التاريخ: آب ٢٨, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
أوساط الحريري: هناك صيغ حكومية يُبنى عليها وردّ «مستقبليّ» على نصر الله: «لا تلعبوا بالعدالة»
فيما أزمة التشكيلة الحكومية اللبنانية تراوح مكانها، من دون تسجيل أي حلحلة للعقد ومطالب القوى السياسية، فإن باب الاستحقاق الحكومي في أيلول (سبتمبر) بات مفتوحاً، بانتظار الموقف الذي سيطلقه رئيس الجمهورية ميشال عون حول عملية التأليف.

وفي وقت دخل المشهد السياسي في أسبوع يمكن أن يرسم اتجاهات المسار الحكومي، استأنف الرئيس المكلف سعد الحريري مشاوراته الحكومية، والتقى لهذه الغاية ليل أمس وزير الإعلام ملحم الرياشي.

فيما اجتمع مساء ايضاً، رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ونجله رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط، مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وعلّقت مصادر في «تيار المستقبل» على كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله وعبارة «لا تلعبوا بالنار»، معتبرةً أنها لم تكن موفقة لأنها أعادت اللبنانيين إلى أجواء السابع من أيار (مايو).

وأضافت المصادر لـ «أل بي سي»: «ملعب تيار المستقبل هو ملعب العدالة والقانون وليس ملعب الحرب الأهلية وليس لدى هذا التيار سوى عبارة من ثلاث كلمات يتوجه بها للسيد نصرالله وهي «لا تلعبوا بالعدالة».

أما في ما يخص تأليف الحكومة، فأشارت مصادر الرئيس المكلف إلى أن «الحريري معني بالمواقف التي يسمعها مباشرة من رئيس الجمهورية ميشال عون وهناك صيغ موجودة للحكومة يجب البناء عليها وعدم البحث عن صيغ جديدة»: مضيفة: «لن يكون هناك اعتذار أو حكومة أكثرية والحريري يصر على أن تكون هناك حكومة وفاق وطني معيارها مشاركة كل القوى الأساسية الموجودة في مجلس النواب».

وكانت المحكمة الدولية حضرت في كلمة نصرالله، موجهاً تحذيراً إلى المراهنين عليها بالقول: «لا تلعبوا بالنار»، وإن أردف داعياً إلى «تأليف الحكومة». وأوضح «لا نريد من أحد أن يضع عقبات ‏جديدة أمام الحكومة، والحديث عن العلاقة مع سورية والبيان الوزاري فلنؤجله إلى ما بعد التشكيل»، وقال: «الوقت يضيق تفضلوا وشكلوا الحكومة».

واستغربت مصادر لبنانية معنية بالمحكمة الدولية تناول نصرالله أحكاماً قال إنها ستصدر عنها في أيلول، نافية أن يكون هناك إصدار لأي حكم. وقالت: «كل ما هنالك أن المحكمة ستعقد جلسات ختامية يدلي فيها الأطراف الثلاثة بمرافعاتهم الختامية عن الأدلة والقرائن التي اعتمدت خلال فترة المحاكمة، وعن التشكيك بهذه القرائن من قبل الدفاع، وأن الحكم لن يصدر إلا بعد أن تقوم غرفة الدرجة الأولى بمداولاتها التي تمتد أشهراً بعد أيلول، لتصدر في نهاية هذه المداولات الحكم، والعقوبات إذا كان من عقوبات».

وفي المواقف الحكومية، غرد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر «تويتر» قائلاً: «حرام أن يستمر البعض في عرقلة تشكيل الحكومة، ومصالح البلاد والعباد، ليس لسبب إلا لمحاولة تحجيم القوات اللبنانية».

«لا حلّ إلا باعتراف باسيل»

وأكد الوزير مروان حمادة أن «المواقف لا تزال على حالها، خصوصاً في ما خص حصة اللقاء الديموقراطي والقوات اللبنانية»، لافتاً إلى أن «الموضوع يتوقف على اعتراف الوزير جبران باسيل بأن الحصص ليست حصة معركة رئاسية بل هي قضية تشكيل حكومة متوازنة في لبنان لا تقطع العلاقات مع أي طرف».

وإذ استبعد حصول «أي تطور في الأول من أيلول»، اعتبر «أنه مجرد موعد على طريق مسار طويل ومن الممكن فقط أن يحصل لقاء بين رئيس الجمــهورية والرئيس المكلف للبحث مجدداً في المعايير وتوزيع الحصص والحقائب»، داعياً إلى «عدم استقدام مزيد من المشكلات لعرقلة التأليف، كالتطبيع مع سورية والمحكمة الدولية».

