| | التاريخ: تشرين الأول ٥, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | الحريري شبّه صيغة الأكثرية بحكومة غزة وعون لن يقبل بـ3 وزراء دولة لفريقه | معظم القيادات المنخرطة في تفاصيل الاتصالات من أجل حلحلة العقد الحكومية لم يكن يتوقع أن يخرج لقاء الرئيس المكلف تأليفها سعد الحريري مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أول من أمس بنتائج إيجابية قبيل حصول هذا اللقاء.
البعض منهم أوحى بأنه لقاء عادي ويهدف إلى إبقاء التواصل قائماً أمام الرأي العام، خصوصاً بعد عودة الرئيس عون من نيويورك، وتبديد الانطباعات بأن هناك جفاء وانقطاعاً في الاتصالات، على رغم أن رئيس البرلمان نبيه بري كان لمح في حديثه مع النواب في اللقاء الأسبوعي بأن هناك «بصيص أمل»، معولاً على تنازلات متوازنة من كل الأطراف. إلا أن توقعات الرئيس بري كانت نوعاً من «التمنيات» على ما يبدو.
المقدمات التي سبقت اجتماع الحريري بعون جعلت المكتوب يقرأ من عنوانه، ومنها مناشدة رئيس «حزب القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع رئيس الجمهورية أن يتدخل من أجل تسهيل تشكيل الحكومة.
ومع أن الحريري أعلن بعد لقائه عون أنهما اتفقا على الإسراع في تشكيل الحكومة بسبب الأوضاع الاقتصادية، وأن الأجواء إيجابية وأنه متفائل جداً، فإن مصادر وزارية تشبّه كلامه بما دأب على ترداده في كل مرة اجتــــمع إلى رئيس الجمهورية منذ تكليفه في أيار (مايو) الماضي، من باب ضخ جرعات أمل لدى اللبنانيين الذين سئموا أنباء الصراع على المقاعد والحصص الوزارية.
والمصادر إياها أوضحت لـ «الحياة» أن العقد ما زالت عند الصيغة الأخيرة التي عرضها الرئيس المكلف على عون في 3 أيلول (سبتمبر) الماضي، والتي لقيت اعتراض الأخير لا سيما بالنسبة إلى تمثيل «القوات اللبنانية»، والتي تضمنت ما بات معروفاً، أي أن تحصل «القوات» على 4 وزراء وعلى الحقائب الآتية: التربية، الشؤون الاجتماعية، العدل وأخيراً الثقافة. حين رفض عون هذا التوزيع بحجة وجوب تولي «القـــــوات» إحدى وزارات الدولة بلا حقيبة، وتحفظ على إسناد حقيبة خدماتية أساسية واحدة لـ«التـــــيار الوطني الحر»، هي وزارة الطاقة، إضافة إلى حقيبتي السياحة والبيئة، مع حصوله ورئيس الجمهورية على 3 وزارات دولة.
وقال الحريري لعون رداً على تحفظ رئيس الجمهورية في حينها: أنت قلت أن من يريد أن يعطي بخشيشاً لأحد فليعط من حسابه لا من حساب الآخرين، وأنا أتخلى عن حقيبة الثقافة لـ «القوات» وليتولاها صديقك الوزير ملحم الرياشي الذي لم يقطع الاتصال بك على رغم الخلافات. ولم يقتنع عون بجواب الحريري الذي رأى أن عدم إسناد أي حقيبة سيادية لـ «القوات» فيما يحصل الفريق الرئاسي على حقيبتي الدفاع والخارجية، ومنصب نائب رئيس الحكومة، وغيرها من الوزارات، يوجب التعويض لها بأن تحصل على حقائب عدة. ظهر التباعد بين الحريري وعون في ذلك الاجتماع بحسب قول المصادر لـ «الحياة»، أكثر وضوحاً من الاجتماعات السابقة التي عقداها، ليس فقط حول حصة «القوات» والحقائب التي يقترحها الحريري لها، بل أيضا حول الحصة الدرزية التي كرر الحريري اقتراح تخصيصها كلها (المقاعد الوزارية الثلاث) للحزب التقدي الاشتراكي، فكرر عون اعتراضه على ذلك، داعياً غلى تمثيل رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الوزير الحالي طلال أرسلان، رافضاً حصر التمثيل الدرزي بفريق واحد.
وترددت معلومات في هذا الصدد أن عون ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل يقترحان التخلي عن فكرة تمثيل أرسلان شخصيا لصعوبة ذلك واختيار شخصية درزية قريبة منه بدلاً منه، وأن أرسلان تبلغ بهذا المخرج من باسيل.
