التاريخ: آب ١٨, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
أفكار في «التيار الحر» باستبعاد «القوات» من الحكومة عبر إرضاء الرئيس المكلف وجنبلاط و«الكتائب» و«المردة»
بيروت - وليد شقير
تصرّ مصادر متعددة على أن تراجع التفاؤل بإمكان تأليف الحكومة اللبنانية قريباً، مردّه الى أن عقدة التمثيل المسيحي ما زالت هي الأساس. وكررت هذه المصادر التي تنتمي إلى جهات عدة هذا الاستنتاج لـ»الحياة»، على رغم موجة من الآمال ظهرت، على إثر اللقاءات التي عقدها كل من رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري، بحلحلة العقد التي تعترض ولادتها، بعد أن كان الثاني طلب من الأول مساعدته العلنية في معالجة العراقيل القائمة.

والحصيلة التي بنيت عليها موجة الآمال هذه، عادت فانقلبت تعقيداً إضافياً. فلم يسلك اتفاق رئيس الجمهورية ميشال عون مع وزير الإعلام ملحم الرياشي على حصول حزب «القوات اللبنانية» على 4 وزراء، من ضمنها حقيبة سيادية، طريقه الآمن، بعد أن تراجعت قيادة الحزب عن مطلبها الحصول على 5 حقائب وزارية لتسهيل مهمة الحريري، وعن مطلب نيابة رئاسة الحكومة من ضمنها. وحين وافق الحريري الرياشي على حصول حزبه على الحقيبة السيادية بعد أن أحاله إليه الرئيس عون، رفض رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ذلك متمسكاً بوزارتي الخارجية والدفاع لحزبه، وأبلغ الحريري بذلك حين التقاه مضيفاً إلى هذا الرفض أن «حزب الله» لا يقبل بالدفاع لـ»القوات».

وحتى التهدئة في الحملات الإعلامية التي تمنى بري على باسيل اعتمادها، وكذلك الحريري، وعادا فأكدا عليها مع الرياشي، لم تدم طويلاً. فعاد نواب تكتل «لبنان القوي» يتهمون «القوات» بالانقلاب على العهد واتفاق معراب الشهير بينهما عام 2016، فيما عادت الاتهامات من نواب تكتل «الجمهورية القوية» لـ «التيار الوطني الحر» بنقض الاتفاق من طرف واحد، فضلاً عن تحميلهم باسيل مسؤولية عرقلة جهود الحريري لحلحلة العقد الحكومية.

وتلاحظ مصادر متابعة من قرب للاتصالات الأخيرة، أنه بعد التسريبات عن أن باسيل وافق مع الحريري على أن يحصل «التيار الحر» والرئيس عون على 10 وزراء، باعتبار أن من غير الوارد حصول أي فريق على الثلث زائداً واحداً (وهذا ما توافق عليه بري والحريري)، عادت مصادر «التيار» إلى القول بأن هذه الأخبار «غير دقيقة وأن لا صحة لها».

وعلى رغم التكهنات في شأن أبعاد خارجية للخلاف على الحصص بين الفرقاء، فإن المصادر الوثيقة الصلة بالمفاوضات الحكومية أكدت أن عقدة التمثيل المسيحي ما زالت العقبة الجوهرية التي تعاكس عملية التأليف، بسبب الصراع بين «التيار الحر» وبين «القوات»، ليس على الأحجام فقط، بل أيضاً على الزعامة المسيحية ودور كل فريق في السلطة التنفيذية لسنوات مقبلة، في ضوء تكهنات حول ارتباط هذا الصراع بفتح التنافس على الرئاسة الأولى في شكل مبكر.

وقالت مصادر نيابية مسيحية لـ»الحياة»، إن الصراع بلغ حداً عالياً، إلى درجة أن حلقة ضيقة من قيادة «التيار الحر» بحثت في إمكان طرح فكرة تأليف حكومة برئاسة الحريري من دون «القوات اللبنانية» عبر تقديم تنازلات للحريري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مقابل قبول الأول بذلك. وذكرت هذه المصادر أن النقاش ضمن هذه الحلقة القيادية الضيقة أدى إلى طرح فكرة إغراء الحريري بأن تكون حصته في الحكومة 7 وزراء، أي السنة الستة وواحد مسيحي، أو 5 ستة واثنين مسيحيين (على أن يكون السني السادس من حصة الرئيس عون)، وبالقبول مع جنبلاط بحصوله على الوزراء الدروز الثلاثة، على أن يتمثل حزب «الكتائب» بوزير و»المردة» بوزير ويحصل «التيار» والرئيس عون على بقية الوزراء المسيحيين (11 إلى 12 وزيراً على الأقل). وتشير المصادر النيابية إياها إلى أن ما تداوله بعض القياديين في «التيار» من أفكار في هذا الصدد حصل من باب الاستمزاج من دون أن يطرح على الرئيس عون، على أن يستكمل النقاش في شأنه معه بعد عطلة عيد الأضحى، خصوصاً أن توجهاً من هذا النوع، وإن كان يتوخى استرضاء الحريري وجنبلاط، لا يلقى قبولاً لدى الأول الذي وضع لنفسه مبادئ في التأليف، منها أن لا حكومة من دون «القوات»، وأن الثاني لن يوافق على صيغة تؤدي إلى عزل فريق مسيحي يتقاطع معه في الكثير من المواقف سواء في الجبل أم في السياسات العامة.