وشدد الوزير محمد فنيش على أنه «لم يعد مقبولاً أن تستمر المراوحة وهدر الوقت في ما يتعلق بتشكيل الحكومة، لأننا لا نملك هذا الترف، وبلدنا يعاني من مشكلات كثيرة، وبالتالي فإن الاستمرار في المراوحة وقضاء الوقت وعدم النجاح في التشكيل، تعني أننا لم نكن على مستوى آمال الناس الذين أدوا واجبهم من خلال مشاركتهم في الانتخابات النيابية، واختاروا من يمثلهم».

ودعا إلى «تأجيل أي بحث في نقاط خلافية سياسية وتركها للحكومة التي ستشكل وللبيان الوزاري»، وقال: «بإمكاننا أن نشكل الحكومة من خلال الحوار الداخلي، وأن نجد الحلول للمشكلات التي يعاني منها البلد، وهذه مهمة الرئيس المكلف بالإضافة إلى سائر الفرقاء الذين يجب على البعض منهم أن لا يبالغوا بأحجامهم، وأن يعودوا إلى اعتماد معيار واحد، ألا هو اعتماد نتائج الانتخابات النيابية، وهذا يزيل الكثير من العقبات». وأشار إلى «أننا سنكون حاضرين في المعادلة الداخلية بما نملك من إمكان التأثير في إدارة هذا البلد، وبما يؤدي إلى إيقاف الهدر، والحد من الفساد، ومعالجة مشكلات البلد الاقتصادية والمالية».

«تأليف الحكومة غير مرتبط بقرار المحكمة»

ولفت النائب جورج عقيص إلى أن لا معطيات لديه ولا إشارات إلى أن سبب التأجيل هو المحكمة الدولية، معتبراً أن «الموضوعين غير مترابطين، فالمحكمة الدولية أنشئت منذ سنوات وتشكلت في هذا الوقت حكومات عدة»، مشيراً إلى أن «التمثيل الحكومي مرتبط بنتائج الانتخابات النيابية وليس بقرارات على هذا المستوى المهم».

واعتبر النائب في تكتل «الجمهورية القوية» ماجد إدي أبي اللمع، أن «العهد، الذي هو عهدنا ونحرص عليه، يجب أن يعتمد على الشراكة مع «القوات» وعلى جديتها وشفافيتها ونزاهتها لإنقاذ الوضع ولنجاحه، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود وزراء قواتيين في الحكومة».

وأضاف: «نحن لسنا دعاة حصص وسلطة نحن دعاة شراكة لوقف مسخرة الفساد، فنحن الوحيدون القادرون على ذلك، ومن دون هذه الشراكة هناك خطر على لبنان».

واعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب أسعد درغام لـ «المركزية»، أن «بعض الأطراف الخارجية تضع عراقيل في طريق التأليف تنفذها أدوات لبنانية، أي القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي، وهذا مؤسف بعدما كنا وصلنا إلى قواسم مشتركة مع القوات، كما نأسف لأن الدكتور سمير جعجع يعيد الأمور إلى نقطة الصفر، ما يدفعنا إلى القول إن جعجع يعيدنا إلى الخيارات التي اتخذت في مرحلة الطائف». ولفت إلى أن «هناك وزارات خدماتية عدة، بينها الأشغال والزراعة والصحة، من الممكن أن نوافق على نيل اثنتين من هذه الوزارات مقابل وزارة الخارجية، إذا عرض علينا هذا العرض».

سلام يتراجع عن الطعن

من جهة ثانية، أعلن رئيس «لائحة بيروت الوطن» صلاح سلام، تراجعه عن الطعن الذي قدمه في نتائج الانتخابات النيابية في دائرة بيروت الثانية أمام المجلس الدستوري، «نظراً إلى التطورات السياسية الطارئة والمستجدة وما رافقها من الحملات الهادفة للنيل من مقام رئاسة الحكومة وصلاحيات الرئيس المكلف».

عون يطلب من سويسرا دعم عودة النازحين وبيرسيه يدعو إلى نوع من البراغماتية

توافق الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الاتحاد السويسري آلان بيرسيه على «ضرورة تفعيل العلاقات الثنائية التاريخية على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون بين البلدين في المجالات كافة، بما يخدم مصالحهما المشتركة».

