التاريخ: أيلول ٢٠, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
مصير هدنة إدلب مرتبط برد المتشدّدين
أنقرة - رويترز
يرتبط مصير الاتفاق الروسي - التركي لتلافي هجوم النظام السوري على محافظة إدلب (جنوب غربي سورية)، برد فعل المسلّحين المتشددين في المنطقة، وقد ينهار سريعاً إذا لم تستطع جهود روسيا وتركيا المشتركة أن تفرض الخطة على الجماعات الإسلامية.

ودعت أنقرة منذ شهور، الى حملة محدّدة تستهدف الإرهابيين الذين يسيطرون على مناطق من إدلب، بدلاً من هجوم واسع النطاق على منطقة يسكنها أيضاً نحو ثلاثة ملايين مدني وعشرات الآلاف من مسلّحي المعارضة الذين تدعمهم تركيا.

ويمنح الاتفاق الذي أُعلن في سوتشي بعد محادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أحد داعمي حكومة دمشق، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تركيا فرصة تحويل هذا المقترح إلى أمر واقع.

لكن الوقت ضيق، إذ يريد الزعيمان إقامة منطقة منزوعة السلاح بحلول منتصف الشهر المقبل، ومن غير الواضح كيف سيطبقان خطتهما. وقال بوتين عند إعلانه عن الاتفاق، «إن المتشددين سينسحبون وسيتم سحب الأسلحة الثقيلة منهم ومن غيرهم من الجماعات المعارضة». ولم يحدد الرئيس الروسي كيف سيجري إقناع الجماعات المتطرفة بالتعاون أو أين قد يتم إرسالها.

ولتركيا 12 موقعاً عسكرياً في منطقة إدلب، وأعلنت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أنها ستعزل «الجماعات الإرهابية» عن «مسلحي المعارضة المعتدلين» هناك. لكن بعد مرور نحو عام، لم يتحقق تقدّم يذكر في هذا الصدد، ويقول محللون إنه لم يتضح كيف سيغير اتفاق أمس الصورة.

وقال متين جورجان، وهو محلل أمني وضابط تركي متقاعد: «هذا احتمال ضئيل للغاية»، مضيفاً أن الإرهابيين «لن يقتنعوا إلا من خلال استعراض القوة وليس الحوار».

وأقوى مجموعة معارضة في إدلب هي تحالف «هيئة تحرير الشام» الذي يضم جماعات إسلامية مؤلفة من مسلحين سوريين وأجانب، وتهيمن عليه «جبهة النصرة» التي كانت تابعة للقاعدة.

وحدد بوتين «النصرة» باعتبارها واحدة من الجماعات التي ستستهدفها الإجراءات، لكنه وأردوغان لم يحددا من الجماعات الإسلامية الأخرى التي ستطبق عليها الإجراءات.

وقال ديبلوماسي يتابع الشأن السوري، إن اتفاق سوتشي «لن يساهم سوى في استقرار الوضع في إدلب لبضعة شهور». وأضاف: «الأمر لا يعدو كونه تأجيلاً للمسألة التي لا يوجد لها حل واضح».

بالنسبة الى الإرهابيين الأجانب، فإن إدلب هي آخر ملاذ في سورية بعد أن تمكن الرئيس السوري بشار الأسد، بمساعدة حليفتيه روسيا وإيران، من قلب دفة الحرب لمصلحته وطرد معارضيه من الجيوب المتبقية في المناطق الجنوبية والغربية من البلاد.

وقال سنان أولجن وهو ديبلوماسي تركي سابق ومحلل لدى مركز كارنيغي في أوروبا: «المشكلة الأساسية هي المسلحون الأجانب لأنه لم يعد لديهم مكان يلجأون إليه». وذكر أولجن أن تركيا تعلق آمالها في ما يبدو على الانقسامات المحتملة بين الأصوليين، وتتوقع أن المسلحين السوريين سيكونون أكثر ميلاً الى تسليم سلاحهم من الأجانب. وأضاف: «المبدأ الأساس هو فرق تسد، محاولة التفرقة على مستوى جذري، قد يكونون جميعهم إرهابيين، لكن ربما تكون ميولهم مختلفة في ما يتعلق بنزع السلاح». وقال مصدر بالمعارضة في إدلب، إن هناك وجهات نظر مختلفة داخل تحالف «تحرير الشام» في شأن إمكانية التعاون. ويقول المصدر إن موقف «تحرير الشام» مهم لأن التحالف يملك ما يكفي من النفوذ لفرض إرادته على مسلحين أصوليين آخرين في إدلب، بمن فيهم الأجانب إذا توصل مجلسه للشورى الى قرار في شأن المسألة. ويضيف: «إذا أبرم اتفاق بين (تحرير الشام) وتركيا فستمضي المسألة بسهولة».

وصنفت تركيا «الهيئة» منظمة إرهابية الشهر الماضي، لكن المصدر قال إن ثمة مؤشرات إلى أن تركيا و(تحرير الشام) «قد يتعاونان على الأرض»، لافتاً إلى «السهولة التي تمر بها القوافل التركية عبر إدلب».

وقال الموفد الدولي الى سورية إنه يعتقد أن هناك نحو عشرة آلاف من مقاتلي «النصرة» في إدلب. وهناك جماعات إسلامية وفصائل تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر. وبدعم من تركيا، انضوت هذه المجموعات تحت لواء «الجبهة الوطنية للتحرير». وذكر جورجان أن اتفاق سوتشي ضمن لتركيا متنفساً حتى 15 الشهر المقبل، وهو موعد تنفيذ الاتفاق، لكن روسيا لن تحجم إلى الأبد عن التعامل مع منطقة سبق ووصفتها بأنها «وكر للإرهابيين». وقال: «اشترت أنقرة شهراً من الوقت وروسيا منحتها هذه المهلة. لكن موسكو تقوم بذلك للمرة الأخيرة. كيف ستستغل أنقرة هذا الشهر؟».