| | التاريخ: أيلول ١٥, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | واشنطن تدفع باستراتيجية "اقتلاع" إيران من سوريا | جنيف – موسى عاصي
لم تأت المجموعة الدولية المصغرة التي تضم كلاً من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والمملكة العربية السعودية ومصر والاردن، الى جنيف لمناقشة ملف تشكيل اللجنة الدستورية، كما كان خطط لذلك المبعوث الأممي ستافان دو ميستورا، ولا لمناقشة وضع ادلب التي تقترب من عين العاصفة الروسية، وإنما كان هدفها الوحيد ايصال رسالة واضحة الى المبعوث الأممي وعبره الى الروس والايرانيين، وكذلك الى الحكومة السورية، مفادها ان الانتصارات العسكرية لحلف موسكو – طهران – دمشق، لا ترجمة لها في قاموس المجموعة في مستقبل الحكم في سوريا.
هذه المجموعة، التي سربت قبل 24 ساعة من لقاء جنيف مع دو ميستورا ورقة بعنوان "اعلان مبادئ"، أوردت "النهار" نسخة منها في موقعها الالكتروني، وضعت شروط الاستقرار في سوريا، بصرف النظر عما ستؤول اليه معركة ادلب ومصير المدينة، وتحدثت في مرحلة لاحقة عن حكومة سورية تقطع العلاقات مع ايران ولا "تعتدي على جيرانها" (المقصود هنا اسرائيل في الدرجة الأولى) والحكم فيها يعود الى رئيس الوزراء وليس الى الرئيس، كما جاء في الورقة.
كما تحدثت عن شرط دعم عملية اعادة الاعمار بتطبيق "اصلاح سياسي ودستوري وتغيير شامل"، من غير أن تأتي على ذكر مصير الرئيس السوري بشار الأسد. والى ان تصل الأمور الى خواتيمها بانتخابات وحكومة جديدة بعد تطبيق الاصلاحات، قررت هذه المجموعة مواصلة دعم "المناطق المحررة"، من دون ايضاح ما اذا كانت ادلب ضمن هذه المناطق أو ان الأمر يتعلق فقط بالمناطق الشمالية التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة.
ورؤساء اوساط ديبلوماسية في جنيف أن اللمسات الاميركية واضحة في صياغة هذه الوثيقة، وهي تعكس، خصوصا في مطلب قطع العلاقات مع ايران، رؤية اميركية جديدة عبرت عنها ادارة الرئيس دونالد ترامب مراراً خلال الاسابيع الأخيرة، مفادها ان الهدف الجديد للولايات المتحدة هو "اقتلاع" ايران من سوريا نهائياً، بعدما كان هدفها في السابق ابعاد "الخطر الايراني" عن الحدود الحنوبية منعا لتهديد اسرائيل.
وفيما لم يصدر أي تصريح أو بيان عن اجتماع هذه المجموعة، الذي يأتي بعد يومين فقط من لقاء فاشل للمجموعة الثلاثية الضامنة (روسيا وتركيا وايران) مع دو ميستورا، قالت أوساط مقربة من الأمم المتحدة، ان الأمور زادت تعقيداً بالنسبة الى المبعوث الأممي "الذي كان يحاول احراز تقدم في ملف تشكيل اللجنة الدستورية قبل جلسة مجلس الأمن في 18 أيلول الجاري، والتي تأتي قبل اسبوعين فقط من نهاية ولاية دو ميستورا. وسبب التعقيد اعتبار المبعوث الاممي ان ورقة المبادئ أخرجت النقاش من ملف تشكيل اللجنة الدستورية الى مكان آخر، خصوصا أن الورقة تتضمن مواقف سياسية متقدمة جدا عن المواقف السابقة لهذه المجموعة ولا سيما منها مطلب قطع العلاقة بين سوريا وايران.
وفي المقابل، علمت "النهار" ان أجواء الجانب الروسي في جنيف توحي بأن موسكو منحت أنقرة مهلة زمنية "غير محددة" ولكن في الوقت نفسه "غير مفتوحة" لحسم أمر فصل المجموعات الارهابية في ادلب عن المجموعات المسلحة "المعتدلة".
وقالت أوساط مقربة من الجانب الروسي ان ما طرح في الاعلام خلال الايام الاخيرة عن طلب الاتراك مهلة ستة أشهر للقيام بالمهمة في ادلب "أمر غير مقبول لدى موسكو" التي تصر على "وضع حد نهائي وسريع للمجموعات الارهابية". وتوقعت ان تتضح صورة "المهلة" المحددة للجانب التركي الاثنين المقبل بعد الاجتماع الثنائي بين الرئيسين التركي رجب طيب اردوغان والروسي فلاديمير بوتين في سوتشي.
كما علمت "النهار" أن ضابط ارتباط روسياً كبيراً، كان يقيم سابقا في جنيف، موجود منذ أشهر عدة في محيط مدينة ادلب حيث يعقد لقاءات مكثفة مع قادة مجموعات عسكرية أدلبية لحضها على الدخول في منطق المصالحات واخراجها من المعادلة العسكرية.
لافروف
وفي برلين، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال منتدى الماني- روسي، إن النظام السوري لا يستعد لشن هجوم واسع النطاق على محافظة ادلب، وإن موسكو ستبذل كل ما في وسعها لحماية المدنيين. واضاف: "ما يجري تصويره حاليا على أنه بداية لهجوم للقوات السورية بدعم من روسيا لا يمثل الحقيقة". ولفت الى أن "القوات السورية ونحن انفسنا لا نقوم إلا بالرد على هجمات من منطقة ادلب".
وأكد لافروف اهتمام روسيا بأحوال المدنيين، قائلاً: "سنهتم بهذه المسائل وسنقيم ممرات إنسانية ومناطق وقف نار، ونحن نبذل كل ما في وسعنا لضمان عدم معاناة السكان المدنيين". | |
|