وجدد عون أمام بيرسيه الذي يغادر لبنان اليوم بعد زيارة استغرقت ثلاثة أيام، تأكيد «موقف لبنان المتمسك بعودة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في بلدهم، وترحيبه بالمبادرة الروسية التي تصّب في هذا الاتجاه»، وطلب من الرئيس الضيف أن «تكون بلاده إلى جانب هذه الخطوة وعدم ربطها بالحل السياسي الذي قد يطول التوصل إليه»، فيما أكد بيرسيه مواصلة بلاده «مساعدة لبنان من خلال دعم السكان المحليين، وكذلك النازحين، إلى حين عودتهم الطوعية والآمنة بكرامة».

وعلمت «الحياة» من مصادر الوفد اللبناني أن الرئيس الضيف شدد على القواسم المشتركة التي تجمع بين البلدين، وقال إن بلاده كانت دائماً إلى جانب لبنان في الحالات الجيدة والصعبة وستواصل ذلك، لأنه يملك دوراً وحضوراً ليس متوفراً في كثير من الدول.

وأفادت بأن رئيس الجمهورية شرح للرئيس السويسري حجم انعكاسات ملف النازحين على البنى التحتية والاقتصاد والتربية، وأنه لم يكن سهلاً على لبنان تحمل ما قد تحمله. وقال: «ندعم مبادرة إعادة النازحين وبدأنا ننظم رحلات طوعية للراغبين في العودة إلى الأماكن الآمنة وأتت المبادرة الروسية التي نأمل أن تنجح في تذليل العقبات والصعوبات».

وأوضحت المصادر لـ «الحياة» أن بيرسيه رحب بدعم طلب لبنان أن يكون مركزاً لحوار الحضارات والأديان، مبدياً تأثره الإيجابي بوجود طوائف كبيرة ومتعددة تتعايش بتناعم في لبنان. وطلب الرئيس عون من وزير الخارجية جبران باسيل إعداد مذكرة حول المركز ومهماته لعرضها على الجانب السويسري وتحديد الموقف.

وتوقف بيرسيه، بحسب قول المصادر لـ «الحياة»، أمام مبدأ النأي بالنفس، مشيراً إلى متابعته السياسة اللبنانية، فقدم له عون شرحاً لها وبعض الأمثلة عنها، مؤكداً تقديم المصلحة اللبنانية، ومنها ضرورة انسياب الإنتاج الزراعي اللبناني (عبر سورية).

وكان عون عقد ونظيره السويسري لقاء قمة في حضور وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني.

وأكد عون في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السويسري «تمسك لبنان بمبادرة السلام العربية وضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني، ومن بينها حق العودة، وإدانته قانون القومية الدينية». وأكد أن «العمل ينصبّ اليوم على تشكيل حكومة جديدة على أساس معايير تعكس صحة التمثيل الذي أرسته نتائج هذه الانتخابات».

«البراغماتية»

واعتبر الرئيس السويسري أن «المطلوب في هذه المرحلة إظهار نوع من البراغماتية وإيجاد حلول قابلة للتطبيق والنجاح في الجمع بين الشروط الضرورية لتأمين عودة النازحين في أفضل الظروف وعدم تجاهل التوصل إلى حل سياسي، وذلك في إطار براغماتي يتيح الإطلاع على كيفية سير الأمور على الأرض». ورأى أن «من الواجب أن يكون هناك نقاش حول المبادرة الروسية المتعلقة بعودة النازحين، والمكان الوحيد الذي يجب أن يتم في داخله هذا النقاش هو المؤسسات الدولية».

واعتبر أن المسألة السورية شاملة «وندعم الجهود المبذولة لحلها على صعيد متعدد الأطراف». ورأى أن «حال اللاستقرار السياسي على الصعيد الإقليمي لها ارتدادات على الاقتصاد اللبناني». وتمنى «الأفضل للبنان، خصوصاً مع تشكيل الحكومة الجديدة عقب إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة، وذلك للتمكن من مواجهة التحديات». وقال: «اليوم، قام ممثلون من بلدينا بتوقيع اتفاقية إلغاء تأشيرات الدخول، بصورة متبادلة، للحائزين جواز سفر ديبلوماسياً».

«التحاور والوساطة»

وسئل الرئيس السويسري عما يمكن بلاده تقديمه لتسهيل عودة النازحين، فأجاب: «الحيادية التي طورناها في سويسرا في ظروف لم تكن سهلة لا تعني اللامبالاة، بل الالتزام الإنساني بالعالم، في إطار يتيح لنا التعاطي مع مختلف الأفرقاء نصبّ فيه طاقاتنا في التحاور والوساطة».

وعن موقف بلاده من المبادرة الروسية وقابليتها للتحقق، قال: «كل مساهمة في هذا الإطار بناءة».

