| | التاريخ: آب ٢٩, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | «طوارئ» في الجزائر بعد «الكوليرا»: عزل للمصابين وتخبط خارج المستشفيات | الجزائر - عاطف قدادرة
تطل إكرام (17 عاماً) عبر نافذة حديدية لـ «مستشفى بوفاريك» في محافظة البليدة (شمال الجزائر) وهي تلوح لوالدها علي، من دون أن يتمكن من لقائها مباشرة، فهي تحمل إصابة مؤكدة لفيروس «الكوليرا»، وتعتبر واحدة من عشرات المصابين «المحتجزين» في المستشفى منذ خمسة أيام، في خطة حكومية لمحاصرة الوباء، وسط انتقادات حادة لها بـ «سوء التعامل مع الكارثة الصحية».
وتجمع إدارة «بوفاريك» أكثر من مائة مصاب بوباء «الكوليرا»، بينهم حوالى أربعين مصاباً في شكل أكيد بعد التشخيص الطبي. وفي إجراء وقائي منعت إدارة المستشفى الزيارات عن المرضى نهائياً، أما فسحتهم فهي عبر رواق مغلق بمنفذ حديدي.
ويقول علي لـ «الحياة»، صاحب الـ47 عاماً وهو يقطن بحي بوعرفة في محافظة البليدة (غرب العاصمة) التي عرفت أكبر انتشار للحالات المصابة، أن «ابنته إكرام أصيبت بإسهال حاد وفقدان للوعي منذ مساء الخميس الماضي».
وتابع: «صبيحة الخميس كنت أتابع صدفة مؤتمراً إعلامياً لمسؤول الوقاية في وزارة الصحة، عندما أعلن للمرة الأولى تشخيص وباء الكوليرا في البليدة»، حينها قررت العائلة نقل ابنتها إلى المستشفى وتبين فعلاً إصابتها بالداء.
واعتبرت الجزائر الإعلان عن الوباء رسمياً «شجاعة سياسية»، وفق تعبير مسؤول مختبر «باستور» الحكومي، الذي صدرت من مختبراته تأكيدات وجود «الكوليرا» في خمس محافظات على الأقل في الوسط الجزائري (البليدة، تيبازة، الجزائر العاصمة، والبويرة).
وأمس، توفيت ثالث حالة مصابة بالوباء وفق إدارة «مستشفى بوفاريك». وأعلنت الإدارة أن «سيدة مصابة توفيت بالداء بسبب مرضها المسبق بالعجز الكلوي»، في حين أكدت وزارة الصحة في آخر إحصائية نشرت صباح أمس، «تأكيد 56 حالة إصابة من بين 161 حالة استقبلتها المستشفيات منذ خلال الشهر الجاري».
وحددت الوزارة نطاق الإصابات وفق المحافظات كالتالي: «3 حالات في البويرة، 30 في البليدة، 12 في تيبازة، حالة واحدة مؤكدة في المدية، وحالتين في عين الدفلى».
وخارج أسوار المشافي، تحاول أوساط حكومية مرتبطة بوزارة الصحة، رد الإنتقادات الكثيرة الموجهة لوزارة الصحة، فالحكومة لم تستطع إقناع الجزائريين أن مياه الحنفيات خالية من الوباء، ما خلق حال اندفاع لشراء المياه المعدنية، ثم ندرتها في الأسواق.
وأعلن مسؤول حكومي مساء الأحد، أن الحكومة اكتشفت مصدر الوباء وحددته في نبع مائي في قرية حمر العين في تيبازة (غرب العاصمة)، لكن المشاهد الأولى التي نقلتها قنوات تلفزيونية، أظهرت أن نبع «سيدي الكبير» مجرد ينبوع صغير يصب في مجرى لا يتجاوز نطاقه حدود القرية.
ويقول جمال بوشواطة، وهو أحد سكان بلدة حمر العين لـ «الحياة»، إن «التشخيص الوزاري مغلوط تماماً، فلم يصب من القرية إلا فرد واحد، ونحن نشرب من مياه المنبع لليوم الثالث على التوالي بعد إعلانه مصدراً للوباء». وتحدى سكان البلدة قوة محلية استقدمت جرافات وردمت مصب المنبع الطبيعي في شكل «موقت».
وتفاقمت التبعات على الحكومة الجزائرية، بعد إعلان انتشار الوباء النادر على أراضيها، إذ أعلنت الخارجية الفرنسية تحذيرات لرعاياها القاصدين للجزائر، وكذلك فعلت كتابة الدولة الأميركية.
وانتقلت جدلية المرض إلى قطاع التربية، بإعلان نقابات عن تحفظها الإبقاء على موعد الدخول المدرسي المقرر في 5 أيلول (سبتمبر) المقبل، لكن وزيرة القطاع تحدت خصومها، وأعلنت الإلتزام بالمواعيد المحددة «لأن الوزارة اتخذت كل الاحتياطات لحماية التلاميذ». | |
|