التاريخ: أيلول ٥, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
موسكو تتحدى ترامب بعشرات الغارات على إدلب
موسكو - سامر إلياس
أبو ظبي، لندن، جنيف، أثينا - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - غداة تحذير الرئيس الأميركي دونالد ترامب من هجوم «متهور» على محافظة إدلب (شمال غربي سورية)، شنت مقاتلات يُرجح أنها روسية عشرات الغارات، استهدفت للمرة الأولى منذ 22 يوماً بلدات إدلب وقراها، المعقل الأخير للمعارضة السورية.

إلى ذلك، استهدفت غارات، أعلن النظام السوري أنها إسرائيلية، مواقع عسكرية في محافظتي طرطوس وحماة مساء أمس. ونقلت وكالة «سانا» الرسمية عن مصدر عسكري أن «منظومات الدفاع الجوي تصدت لعدوان إسرائيلي بطائرات تسللت على علو منخفض من غرب بيروت واتجهت شمالاً مستهدفة بعض مواقعنا العسكرية في طرطوس وحماة». وأكد «التعامل مع الصواريخ المعادية وإسقاط بعضها وإرغام الطائرات المهاجمة على الفرار»، لكن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أكد أن «الغارات الإسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية إيرانية». ونقلت «سانا» عن مصدر طبي قوله إن «قتيلاً سقط وجُرح 4 مدنيين إثر العدوان».

وكان ترامب غرّد على تويتر قائلاً: «على الرئيس بشار الأسد ألا يهاجم في شكل متهوّر إدلب... سيرتكب الروس والإيرانيون خطأ إنسانياً جسيماً إذا شاركوا في هذه المأساة الإنسانية المحتملة».

وسارعت روسيا إلى رفض الرسالة الأميركية، وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن «توجيه تحذيرات من دون الأخذ في الاعتبار الوضع الكامل في سورية الذي يعد خطراً جداً وذا أبعاد سلبية، لا يعد على الأرجح منهجاً شاملاً»، مشدداً على وجود عدد كبير من المسلحين في إدلب «يقوض عملية السلام السورية ويجعل المنطقة قاعدة للهجمات على القوات الروسية في سورية». وأكد أن موسكو على علم بأن «القوات السورية مستعدة لحل هذه المشكلة».

وفي حين حذر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جونيف دانفورد من «عمليات عسكرية كبرى نتوقع معها كارثة إنسانية، نريد أن نتجنبها»، أظهر انفتاح واشنطن على «عمليات مصّممة خصيصاً ضد المتشددين».

وفي ما بدا تخفيفاً للتصعيد الإيراني، قبل قمة «ضامني آستانة» في طهران الجمعة المقبل، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن بلاده تبذل جهوداً لإخراج المسلحين من إدلب بـ «أقل خسائر بشرية»، موضحاً في تصريحات إلى التلفزيون الرسمي أن «الوضع في إدلب حساس. جهودنا تنصب على إخراج الإرهابيين بأقل خسائر بشرية».

ودخل الموفد الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، على الخط، معوّلاً على الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان لـ «إيجاد صيغة تضمن منع كارثة في إدلب». وشدد خلال مؤتمر صحافي في جنيف أمس، على أهمية المحادثات بين بوتين وأردوغان لتجنب العمل العسكري، معتبراً أن روسيا وتركيا قادرتان على إنهاء الأزمة في إدلب بمكالمة هاتفية حتى قبل انعقاد قمة طهران. وقال: «لا نريد أن يتكرر في إدلب ما حدث في مناطق حلب والرقة والغوطة. نحن مستمرون في الدعوة والأمل بأن نتجنب معركة ومنح مزيد من الوقت للمفاوضات بين روسيا وتركيا كونهما اللاعبين الأساسيين ويملكان المفاتيح لمعالجة المشكلة». وأكد أن 3 ملايين شخص يعيشون في إدلب يجب ألا يؤخذوا بذنب بضعة آلاف من إرهابيي «جبهة النصرة» هناك.

ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان إلى إبقاء الباب مفتوحاً أمام التوصل الى حل سياسي لتفادي «وضع مأسوي» في إدلب. وقال لوكالة «فرانس برس» خلال زيارة أبوظبي: «النظام (السوري) وداعموه يشعرون بأنهم انتصروا في الحرب»، لكن «الحرب لا يمكن الفوز بها إذا لم يتم التوصل إلى سلام». وأضاف: «من المهم أن تكون الدعوات موجهة نحو التفاوض وليس المواجهة، وإلا سنتجه نحو وضع مأسوي».

في المقابل، رجح وزير المصالحة السوري علي حيدر خيار الحل العسكري في إدلب، مستبعداً التهدئة من طريق «المصالحات»، على غرار مناطق أخرى سورية. وقال في تصريحات نقلتها وكالة «سبوتنيك» الروسية: «إدلب تختلف عن بقية المناطق نظراً إلى العدد الكبير من المسلحين حيث كانت الملاذ الأخير لهم، كما أنها ساحة تحاول تركيا عدم التخلي عنها، وبالتالي هناك عوامل تعطل إنجاز المصالحات».

وأفادت مصادر في المعارضة أمس بسقوط 18 قتيلاً بينهم 9 أطفال، إثر 40 غارة شنتها مقاتلات يرجح أنها روسية على جسر الشغور وقرى، قرب المثلث الخاضع لقوات المعارضة بين محافظات إدلب وحماة واللاذقية.

واعتبر مصدر بارز في المعارضة أن «الاستهداف الروسي يأتي في إطار خطة متدرجة لعملية محدودة من أجل السيطرة على مناطق حيوية للروس والنظام في جسر الشغور وشمال اللاذقية وشمال شرقي سهل الغاب، القريبة من القواعد الروسية وخزان النظام البشري وقاعدته الشعبية». وقال المصدر لـ «الحياة» إن «روسيا وإيران لن تغامرا بتدمير مسار آستانة والقطيعة مع تركيا بشن حملة برية واسعة تستهدف كل إدلب»، مقللاً من أهمية «تحذير ترامب الذي جاء متأخراً وضعيفاً».