التاريخ: تشرين الأول ١٨, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
اتصالات ربع الساعة الأخير لتأليف الحكومة اللبنانية
تركت كثافة الاتصالات واللقاءات في شأن تأليف الحكومة العتيدة انطباعاً بأن ما يجري من حراك هو إرهاصات «ربع الساعة الأخير» قبل ولادة التركيبة الحكومية التي ينتظرها اللبنانيون منذ زهاء 5 أشهر، في وقت قالت مصادر متعددة لـ «الحياة» إن الحذر واجب في مثل هذه الحالة من أن تحول عقدة ما دون تظهير الاتفاق على توزيع الحقائب والحصص بإصدار المراسيم الرسمية.

وعلمت «الحياة» أن التنافس في الساعات الماضية دار حول 3 حقائب رئيسة هي وزارة الأشغال العامة والنقل، التي يطالب «تيار المردة» برئاسة النائب السابق سليمان فرنجية باحتفاظ ممثله في الحكومة الحالية يوسف فنيانوس بها، فيما يسعى «التيار الوطني الحر» إلى الحصول عليها على رغم تدخل «حزب الله» لدى رئيسه الوزير جبران باسيل لتسهيل بقائها مع حليف الحزب «المردة». وترددت معلومات في اليومين الماضيين عن أن «حزب الله» قد يلجأ إلى مبادلة الحقيبة الثانية التي دارت حولها الاتصالات، أي الصحة، والتي كان سابقا أصر عليها، بحقيبة الأشغال، مقابل تولي «المردة» الصحة. وذكرت مصادر هذه المعلومات أن هذا التبادل المحتمل بين الحليفين ربما كان مخرجاً للاعتراض الأميركي على تولي الحزب الصحة وتهديد واشنطن بقطع المساعدات الأميركية عن القطاع الصحي إذا تولى الوزارة وزير من «حزب الله». كما أن هذا التبادل للحقيبتين بين الحزب و «المردة» قد يكون مخرجاً للخلاف على الأشغال بين حليفي الحزب «التيار الحر» و «المردة».

أما الحقيبة الثالثة التي شملتها اتصالات الأمس، فهي العدل، التي كان الرئيس المكلف سعد الحريري اقترح أن تتولاها «القوات» فيما يصر «التيار الحر» ورئيس الجمهورية ميشال عون على الاحتفاظ بها. أما حقيبة التربية فقد حُسم أمر بقائها مع «الحزب التقدمي الاشتراكي».

باسيل والرياشي وصفا

ومساء، عرض باسيل مستجدات التأليف، في مركزية التيار في سنتر ميرنا الشالوحي، مع وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي، في حضور أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب ابراهيم كنعان.

وكان باسيل عقد اجتماعاً قبل الظهر مع رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، لحلحة ما تبقّى من عقد أمام تشكيل الحكومة على ضوء اجتماع باسيل ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري في «بيت الوسط» ليل أول من أمس، والذي وصفته مصادر ا»لتيّار الوطني الحر» بالإيجابي.

وكان الرئيس عون​ تابع أمس الاتصالات الجارية ل​تشكيل الحكومة​ الجديدة في ضوء التطورات التي استجدت خلال الساعات الماضية، والمواقف التي صدرت عن عدد من رؤساء ​الكتل النيابية​ حول التشكيلة الحكومية الجديدة. وشدد أمام زواره على أن «للملف الحكومي الأولوية في الوقت الراهن»، آملاً بأن «تشكل الحكومة في أسرع وقت كي تنصرف إلى مواجهة التحديات المختلفة وفي مقدمها التحديات الاقتصادية».

ورأى نائب رئيس المجلس النيابي ​إيلي الفرزلي، أنّ «هناك تطوّرًا نوعيًّا وإيجابيًّا وخرقًا باتجاه تحقيق هدف الوصول إلى تشكيل الحكومة». لكنه لفت إلى أن «الأمور لم تصل إلى نهايتها، والصيغة الّتي تحدّث عنها رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» ​وليد جنبلاط​ هي من الأمور الجيّدة».