أما الرئيس عون فسئل: «أين أصبحت الحكومة؟»، فأجاب: «التعددية الطائفية والحزبية، كما تعلمون، تخلق الكثير من المشكلات عند تأليف الحكومة. نستمع إلى مطالب الأحزاب والطوائف. وفي هذه المرحلة، رئيس الحكومة المكلف هو من سيشكل الحكومة، أما في المرحلة النهائية فهناك صلاحية رئيس الجمهورية بأن يطلع ويوافق ليوقع مرسوم التشكيل. حتى الآن نحن في المرحلة الأولى، ويبدو أن رئيس الحكومة استمع إلى المطالب بما يكفي وبات عليه ان يأخذ المبادرة ويؤلف، ونحن بانتظاره».

ثم زار بيرسيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي قال: «كانت هناك مواقف حول موضوع النازحين وضرورة أن يكون التعاطي بهذا الموضوع من جانب لبنان لأنه يخفف أعباء كثيرة عنه عدا عن العلاقات السويّة المفروض أن تكون دائماً بيننا وبين الإخوة في سورية». وقال: «علينا أن نتساعد نحن والحكومة السورية والدولة السورية على العودة».

وعن «رفض البعض الحوار مع الحكومة السورية»، أجاب: «لا أحد يرفض طالما أن هناك سفراء وطالما أن هناك علاقات، وطالما «مشيت» الكهرباء أيضاً».

وعن رأيه بكلام رئيس الجمهورية عن أن المباردة هي لدى رئيس الحكومة المكلف، قال: «في هذا الموضوع أنا لا أقل حرصاً عن فخامة الرئيس ودولة الرئيس على الوصول إلى حكومة بأسرع وقت ممكن، لأن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر على هذا الشكل».

ومساء، زار الرئيس السويسري والوفد المرافق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.

«لقاء سيدة الجبل»: من يلعب بالنار هو مَن يتلاعب بأمن اليمن والعراق وسورية

رأى «لقاء سيدة الجبل» أن «المسّ بالدستور وإدخال أي تعديل إليه، خارج توافق اللبنانيين، يفسد الشراكة الوطنية الأمر الذي من شأنه نسف الوحدة الداخلية. وكما أن الإرتكاز على موازين القوى التي هي حاضرة اليوم إلى جانب فريق خطأ كبير لأن من شأن موازين القوى أن تنتقل من فريق إلى آخر بسرعة وفقاً لمتغيرات المنطقة. ما يجب أن يحكم لبنان هو قوة التوازن وليس موازين القوى». ولفت في بيان بعد اجتماعه الأسبوعي إلى أن «وجود سلاح غير شرعي في يد فريق من اللبنانيين يشكل مخالفة دستورية وخللاً وطنياً يتجاوز الثغرات التقنية التي قد تكون موجودة في الدستور، ويصبح الكلام على مهلة رئيس الحكومة لتأليف الحكومة أو غيرها من النقاط كلاماً فرعياً أمام الخلل الأصلي المتمثل بفقدان المساواة والعدالة بين اللبنانيين، إذ يمتلك فريق منهم سلاحاً بينما الآخرون من دونه ما يجعل المواطنين فريقين. واحد مميّز لا يمتثل للقانون، وآخر عادي يمتثل للقانون».

وطلب «اللقاء» من الرئيس سعد الحريري «تقديم تشكيلة حكومته إلى رئيس الجمهورية ومن أحزاب «المستقبل» و «القوات اللبنانية» و «الاشتراكي» و «الكتائب» وكل الذين هم ممثّلون داخل مجلس النواب». وأضاف: «إن فريق «حزب الله» و «التيار العوني» يحضّر لانقلابٍ على الطائف والدستور. تصدّوا له وإلا شاركتم بالإنقلاب عن قصد أو عن غير قصد».

ورداً على ما ورد في خطاب السيد حسن نصرالله أكد اللقاء التمسك بالمحكمة الدولية لسببين:

«الأول أخلاقي، ويعود إلى تضحيات اللبنانيين التي أدّت إلى إنشائها بدءاً باستشهاد الرئيس رفيق الحريري. والثاني سياسي- دستوري، لأن المحكمة الدولية أُنشئت بقرار مجلس الأمن رقم 1757، تحت الفصل السابع».

وزاد: «من يلعب بالنار هو من يتلاعب بأمن اليمن والعراق وسورية وليس اللبنانيون الباحثون عن استقرار بلدهم وأمنه، وهو من يرفض تحقيق العدالة في جرائم اغتيال قيادات وطنية».