| | التاريخ: آب ٣١, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | معركة إدلب بانتظار حسم موعدها | موسكو - سامر إلياس
على وقع تحذيرات دولية من « كارثة محققة» في إدلب، رجحت مصادر روسية وأخرى في المعارضة السورية أن «معركة محدودة في إدلب باتت في انتظار تحديد ساعة الصفر»، وسط تقديرات بأن تمهد المعركة لتسويات وتفاهمات إقليمية ودولية.
وفي حين حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغرب من «اللعب بالنار» في المحافظة، كشفت وزارة الدفاع الروسية عن مناورات ضخمة بمشاركة 25 قطعة بحرية و30 طائرة، بينها قاذفات استراتيجية تستطيع حمل قنابل نووية، فيما شدد وزير الخارجية السوري وليد المعلم على أن النظام سيواصل «تحرير كامل التراب السوري»، مستدركاً أن «الأولوية للمصالحات»، ما يناقض ما نقلته وكالة «رويترز» في وقت سابق عن مسؤول في التحالف الإقليمي الداعم للنظام، من أن «اللمسات الأخيرة للمرحلة الأولى (الهجوم على إدلب) ستكتمل في الساعات المقبلة»، كاشفاً أن «الهجوم سيستهدف في البداية الأجزاء الجنوبية والغربية من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، وليس مدينة إدلب ذاتها».
وفيما واصل النظام والمعارضة حشد قواتهما على خطوط التماس، توقع القائد العام لحركة «تحرير الوطن» العقيد فاتح حسونة، أن يشن النظام السوري «هجوماً محدوداً على محاور محددة، مدعوماً من روسيا، بغية معرفة ردود الفعل حول ذلك»، لافتاً في اتصال أجرته معه «الحياة»، إلى أن «هناك حراكاً تركياً ناشطاً لمنع هذه المعركة، من خلال التوصل إلى تفاهم تركي- روسي على وضع إدلب قد يوقف نيات روسيا والنظام شن الهجوم». وأوضح: «سيكون لأميركا تأثير كبير على بدء معركة إدلب واستمرارها في حال وجهت ضربات صاروخية للنظام وللقواعد الإيرانية في سورية». وأكد القائد العسكري الذي انشق عن النظام، استعداد الفصائل لـ «خوض معركة الدفاع عن المدنيين في إدلب، وفتح معارك باتجاهات أخرى لن تكون سهلة النتائج على النظام».
وفي حين رفض حسونة الحديث عن المناطق التي يمكن أن تتعرض لهجوم من النظام، رجح قائد ميداني في إحدى فصائل الجيش الحر المنتشرة في إدلب، أن «النظام والروس سيسعون إلى مهاجمة ريف اللاذقية الشمالي ومدينة جسر الشغور والمناطق الشمالية الغربية في ريف حماة»، مشيراً في اتصال أجرته معه «الحياة»، إلى أن النظام والروس «يدركون صعوبة المهمة التركية في إقناع هيئة تحرير الشام حل نفسها، لكنهم يريدون استخدامها ذريعة من أجل فتح المعركة». ولم يستبعد أن «يتفاهم الروس والنظام في نهاية المطاف مع النصرة لنقلهم، بعد توجيه ضربة للبنى التحتية لمقاتلي الجيش الحر، إلى مناطق في البادية أو ريف حلب، ليكونوا إما في مناطق معزولة أو في مواجهة مع الوحدات الكردية». وشدد على أن «الفصائل جاهزة لصد العدوان، ووضعت خططاً لهجوم مضاد في أكثر من جبهة ستكون مؤلمة للروس والنظام».
وقال مصدر روسي مطلع إن «موسكو تشجع على إطلاق معركة تحريك محدودة شرط ألا تكون واسعة، ولا تستهدف النقاط التركية، وألا تتسبب في حركة نزوح كثيفة إلى تركيا». وأوضح لـ «الحياة» أن «أوساطاً في موسكو ترى أن عملية محدودة تساعد تركيا في تسريع إنجاز مهمتها في الفصل بين إرهابيي النصرة والفصائل المعتدلة، ولهذا اقترب تحديد ساعة الصفر للمعركة، بعد إخطار الجانب التركي». ومع إشارة المصدر إلى صعوبة المهمة، قال إن «موسكو تفضل أن يُحسم موضوع النصرة قبل القمة الثلاثية المنتظرة في 7 أيلول (سبتمبر) بين قادة البلدان الضامنة في آستانة حتى تعطي زخماً إضافياً لجهودها في موضوع عودة اللاجئين وإعادة الإعمار في سورية».
وفي ظل زيادة المؤشرات إلى قرب معركة إدلب، ومع أنباء عن تعزيز تركيا الرقابة على حدودها بإرسال قوات خاصة إضافية إلى حدود ولاية هاتاي والحدود مع إدلب، قال المبعوث الأممي لتسوية الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا، إن من الأفضل إقامة ممر إنساني لإجلاء المدنيين بدلاً من الدخول في معركة قد تتحول «كارثة محققة». وقال إن «تجنب الاستخدام المحتمل للأسلحة الكيماوية أمر جوهري بالتأكيد»، لافتاً إلى أن لدى الحكومة و «النصرة» القدرة على إنتاج غاز الكلور في شكل سلاح». وتتهم روسيا والنظام «الخوذ البيض» بالإعداد لمسرحية استخدام الأسلحة الكيماوية لاستغلالها ذريعة لتوجيه ضربة لدمشق.
وفي تكرار مطابق لما قاله النظام قبل مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية قبل خمس سنوات، قال المعلم أمس إن «المخابرات البريطانية والخوذ البيض خطفوا 40 طفلاً في إدلب من أجل الإعداد لمسرحية الكيماوي»ـ وقبلها بساعات، حذّر سفير روسيا لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف، من «هجوم غير مشروع ولا أساس له على سورية»، فيما كشفت وزارة الدفاع الروسية عن إجراء مناورات ضخمة قبالة شواطئ سورية بداية الشهر المقبل.
وفي حين قال الكرملين إن إدلب بؤرة للإرهابيين، واستمرار هذا الوضع لن يكون جيداً، برزت مؤشرات إضافية إلى تراجع في موقف هيئة تحرير الشام، ونقلت وكالة «إباء» التي تنشر أنباء «داعش» و «النصرة»، إن «موضوع حل الهيئة، إن صح، هو أمر داخلي يناقش داخل مجلس شورى الهيئة... وليس عبر إملاءات داخلية أو خارجية». وفي خطوة تُبقي الباب موارباً، قالت الوكالة: «نحن في هيئة تحرير الشام نسعى جاهدين للوصول إلى حل ناجع في الشمال المحرر يحفظ أهلنا من عدوان محتمل للنظام المجرم وحلفائه».
| |
|