التاريخ: آب ١٦, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
مصر: «الإخوان» يسعون إلى الحفاظ على هيكليتهم التنظيمية رغم الملاحقات
استطاعت الأجهزة الأمنية المصرية على مدار السنوات الماضية توجيه ضربات إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، (المصنفة إرهابية في مصر)، لتقويض تحركاتها ضد الدولة. وتواجه غالبية قيادات التنظيم تهماً تتعلق بالإرهاب، يحاكم بعضهم على ذمتها، فيما فرّ آخرون خارج البلاد زيتولون مهمة إدارة التنظيم من بعد، لكن، على رغم الضربات الأمنية، ما زالت الجماعة تسعى إلى الحفاظ على هيكليتها التنظيمية، أملاً في العودة إلى المشهد السياسي.

ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عمرو فاروق إن «الحفاظ على الهيكلية التنظيمية للجماعة والحرص على عدم انفراطها، يدخل ضمن الأهداف الأساسية التي يعمل عليها التنظيم في الفترة الحالية، خصوصاً بعد نجاح الضربات الأمنية»، مشيراً إلى «أزمات علنية اجتاحت وقسمت التنظيم إلى جبهات، منها ما يتمتع به القيادات من رغد العيش في تركيا وقطر». ولفت إلى أن «الجماعة تحاول امتصاص هذا السخط التنظيمي وتداركه حفاظاً على هيكليتها».

وتتكون الهيكلية التنظيمية للجماعة من حلقات رأسية، في قاعدتها «الأسرة» وتتراوح بين 5 و 8 أشخاص يجتمعون بصورة دورية لدرس «فكرها» والشؤون العامة في نطاق سكني معين، تليها الشعبة، ثم المنطقة، ثم المحافظة ثم القطاع، وكل حلقة يترأسها شخص يتولى التواصل مع رئيس الحلقة التي تليه، ومن ممثلي القطاعات يتكون مكتب إرشاد الجماعة وهو رأس التنظيم.

وقال فاروق في تصريح إلى «الحياة» إن الجماعة وإن باتت غير قادرة على مباشرة أعمال الهيئات الأعلى فيها بصورة طبيعية في ظل توقيف القيادات والضربات الأمنية، لكنها في حلقتها الأدنى حيث «الأسرة» لا تزال تحافظ على تماسكها في كثير من النواحي. ورأى أن «الاستقطاب الآن داخل الجماعة هو إخواني- إخواني، فالتنظيم لا يسعى إلى ضم عناصر جدد، بالقدر الذي يحاول فيه الحفاظ على انتماء العناصر القديمة إليه».

ونجحت ضربة أمنية أخيراً، في إحباط سعي عناصر الجماعة إلى استعادة نشاطهم الميداني، عبر جمع التبرعات في منطقة كرداسة والتي تعد إحدى البؤر الرئيسة للجماعة (جنوب القاهرة)، وشهدت أعمال عنف امتدت شهوراً في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، أبرزها الهجوم على قسم الشرطة وقتل مأموره وعدد من الضباط والجنود. ويحاكم عشرات من عناصر الجماعة على ذمة قضايا خاصة بتلك الأحداث.

وكانت نيابة إمبابة وكرداسة قررت مساء أول من أمس، حبس 5 عناصر من جماعة «الإخوان» مدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، في اتهامهم تدشين جمعية من دون ترخيص تحت اسم «شارك» لجمع تبرعات من الأهالي، بزعم تقديمها مساعدة لأسر الموقوفين من أعضاء الجماعة. وطلبت النيابة تحريات جهاز الأمن الوطني (المعني بجمع المعلومات في وزارة الداخلية) حول الجمعية، ومشاركة آخرين فارين فيها.

ويشير الباحث في شؤون الإسلام السياسي إلى أن أهم الضربات الموجهة إلى الجماعة حالياً هي ما يأتي من داخلها، عبر المراجعات الفكرية للأخطاء التي وقعت فيها خلال الفترة الماضية. ورأى أن ذلك يضربها في أفكارها وهيكليتها التنظيمية.

