التاريخ: آب ٢٤, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
إخفاق روسي - أميركي في الاتفاق على سورية
موسكو - سامر إلياس
باريس - «الحياة»، رويترز - غداة إخفاق روسيا والولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق واضح في شأن مستقبل الوجود الإيراني في سورية، تهيمن عقدة إدلب على محادثات وزيرَي الخارجية الروسي سيرغي لافروف والتركي مولود جاويش أوغلو اليوم في موسكو، فيما اعتبرت فرنسا بحث عودة اللاجئين السوريين في ظل الظروف الراهنة «ضرباً من الأوهام».

وكشف مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون عقب لقائه سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي بتروشيف، أن الجانب الأميركي رفض طلباً روسياً تضمن مقايضة تحديد الوجود الإيراني في سورية بوقف العقوبات على صادرات النفط الإيرانية. وقال إن «بتروشيف عرض علينا تحديد قيود جغرافية للوجود الإيراني في سورية في مقابل أن توقف الولايات المتحدة تنفيذ العقوبات على صادرات النفط الإيراني التي يبدأ سريانها في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل»، مؤكداً أن الجانب الأميركي «رفض الاقتراح سابقاً ورفضناه اليوم... العقوبات ستعود، وهذا واضح». وذكر أن اللقاء «بحث قضية وجود القوات الإيرانية النظامية وغير النظامية في سورية، وهدفنا يركز على أن كل القوات الإيرانية يجب أن تعود إلى إيران»، معرباً عن اعتقاده بأن «الرئيس فلاديمير بوتين يقاسمنا هذا الرأي». ومع إشارته إلى صعوبة تحقيق هذا الهدف، قال بولتون: «بحثنا طرقاً مختلفة يمكن أن تساعد في تحقيق ذلك عبر خطوات عدة».

من جانبه، اشار بتروشيف إلى أهمية الاتفاق بين الطرفين على «مواصلة الاتصالات على صعيد وزارة الدفاع، لأن لدينا قنوات تواصل في سورية، لكنها محدودة إلى حد كبير، وعموماً تخص الطلعات الجوية». وأعرب عن رضاه عن نتائج الاجتماع، وقال: «عملنا في شكل بناء بما فيه الكفاية، والانطباع جيد، برغم أن هناك مسائل تحتاج إلى تسوية مطولة»، من بينها «الاتهامات الأميركية باستخدام دمشق الأسلحة الكيماوية»، مستدركاً أن الطرفين «يتفقان حول عدم قبول استخدام الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية... لكن في ما يخص سورية، لدينا رؤية مختلفة حول ذلك».

من جهة أخرى، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الذي شارك في المحادثات مع بولتون، لوكالة «تاس» الروسية: «ننظر باحترام كبير إلى كيفية تأمين إيران أمنها الخاص، بما في ذلك في سورية بدعوة من حكومة هذا البلد، لكن هذا لا يعني عدم وجود آفاق أو مساحة في هذا العمل».

وفي موسكو، تواصل السجال الحاد الذي بدأ عقب تصريحات لبولتون شدد فيها على ضرورة انسحاب القوات الإيرانية من سورية، فأكدت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا أن على واشنطن البدء بنفسها وحل قضية وجودها غير الشرعي في سورية، متسائلة في إحاطتها الصحافية الأسبوعية: «أين وكيف ولأي غرض تنتشر القوات الأميركية في سورية؟ وعلى أي أساس هي هناك؟ ومع من اتفقت على دخولها؟». وشددت على أن «وجودهم (الأميركان) غير شرعي في شكل كامل»، داعية واشنطن إلى أن تبدأ بنفسها «عندما تنتظر الوفاء بالالتزامات القانونية الدولية من الآخرين».

وجددت زاخاروفا انتقادات موسكو في شأن الوجود الأميركي في قاعدة التنف جنوب شرقي سورية، وقالت إن «مئات من مسلحي تنظيم داعش وجبهة النصرة الإرهابيين يختبئون في مخيم الركبان عند الحدود مع الأردن، حيث يستخدمون اللاجئين دروعاً بشرية». وزادت أن «الطرف الروسي يملك معلومات موثوقة بأن القوات الأميركية المسيطرة على منطقة يتجاوز قطرها 100 كيلومتر حول قاعدتها في التنف، والتي تضم خصوصاً مخيم الركبان، على دراية تامة بوجود هؤلاء المسلحين في المنطقة».

ومع إقرارها بأن «عملية عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم لم تتخذ بعد طابعاً جماعياً»، أكدت زاخاروفا أن «العمل مستمر على تهيئة الظروف المناسبة لذلك... وعموماً يمكن القول إن خطوة البداية اتخذت في هذا الاتجاه».

وعشية لقاء حاسم هو الثاني في عشرة أيام بين لافروف وجاويش أوغلو، حذرت زخاروفا من ارتفاع وتيرة استفزازات المسلحين ضد القوات الحكومية والمدنيين في المناطق المحاذية لمنطقة خفض التوتر في محافظة إدلب، مشيرة إلى أن منظومات الدفاع الجوي الروسية أسقطت أخيراً 45 طائرة مسيرة (درون) أطلقها مسلحون من إدلب باتجاه قاعدة حميميم العسكرية في محافظة اللاذقية، في وقت تشهد منطقة خفض التوتر اعتقالات جماعية ينفذها المسلحون وطاولت أكثر من 500 مشتبه فيهم بالدعوة إلى التوصل لاتفاقات مصالحة مع النظام السوري.

ويبحث لافروف وجاويش أوغلو الأوضاع في إدلب تزامناً مع مؤشرات إلى قرب عملية عسكرية، وعدم قدرة تركيا على الحد من وجود «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) من جهة، وتوجه معظم المهجرين إلى إدلب من مناطق سورية عدة، نحو تشكيل «مقاومة شعبية» عابرة للتنظيمات والفصائل، وغير تابعة لأي طرف خارجي لمواجهة النظام.

وفي الشأن السياسي، قال المبعوث الأممي الخاص للتسوية في سورية ستيفان دي ميستورا، إنه سيعقد لقاء تشاورياً مع ممثلي كل من روسيا وإيران وتركيا في جنيف في 11 و12 أيلول (سبتمبر) المقبل.

ورفضت فرنسا أمس أي اقتراح في شأن إمكان بدء عودة ملايين اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وهو ما حضت عليه روسيا. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول: «إن الظروف لم تتهيأ بعد للعودة، نظراً إلى معاملة (الرئيس بشار) الأسد للذين عادوا فعلاً، واحتمال شن هجوم على منطقة تسيطر عليها المعارضة في شمال سورية»، مضيفة: «بحث عودة اللاجئين، في ظل الظروف الراهنة، ضرب من الأوهام».