وفيما أكدت مصادر «القوات اللبنانية» أنها «قدمت تصوراً حكومياً متكاملاً وتنتظر الجواب في شأنه لتحديد موقفها النهائي»، اعتبرت الأمينة العامة لحزب «القوات» شانتال سركيس أن التشكيلة الحكومية لم تنته بعد، وإنما ما يحصل تسريع في المفاوضات وليس هناك أي شيء نهائي بعد.

وقالت: «ليس هناك أيّ شيء ثابت بعد بموضوع الحقائب، ولا عرض رسمياً ونهائياً بعد، والثابتة الوحيدة ان «القوات» ستحصل على 4 حقائب»، مؤكدةً أن «القوات» ستدرس العرض الذي يقدم إليها حكومياً على أساس السلة المتكاملة».

وأوضحت سركيس «ان لا «فيتو» من «حزب الله» أو أي طرف على «القوات» لتوليها أي حقيبة، بعكس ما قاله الوزير جبران باسيل». وشددت على «أن أزمة التشكيل داخلية بحتة، ولا توجد أي كلمة سر لتغيير كلام «القوات» في موضوع التشكيل، لكن الوضع الاقتصادي ضاغط والحكومة حاجة ماسة للتخفيف من وهج الأزمة».

وأعلن عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب أنيس نصار، أنه «يبدو أنّ وزارتي العدل والشؤون الاجتماعية ونيابة رئاسة الحكومة ستكون من حصة «القوات»، لكن هذا كلام غير نهائي ولم نتسلم الصيغة النهائية بعد».

أما عضو تكتل «لبنان القوي» النائب أسعد درغام»، فأكد أن «مساحات الخلافات تضيق وصرنا في المربع الأخير من مسار التأليف، والمفاوضات تدور حول بعض الوزارات المسماة خدماتية لكنها ليست حجر عثرة على طريق التشكيل». وشدد على أن «الجميع قدم تضحيات في سبيل التسهيل، وكان لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف دور أساس وبارز في تقريب وجهات النظر بين مختلف الأفرقاء».

وعن اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري والوزير باسيل قال: «تناول البحث فيه بعض التفاصيل التي لا تزال قيد المعالجة، والمشهد يفيد بأن الحكومة ستبصر النور قبل الأحد»، مشدداً على أن «الوضع الاقتصادي بلغ مرحلة تتطلب من الجميع تقديم التنازلات والتضحيات».

وأكد عضو التكتل ذاته النائب ​فريد البستاني أن «العقدة الدرزية تم حلها»، مشيراً إلى أن «هناك تفاصيل صغيرة يتم تداولها في ما يخص التأليف».

وذكر أن «رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سيلتقيان قريباً والمسودة الحكومية هذه المرة قريبة من الواقع»، لافتاً إلى أن «​وزارة العدل​ مهمة للرئيس عون، وإذا أراد التنازل عنها فيجب أن يكون هناك شيء مهم جداً في المقابل».

وأوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب نزيه نجم أن «الرئيس الحريري يحاول تفكيك العقد الموجودة»، مشيراً إلى أن «من الممكن عندما يتوجه إلى بعبدا، أن يتوصل إلى صيغة حقيقية وتتشكل الحكومة إن شاء الله». ودعا إلى «انتظار الربع الساعة الأخير في عملية تشكيل الحكومة».

وشــــدد على أن «الوضع الاقتصادي سيئ جداً، وإذا لم تشكل الحكومة خلال أسبوعين فنحن نتجه نحو الانتحار»، معتبراً أن «على الحكومة الجديدة وقف الهدر والمحاسبة».

ولفت «لقاء النواب السنة المستقلين» في بيان بعد اجتماعه، إلى أنه «عندما يطالب بتمثيله في الحكومة، لا يضع عقبات بوجه تشكيلها، وإنما يطالب بحقه في التمثيل انطلاقاً من المعايير التي وضعت لعملية التأليف، وأي استبعاد لتمثيله هو محاولة لفرض أحادية تحمل مخاطر على مستقبل الوطن وتمنع احترام التعددية في أي مكون وطني، ونضع هذا برسم كل القوى السياسية، وفي طليعتها الحلفاء قبل الآخرين».

