| | التاريخ: أيلول ١٨, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | ملاجئ تحت الأرض تحمي سكان إدلب من غارات الطيران السوري والروسي | نجا عبد المنعم شيخ جاسم مع عائلته من غارات الطيران على إدلب حتى الآن بفضل ملجأ حفره تحت الارض... ومع تزايد الاستعدادات لهجوم شنّه قوات النظام على المحافظة الواقعة في شمال غرب سوريا، يعمل رب العائلة على توسيع الملجأ وتجهيزه لمواجهة المرحلة الصعبة.
وليس عبد المنعم وحده من يحفر "مغارة" قرب منزله، كما يسمي سكان إدلب هذه الملاجئ. فكثيرون يعملون بكد لتجهيز المغاور للاحتماء فيها من غارات الطيران السوري والروسي.
وتفيد معلومات "المرصد السوري لحقوق الانسان" أن نحو 50 قتيلاً سقطوا منذ منتصف آب في القصف الجوي والمدفعي الذي استهدف محافظة إدلب والمناطق المجاورة حيث تنتشر "هيئة تحرير الشام" وفصائل أخرى مقاتلة معارضة للنظام.
وصرح عبد المنعم (55 سنة)، وهو والد لأربع بنات وصبيين، في قرية كفرعين في ريف إدلب الجنوبي: "منذ نحو عشرة أيام، عدنا الى الحفر في المغارة لتوسيعها، كما نقوم بتجهيزها في حال عودة القصف مجدداً". وأضاف عبد المنعم الذي كان يعمل في السابق سائق شاحنة: "نقوم بتوسيع المغارة وطلائها، كما بنينا درجا لتسهيل الدخول والخروج".
وتقع المغارة في حديقة منزله، ومدخلها غير واضح المعالم وسط أشجار. وهو يؤكد أنه نجا مع عائلته من موت محقّق لأنهم كانوا داخل المغارة عندما دمّر برميل متفجر المنزل، قائلاً: "البرميل المتفجر سوى البيت بالارض تماماً، ونحمد الله على أن أحداً منا لم يصب لأننا كنا في المغارة".
ويحفر عامل متقدم في السن مع أربعة من أولاده الشبان داخل المغارة بناء على طلب عبد المنعم، وهم يكتفون بالضوء الخفيف المتسرب من مدخلها.
وقال عبد المنعم الذي ارتدى جلابية: "أنا خوفي هو على الأولاد. والشعور بالخوف أمر طبيعي خصوصاً لمن لديه عائلة وأولاد".
وفي سوريا التي مزقتها حرب أوقعت منذ العام 2011 أكثر من 360 ألف قتيل، تتعرض محافظة إدلب للقصف على نحو شبه دائم. ويعتمد الكثير من السكان في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة في محافظة إدلب والمناطق المجاورة، الاستراتيجية نفسها. فقد أقاموا مستشفيات وأحياناً مدارس تحت الأرض، الى الملاجئ قرب المنازل لحماية عائلاتهم من القصف.
وفي 8 أيلول، أصيب مستشفى ميداني تحت الأرض بأضرار نتيجة غارة جوية استهدفته في بلدة حاس بمحافظة إدلب، استناداً إلى المرصد السوري.
إلا أن الغارات الجوية تراجعت خلال الأيام الاخيرة. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة أن لا تحضيرات لعملية عسكرية واسعة قريبة في إدلب.
وتفيد الامم المتحدة أن نحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم من النازحين، يعيشون في محافظة إدلب وبعض المناطق المجاورة في محافظات حماه وحلب واللاذقية.
وتتقاسم "هيئة تحرير الشام" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" السيطرة على هذه المناطق مع فصائل اخرى مسلحة معارضة.
وخلال جولة العنف الاخيرة، أجبر أبو محمد (25 سنة) على البقاء عشرة أيام داخل المغارة مع عمه وأبناء عمه في جنوب محافظة إدلب. وعملت العائلة على بناء هذا الملجأ منذ السنوات الاولى للحرب. وقد دعّمت الجدران والأرضية بالإسمنت، في حين بقي قسم من أرض الملجأ من الصخر.
وتوزعت في هذه المغارة التي تنار بواسطة مصباح صغير، الفرش وكراسي البلاستيك والمراوح. ويشاهد في إحدى زواياها بعض أصناف الطعام، إضافة الى أوعية جمعت فيها المياه.
وروي أبو محمد أنه "خلال الفترة الأخيرة، اشتد القصف على المنطقة لأنها على الحدود مع مناطق النظام في ريف حماه الشمالي... سارعنا الى تنظيف المغارة من جديد ووضعنا فيها بعض المؤن وكل ما يمكن ان نحتاجه لتجنب الخروج خلال فترات القصف".
وجلس عم أبو محمد أمام منزله محاطا ببعض الزوار يحتسون الشاي.
وقال الطفل عمران البالغ الثمانية أعوام، وهو إبن عم أبو محمد، إنه لم يذهب الى المدرسة خلال الأيام العشرة الأخيرة. وأضاف: "العديد من رفاقي أصيبوا بجروح وبعضهم قتل. كل ما أتمناه هو أن أتمكن من الذهاب الى المدرسة يومياً لتعلّم القراءة والكتابة".
أ ف ب | |
|