات الإيرانية والروسية، كما ستفرض واشنطن عقوبات على الشركات الروسية والإيرانية التي تعمل في مشاريع اعادة الاعمار في سوريا.

ولكن إخراج إيران لن يكون الا جزءا من الاستراتيجية التي ستشمل أيضاً الاستمرار في تدمير جيوب متبقية من مقاتلي تنظيم "داعش" وإيجاد انتقال سياسي بعد خروج كل من التنظيم وإيران.

ويبدو أن الخطة الجديدة ستشمل توزيعاً للأدوار، إذ يواصل الجيش الحديث عن المهمة في سوريا باعتبارها مواجهة ل"داعش"، مقللاً أهمية الحرب ضد إيران، بينما يزيد البيت الأبيض ووزارة الخارجية من تركيزهما على مواجهة إيران من خلال الضغط عليها اقتصادياً ودبلوماسياً.

وعملياً، يقول مسؤول أميركي، ركزت ادارة ترامب منذ العام الماضي على أربعة أهداف في سوريا وهي: هزيمة "داعش"، وردع استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية، وتوفير عملية انتقال سياسي في دمشق، والحد من التأثير الإيراني الخبيث في سوريا بحيث لا يمكن أن يهدد المنطقة، تشمل ضمان انسحاب القوات المدعومة من إيران من سوريا.

ولكن نيكولاس هيراس الباحث في شؤون أمن الشرق الأوسط في مؤسسة "جيمس تاون" الاميركية يقول ان ثمة خلافاً كبيراً حالياً داخل الادارة الاميركية حيال ما اذا كان يتعين على ايران الانسحاب تماماً من سوريا، وسحب كل ما له علاقة بها من هناك، أو انسحاب القوات التي دعمها طهران فحسب.

وتكشف الشبكة الاميركية أنه بموجب قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2018، ستقدم الإدارة قريباً إلى الكونغرس استراتيجية لسوريا تعكس الأولويات الرئيسية للرئيس.

ويضيف هيراس أن الاستراتيجية الاميركية في سوريا ستركز على ابقاء القوات الاميركية في شمال سوريا وشرقها الى موعد غير محدد حتى تحقيق الانتقال السياسي وخروج الميليشيات الايرانية.

ومنذ تسلمه منصبه، يحاول ترامب تقليص دور بلاده في سوريا بعد سبع سنوات من الحرب التي دمرت البلاد وأوقعت مئات الاف القتلى. وأعلن في نيسان الماضي نيته سحب نحو 200 جندي متمركزين في شرق سوريا في المناطق التي كان يسيطر عليها داعش. وفي آب الماضي، قرر عدم صرف 230 مليون دولار كانت خصصت لبرامج تحقيق الاستقرار في تلك المنطقة.

ولكن بات واضحاً أخيراً أن مسؤولين أميركيين وحلفاء دوليين تمكنوا من اقناع ترامب بأن خروجه من هناك يقوض جهوده لمحاصرة ايران، وأن انسحاباً أميركياً سيخلق فراغاً تملأه طهران.

وتندرج المساعدة السعودية لسوريا في هذا السياق أيضاً. ويقول هيراس إن الدفعة الاولى السعودية هي مكسب كبير للاستراتيجية الاميركية في سوريا، موضحاً أنها تلعب دوراً مهماً وكبيراً في الخطة لشمال سوريا وشرقها. وأضاف: يريد ترامب بناء الاستقرار في المناطق التي كان يسيطر عليها داعش، الا أنه يريد من دول أخرى أعضاء في التحالف الدولي ضد التنظيم أن تمويل هذه المشاريع".

وستذهب المساهمة السعودية، اضافة الى خمسين مليون دولار قدمتها الامارات، الى مشاريع تديرها وكالة التنمية الاميركية ووزارة الخارجية الاميركية لتعزيز الاستقرار مثل المياه والكهرباء ونزع الألغام والرعاية الصحية والتعليم.

وبذلك ستتمكن واشنطن من مواصلة مشاريعها في شمال سوريا وشرقها، ولكن على حساب أطراف أخرى.

ومن هذا المنطلق، يقول الباحث إن هذه الاموال تشكل انطلاقة ممتازة لاستراتيجية ترامب، كما ستتيح للسعودية الانخراط على الارض في هذه المنطقة السورية بطريقة كبيرة، وهو ما لن يعجب ايران.

وشرح المبعوث الاميركي الى التحالف الدولي ضد "داعش" بريت ماكغورك إن تمويل السعودية والإمارات هو جزء من خطة أمريكية لجمع 300 مليون دولار لإعادة إعمار المناطق التي استردها التحالف من التنظيم شمال شرق سوريا. وفيما يتوقع أن تساهم أوستراليا والدنمارك والاتحاد الأوروبي وتايوان والكويت وألمانيا وفرنسا بتمويل المشروع الأميركي، لم تعلن عن حصصها بعد.