باسيل في مؤتمر مع الجعفري: سنقول قريباً «مبارَكَة الحكومة»

تمنى وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل للعراق «تشكيل حكومته الجديدة سريعاً ونقل عدوى التشكيل المتسارع حالياً في لبنان إلى العراق». وقال باسيل خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي إبراهيم الجعفري الذي استكمل أمس جولته على السياسيين: «من لبنان إلى العراق القوة الأكبر هي بفكر الشعب وعقله في رفض الأحادية وتأييد الحوار».

وقاطع الجعفري باسيل في كلامه وعلّق على استخدام الأخير تعبير «عدوى» بالقول: «إن العدوى تعني المرض ولا يجوز استعمال هذا المصطلح للحال الصحية الجيدة».

وتابع باسيل قائلاً: «نأمل بأن يصبح تعبيرا «اللبننة» و»العرقنة» مرادفين للسلام والحوار ونموذجا يحتذى في سورية».

وردا على سؤال عن الملف الحكومي، قال: «عدالة التمثيل تتحقق والقواعد والمعايير التي تجمع تتحقق وهذا ما يسمح للحكومة بقرار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أن تتشكل ونتمكن من اليوم من ان نقول مبروك».

وعن مطالبة «القوات اللبنانية بوزارة العدل»، قال باسيل: «إنني لا أملك الصفة ولا نحن في المكان الذي يسمح بالدخول في هذه التفاصيل لكن الصورة واضحة أمامي في هذا الإطار». وقال: «سنقول قريباً مباركة الحكومة».

وأكد الجعفري أن «التجارب في العلاقات بين العراق ولبنان جيدة والتشابهات كثيرة بين الشعبين». ولفت إلى أن «العالم كله وقف الى جانب العراق عندما رأوا أن أصوات العراق موحّدة وبذلك انسجم العراق مع حركته المحلية والدولية والاقليمية».

وتابع قائلاً: «سعيد بزيارتي لبنان لتداول الهموم والمصالح المشتركة بين البلدين في ظل التردد الرائع للشعبين إلى لبنان والعراق». وأضـــاف: «تعــافى كل من لبنان والعراق من آفة الإرهاب إلا أن وجودها في أي منطقة من العالم هو جرس إنذار يهدد العراق ولبنان».

جنبلاط: الوضع الاقتصادي فوق كل اعتبار
غرد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عبر حسابه على «تويتر» بالقول: «إن الإسراع في تشكيل الوزارة أكثر من ضروري، لأن الوضع الاقتصادي فوق كل اعتبار»، مضيفاً: «أضم صوتي إلى صوت الرئيس نبيه بري وإلى جميع الحريصين مثله».

بري: الدولة المدنية خلاصنا ويجب أن ننتهي من الدولة الطائفية

قال رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري: «لا أستطيع أن أقول أن تأليف الحكومة اللبنانية انتهى، لكن أستطيع أن أقول إن التقدم هو على قدم وساق وقريباً وعسى ولعل. صار الفول موجوداً والمكيول موجوداً، لربما إن شاء الله يتم هذا الأمر».

كلام بري جاء خلال حفلة العشاء التي أقامتها سفيرة لبنان في سويسرا رلى نور الدين وسفير لبنان لدى الأمم المتحدة في جنيف سليم بدورة، تكريماً له والوفد المرافق وحضرها عدد من أعضاء الجالية اللبنانية في سويسرا. وأضاف مخاطباً الحضور: «أنتم ونحن الآن في قطعة من لبنان. أعرف أنها تشغلكم دائماً، وهي تعيش في قلوبكم كما تعيشون انتم في قلوبنا. هذا هو الواقع ليس فقط في سويسرا بل في كل بلدان العالم. لبنان امبراطورية لا تغيب عنها الشمس انطلاقاً من الانتشار اللبناني الكبير القائم».