ويقول مصدر مواكب للأجواء التي أعقبت نقاش عون والحريري في شأن الصيغة التي اقترحها الأخير أن اللقاء الذي تردد أنه انعقد بعيدا من الأضواء في 22 أيلول بينهما كان يهدف إلى متابعة البحث بعيداً من ضغوط الإعلام والحملات التي طاولت الرئيس المكلف من فريق رئيس الجمهورية (وعبر تسريبات منسوبة إلى عون نفسه أيضا) محملة إياه مسؤولية التأخير في التأليف، والحملات التي طاولت رئيس الجمهورية تحت عنوان دعوته إلى تسهيل مهمة الحريري ورفض المس بصلاحياته في التأليف. وكشف المصدر لـ «الحياة» عن أن نقاشاً صريحاً حصل بين الرجلين في ذلك الاجتماع استكمالاً لاجتماع 3 أيلول.
حكومة بلا «القوات»
ومع شحة المعطيات حول ما دار فيه فإن المصدر يشير إلى أن الرئيسين تبادلا الحجج في اجتماعي 3 و22 أيلول. وقال لـ «الحياة» إن الرئيس عون فاتح الحريري بفكرة حكومة الأكثرية وتحديداً من دون «القوات اللبنانية» فكان جواب الرئيس المكلف أنها ستكون أشبه «بحكومة غزة» التي تنفرد فيها حركة «حماس» بإدارة قطاع غزة. وقصد الحريري بهذا التشبيه بأن حكومة كهذه ستتعرض للحصار والمقاطعة أسوة بحكومة القطاع.
وأوضح المصدر لـ «الحياة» أن الحريري أكد أن تمثيل النائب وليد جنبلاط في الحكومة من دون «القوات» لن يشكل غطاء كافياً يحول دون اتخاذ موقف خارجي ضدها، هذا فضلاً عن أن استبعاد «القوات» من قبل رئيس الجمهورية ليس لمصلحة العهد خصوصاً أنها كانت شريكاً أساسياً في إيصاله إلى سدة الرئاسة. إلا أن عون أجاب وفقالمصدر، بأن «ما يصرح به بعض قادة «القوات» ومنهم النائب السابق أنطوان زهرا يشير إلى أنهم لم يكونوا متحمسين لتأييدي، ما اضطر الحريري إلى القول له إن المعطيات التي لديه هي أن زهرا كان أول من صوت في الهيئة التنفيذية لـ «القوات» مع تبني ترشيحك «وفي كل الأحوال لست هنا لأدافــــع عن القوات لكن لا غنى عن إشراكها في الحكومة». لكن النقاش انتهى عند إصرار عون على أن تسند لأحد الوزراء الأربعة القواتيين وزارة دولة بدلاً من حقيبة العدل، الأمر الذي رفضه الدكتور سمير جعجع. لكن الأمر لم يقتصر عند هذا الحد لأن الوزير باسيل عاد فأبلغ الحريري بأن «التيار» على موقفه بأن تحصل «القوات» على 3 وزراء فقط، خلافاً لتمسك الحريري بالصيغة التي قدمها.
وذكر المصدر أن باسيل أكد أصر على مطلبه القديم، أي حصول تياره على 6 وزراء بينهم الدرزي الثالث الذي يسميه أرسلان، و5 وزراء لرئيس الجمهورية، ما يعني حصول فريقه على الثلث زائد واحد، الأمر الذي يقود إلى إعطاء الثلث المعطل لهذا الفريق وهو مرفوض من فرقاء كثيرين، بدءاً بالحريري انتهاءً بالثنائي الشيعي. وهذا ما دفع إلى القول في الأسبوعين الماضيين أن الأمور عادت إلى المربع الأول، و»القوات» للعودة إلى مطلبها الحصول على 5 وزراء وفق نتائج الانتخابات النيابية.
وفي رأي المصدر نفسه أن هذا الحوار يدل، على رغم استمرار وجود عقدة التمثيل الدرزي، أن العقدة الأساس تتعلق بالصراع بين «التيار الوطني الحر» و»حزب القوات اللبنانية» على التمثيل المسيحي، تارة يكون حول حصة الأخير وأخرى على الحقائب التي يمكن أن تحصل عليها وثالثة حول الإثنين معا. وتقول مصادر نيابية إن التمثيل الدرزي سيحل بعد معالجة العقدة الأساس وأن رئيس «الاشتراكي» وليد جنبلاط منفتح على صيغة لتسمية الوزير الدرزي الثالث ليكون وسطيا لا ينتمي إليه أو لأرسلان، على أن يتولى الرئيس بري المساعدة في اختياره بالتنسيق معه.
لكن المصدر ينهي سرده للوقائع التي سبقت لقاء عون - الحريري أول من أمس بالقول إن ما يحصل له علاقة بحسابات فتح المعركة الرئاسية المبكر نتيجة طموحات باسيل بأن يتحول الرقم الصعب فيها، مع رهانه على التبدلات في الوضع الإقليمي. | |
|