حزب «مستقبل وطن» ينظم نشاطات كرويّة لاستقطاب الشباب

القاهرة – رحاب عليوة
على بعد أمتار من «قصر القبة» في ضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة)، تقابلك لافتة يعلن خلالها حزب «مستقبل وطن» عن إطلاق دورة كروية مجانية للشباب، ذاكراً وسائل للتواصل في شأن المشاركة فيها. وما إن تنزوي إلى وسط القاهرة، في ميدان العباسية تحديداً، تقابلك اللافتة نفسها، وإذا قصدت ضاحية «باب الشعرية» على بعد كيلومترات، حيث الأجواء الشعبية، تلاحظ تكرار اللافتات نفسها، خصوصاً بالقرب من المقاهي التي يرتادها شباب بكثافة.

هكذا، استطاع الحزب الذي تأسس قبل ثلاث سنوات فقط (العام 2015)، أن ينفذ إلى الشارع المصري، ليلفت انتباه العامة، خصوصاً الشباب، عبر اللعبة ذات الشعبية الأكبر «كرة القدم»، ما اعتبره أستاذ العلوم السياسية في «الجامعة الأميركية» الدكتور مصطفى كامل السيـد، «محــاولة لتـكويــن قـاعدة جماهيـرية في ظل سعيه إلى تصدر المشهد الحـزبـي»، وقال لـ «الحياة» إن «تصرف مستقبل وطن لا غضاضة فيه، سوى التساؤل هل سيتاح لأحزاب أخرى معارضة المجال للقيام بنشاطات مماثلة؟».

وبدأت الدورات الكروية التي ينظمها الحزب منذ العام الماضي، لكنها توسعت أخيراً لتشمل مناطق القاهرة كافة ومحافظات عدة، وتنظم داخل مراكز الشباب التابعة للدولة.

وقال النائب في الحزب المذكور عن محافظة المنيا أحمد أمبابي، إن «مستقبل وطن يحاول دفع الرياضة في مصر، بما لها من قدرة على توطيد العلاقات بين الناس، ونبذ الأفكار المتطرفة أو الطائفية»، لافتاً إلى أن «العلاقات بين أهالي قرى المحافظة التي خاضت منافسات بطولة داخلية نظمها الحزب، توطدت على نحو لافت».

وأشار إلى أن «تلك الفعاليات التي تسعى إلى تنمية العلاقات الودية بين الأهالي، كانت ذا تأثير في تراجع الطائفية داخل محافظة المنيا وغيرها».

ويأتي توجه حزب «مستقبل وطن» نحو الالتحام بالجماهير عبر تلك الدورات، في وقت تعاني الساحة السياسية ركوداً شديداً، خصوصاً في ما يتعلق بالتواصل مع المواطنين. ولا تعد تلك المرة الأولى التي يبرز فيها الحزب في العمل الميداني، إذ لعب دوراً حيوياً في الدعاية للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، عبر حملات «طرق للأبواب» جابت القرى والبلدات والمدن.

ويرى أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل السيد، أن تشكيل ظهير شعبي لحزب سياسي على أسس متينة، «يتطلب في الأساس برنامجاً واضحاً للحزب وأيديولوجية معلنة»، لافتاً إلى أن ذلك «لا يتوافر حتى الآن في مستقبل وطن، الذي فاجأنا بحصوله على المرتبة الثانية في الانتخابات البرلمانية في العام 2015، على رغم أنه تأسّس قبلها بشهور».

وتوقّع أن «يتصدر الحزب المشهد السياسي باعتباره حزب موالاة، بعد فشل توجه ائتلاف الموالاة داخل البرلمان (دعم مصر) في التحول إلى حزب سياسي، بسبب رفض الأحزاب المنخرطة فيه التنازل عن كياناتها».