وتابع: «إنكم تعلمون عن الواقع اللبناني الكثير الذي هو هم كبير، إن كان من ناحية الفساد أو من ناحية النفايات أو الكهرباء أو غيرها... ولكن لنتكلم عن نصف الكوب الملآن: هذا البلد الصغير الكبير في معناه، النموذج للتعايش. هذا البلد الذي هو موحد على رغم كل الأمور التي تكلمت عنها. أضف إلى ذلك هو البلد الأوحد في الشرق الاوسط الذي استطاع أن ينتصر على إسرائيل من جهة واستطاع أن ينتصر على الإرهاب التكفيري على الحدود الشرقية، وهو الآن في معركة الانتصار على الذات. هذا الانتصار على الذات هو أولاً وثانياً وعاشراً وأحد عشر كوكباً هو عبارة عن تأليف الحكومة اللبنانية».

وزاد: « يبقى أن الأمر الأساس هو أن الاغتراب اللبناني شارك في الانتخابات والعملية السياسية، وهي ليست مجرد مشاركة في صندوق الانتخاب، هذا الأمر يوقف العد في لبنان، يعني اننا انتهينا من الحديث عن أن المسلمين أكثر أو المسيحيين أكثر. الانتشار اللبناني، هو والوجود اللبناني يجب أن يوصلانا إلى دولة مدنية. الدولة المدنية هي خلاصنا. هذا هو الواقع وليس الدولة الطائفية التي لا نزال ننعم بها بعض الأحيان. يعني بمعنى آخر ان الامر الذي يجعل لبنان هادئاً الآن هو الطائفية وهذا أمر غريب جداً، بينما الواقع هو أننا يجب أن ننتهي من هذا الأمر نحو الدولة المدنية الحديثة. وخذوا هذا المثل الموجود في سويسرا: هل الفرقاء في لبنان أكثر من الفرقاء في سويسرا؟ اكثر من ثلاث لغات، اكثر من ثلاث قوميات، اكثر من كل الامور التي رأينا ورأيتم. أنا اعتقد أننا أمام المستقبل وعلينا هذا التحدي، ولكن هذا الأمر يتوقف على استمرار العملية السياسية بين الاغتراب وبين المقيمين».

ولفت بري إلى «أننا أمام أزمة كبيرة بالنسبة إلى موضوع اللاجئين الموجودين في لبنان. كما تعلمون يوجد حوالى المليون ونصف المليون أو مليونين إضافة إلينا. والآن حتى البرلمان الدولي يتكلم عن أنه يحق للمهجرين أن يشاركوا في العملية السياسية. لبنان لم ينته من المؤامرة ولكن أؤكد لكم أننا سننتصر إن شاء الله جميعاً، مغتربين ومقيمين».

رئيس الاتحاد البرلماني الأفريقي

وكان بري تابع أمس والوفد المرافق، المشاركة في أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي على صعيد استكمال مناقشات الجمعية العامة وأعمال اللجان الدائمة. والتقى رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الأفريقي سيبريانو كاساما والأمين العام كوفي نزي، وتناول الحديث تعزيز التعاون بين لبنان والدول الأفريقية على الصعد كافة والتنسيق مع برلمانات هذه الدول، أكان في الاتحاد أم في المحافل البرلمانية الأخرى.

وقال بري بعد اللقاء: «بحثنا العلاقات بين لبنان وكل الدول الأفريقية ومع الاتحاد أيضاً. واتفقنا على خطوات وبرامج، لأن هذا الجسر الإنساني القائم بين كل بلد أفريقي ولبنان يجب أن يستخدم في كل المجالات، ليس فقط الاقتصادية وإنما الثقافية والعلاقات البرلمانية والحكومية، وفي كل المحافل الدولية والإقليمية». وأوضح أن الخطوة التالية «ستكون دعوة لهم لزيارة لبنان على الأرجح نهاية العام. وسترسل لجنة الشؤون الخارجية النيابية دعوات بهذا الخصوص».