| | التاريخ: آب ٢٥, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | نصف معركة في إدلب والتوقيت إلى قمة طهران | جنيف – موسى عاصي
كانت الاشارة واضحة في البيان التحذيري الذي صدر قبل ثلاثة أيام في نيويورك عن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، من أن هذه الدول "لن تقف مكتوفة اذا استخدمت قوات (الرئيس السوري بشار) الاسد الاسلحة الكيميائية في معركة إدلب"، بأن هذه المعركة باتت قريبة. والبيان الثلاثي ليس سوى اقرار من هذه الدول بأنها لن تتمكن من منع المعركة التي يجري التحضير لتفاصيلها على أعلى المستويات بين الجانبين التركي والروسي، فيما تواصل القوات الحكومية السورية حشد مزيد من القوات والتعزيزات، استناداً إلى "المرصد السوري لحقوق الانسان".
لكن المعركة ستكون مختلفة تماماً عن معركتي الغوطة الشرقية والجنوب السوري لاسباب عدة، أهمها أن إدلب هي الحصن الأخير للمجموعات المسلحة المصنفة ارهابية، مثل "هيئة تحرير الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً)، والتي يتفق الجميع، وخصوصاً تركيا وروسيا، على ضرورة التخلص منها، مما يعني انتفاء أي هامش للمناورة بالنسبة الى هذا التنظيم، الذي يتوقع أن يقاتل حتى الرمق الأخير.
ويتوقع أن تنطلق هذه المعركة في وقت قريب جداً، بعد الاتفاق بين روسيا وتركيا ومن خلفهما الحكومة السورية على معالم المرحلة التالية، لكن التوقيت المؤكد للمعركة ستحدده قمة رؤساء روسيا وتركيا وايران المزمع عقدها في طهران في موعد قريب لم يحدد بعد. وأمس ناقش وفد تركي ديبلوماسي – أمني رفيع المستوى في موسكو، ضمَّ كلاً من وزيري الدفاع والخارجية ورئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان، اقتراحاً قدمته روسيا لتسوية الوضع في شمال غرب سوريا.
وفيما لم يكشف تفاصيل الاقتراح، علمت "النهار" من أوساط روسية في جنيف أن موسكو تعمل مع الجانب التركي من أجل "فصل المجموعات المسلحة التي تدعمها أنقرة عن المجموعات الارهابية بهدف حصر المعركة بالأخيرة". ويعول الجانب الروسي على عامل يعتبره حاسماً في المعركة المنتظرة يتمثل في اقناع تركيا المجموعات المسلحة التابعة لها في إدلب بالانضمام الى المعركة ضد المجموعات الارهابية. ولخّصت الأوساط الوضع بقولها إن "لا مجال لتجنب المعركة في إدلب" على رغم جهود التسوية الحالية بين موسكو وأنقرة، لكن موسكو تعمل من خلال منطق "نصف معركة تستهدف المجموعات الارهابية في موازاة العمل على التسوية الشاملة في الشمال – الغربي، والتي ستضم بالتأكيد الأطراف السوريين كافة ولا سيما منهم الاكراد والحكومة السورية بالاضافة الى تركيا".
وتمسك وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بالموقف التركي القائل بأن المعركة في أدلب "ستكون كارثية على الجميع"، لكنه كان أقرب من الموقف الروسي القائل بضرورة توجيه ضربة الى المجموعات الارهابية. وصرح في مؤتمر صحافي عقده أمس في موسكو بعد لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف: "من المهم لنا جميعاً أن نحيد هذه الجماعات المتشددة ولكن علينا أن نفرق بين المدنيين والجماعات الإرهابية"، بينما قال لافروف "إن عشرات الآلاف من المتشددين يحاولون عرقلة جهود تركيا لفصلهم عن القوات الأكثر اعتدالاً".
وفي موازاة التحضيرات لمعركة أدلب، تبرز تطورات جديدة في الاطار السياسي. فإلى القمة الثلاثية على المستوى الرئاسي لروسيا وتركيا وايران المقررة قريباً في طهران، حدد مكتب المبعوث الاممي الخاص ستافان دو ميستورا 11 أيلول و12 منه موعداً لاجتماع ثان للدول الضامنة (روسيا وتركيا وايران) في جنيف، من أجل العمل على تشكيل اللجنة الدستورية السورية المنبثقة من مؤتمر سوتشي بعد تقديم كل الاطراف السوريين لوائح مرشحيهم الى هذه اللجنة.
وفي هذا الاطار، أكد لافروف عدم وجود خلافات بين موسكو وأنقرة على قائمة المعارضة السورية في اللجنة الدستورية، وقال إن "تركيا هي من نسق هذا العمل، ولذلك ليست لدينا أي تحفظات على القائمة التي قدمتها المعارضة إلى دو ميستورا"، علماً ان الموقف الروسي المعلن سابقاً كان رفض حصر تمثيل المعارضة في اللجنة الدستورية بالهيئة العليا للمفاوضات أو المعارضة التي تدعمها تركيا. وكانت التصريحات الروسية تصر على اشراك كل أطياف المعارضة الممثلين بالهيئة العليا او بالقوى الأخرى من خارج هذه الهيئة.
بوتين
وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن احراز تقدم ملحوظ في تسوية الأزمة السورية "بفضل التعاون بين روسيا ونظيراتها بما فيها تركيا وإيران والولايات المتحدة". وصرح بعد لقائه وزيري الخارجية والدفاع التركيين، جاويش أوغلو وخلوصي آكار، في حضور لافروف ووزير الدفاع الروسي الجنرال سيرغي شويغو: "إن العلاقات بين موسكو وأنقرة تتخذ طابعاً أكثر جوهرية"، مشيدا بالتعاون الاقتصادي المكثف بين الدولتين في حل أهم المسائل الإقليمية، وفي مقدمها التسوية السورية. | |
|