| | التاريخ: آب ١٢, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | دمشق تمهّد لمعركة إدلب بمجزرة في الريف وتحاور «داعش» لإطلاق مخطوفي السويداء | باريس، موسكو، عفرين (شمال سورية)، لندن - رندة تقي الدين، سامر إلياس، «الحياة»
بدأ النظام السوري التمهيد لمعركة إدلب، آخر معقل للمعارضة، بمجزرة نفذها طيرانه على ريف المحافظة وأدت إلى مقتل أكثر من 53 شخصاً، أكثر من نصفهم أطفال. وفيما كثفت إسرائيل عملياتها أرضاً وجواً، أعلن النظام تصدي دفاعاته الجوية ليل الجمعة- السبت لـ «هدف معاد» فوق ريف دمشق، وسط إشارات إلى وجود عناصر من «حزب الله» في المنطقة. وفيما كشف مصدر في السويداء أن النظام يحاور تنظيم «داعش» سراً لإطلاق المختطفين من المحافظة، أشار مصدر ديبلوماسي فرنسي إلى «موافقة» إسرائيل على ما يقوله الروس من أن بقاء الرئيس بشار الأسد يمثل أحد ضمانات خروج القوات الإيرانية كلياً من سورية، في وقت أعلن تمسك باريس بانتخابات رئاسية عام 2021.
وتكثّفت الاتصالات السياسية بين أكثر من زعيم، إذ هاتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأميركي دونالد ترامب، فيما هاتف الرئيس التركي رجب أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وكان ماكرون اتصل أول من أمس ببوتين وتناول مطولاً الوضع السوري. وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي رفيع المستوى لـ «الحياة» إن اتصال ماكرون- بوتين يصب في إطار مسعى باريس لجمع الموفد الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا مع خبراء من مساري آستانة ومجموعة العمل المصغرة في جنيف في أيلول (سبتمبر) المقبل من أجل دفع حل المسار السياسي. وقال إن مبعوث الرئاسة الفرنسي الجديد لسورية السفير فرانسوا سينيمو يكون إلى جانب الرئيس في قصر الرئاسة ليقوم بجولات إلى البلاد المعنية بالأزمة السورية. وأوضح أن بلاده لم تغير موقفها منذ عام 2017 من أن رحيل الأسد لم يعد شرطاً مسبقاً للمفاوضات مع النظام، مشدداً على أن باريس تريد بوضوح مساراً سياسياً يرتكز إلى إنجاز الدستور والإعداد لانتخابات عام ٢٠٢١، أي بعد 3 سنوات لتجنب إعادة انتخاب الأسد. وتابع أن إسرائيل أبلغت باريس بأنها غير راضية عما قامت به روسيا من إقناع القوات الإيرانية بالتراجع نحو 80 كيلومتراً عن الحدود في هضبة الجولان، واعتبرت أن ذلك غير كاف، مطالبة بـ «خروج القوات الإيرانية من كل سورية». وقال المصدر الفرنسي: «أغرب ما في الأمر أن إسرائيل توافق على ما يقوله الروس لها من أن أحد ضمانات خروج القوات الإيرانية كلياً من سورية هو بقاء الأسد».
ميدانياً، عاد الهدوء الحذر إلى محافظة إدلب السورية في الشمال السوري، بعد سلسلة من الغارات التي استهدفت جنوبها وريفها، وخلفت 53 قتيلاً، بينهم 28 طفلاً، فضلاً عن عشرات الجرحى. وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن إدلب قضت ساعات نهار أمس في البحث تحت الأنقاض عن أحياء وانتشال جثث الضحايا الذين قضوا نتيجة استهداف الطائرات الحربية والمروحية مدناً وبلدات عدة في ريف إدلب الجنوبي. وفي غرب دمشق قرب الحدود مع لبنان، تصدّت الدفاعات الجوية السورية ليل الجمعة- السبت لـ «هدف معاد». وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن اختراق الأجواء تم فوق منطقة دير العشائر في ريف دمشق، في وقت أشار المرصد السوري إلى وجود عناصر من «حزب الله» في المنطقة.
على صعيد آخر، كشف مصدر قيادي في مجلس سورية الديموقراطية (مسد) أن وفداً جديداً من الإدارة الذاتية في الشمال السوري، سيزور دمشق في الأيام المقبلة. لكنه نفى في اتصال أجرته معه «الحياة»، أن تكون قوات سورية الديموقراطية (قسد) تنسق مع النظام في شأن معركة إدلب. وأوضح أن المحادثات لم تتجاوز الإطار العام، وأن أهم الخلافات تناولت «تعديلات في الدستور، وهي عملية تحتاج جسارة وقناعة وتوافقاً». وقال مستشار الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديموقراطي (بي دي دي) ديهانوك ديبو إن وفد الإدارة الذاتية الذي زار دمشق أخيراً، لمس خلافاً كبيراً مع المفاوضين، ما عطل «التوصل إلى اتفاق نهائي حول قضايا الإدارة المحلية». وأكد في اتصال أجرته معه «الحياة»، أن «لا ملامح واضحة للاتفاق لأن الوفدين على درجة كبيرة من الاختلاف». وأشار إلى أن «تشكيل لجنة مشتركة لدرس العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية وقانون الإدارة المحلية يأتي في إطار الترجمة العملية لنتائج زيارة وفد مسد لدمشق».
وفي موضوع مخطوفي السويداء، أكد مصدر في المحافظة لـ «الحياة» أن «النظام أبلغ وجهاء المحافظة، عبر مسؤوليه، أنه يعمل على إطلاقهم... هناك محادثات سرية بين النظام والتنظيم (داعش) حول هذه القضية». ولم يستبعد أن «يكون النظام على علم بمكان وجودهم»، لافتاً إلى «تواصل العمليات العسكرية وتقدم قوات النظام باتجاه منطقة الصفا التي أشرفت عليها من ثلاثة محاور، وبدأت تمهيداً مدفعياً وجوياً على المنطقة التي يرجح أن عناصر التنظيم تحصنوا فيها، ما قد يشكل خطراً كبيراً على مصير المخطوفين في حال كانوا في قبضة داعش».
ليلة دموية في إدلب: عشرات القتلى والجرحى
عاد الهدوء الحذر ليخيم على محافظة إدلب السورية (شمال) بعد سلسلة من الغارات التي استهدفت جنوبها وريفها وخلفت 31 قتيلاً فضلاً عن عشرات الجرحى، بالتزامن مع أنباء عن استقدام النظام تعزيزات عسكرية ضخمة إلى أرياف حماة وإدلب واللاذقية... كما تصدّت الدفاعات الجوية السورية لما وصفته بـ «هدف معاد» فوق ريف دمشق قرب الحدود مع لبنان، أفادت مصادر بأنّه كان يستهدف مواقع لـ «حزب الله».
وفي تفاصيل الليلة الدامية في محيط إدلب، أوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن إدلب قضت ساعات نهار الأمس في البحث تحت الأنقاض عن أحياء وانتشال جثث الضحايا الذين قضوا نتيجة استهداف الطائرات الحربية والمروحية عموم ريف إدلب الجنوبي، وشملت مدينة معرة النعمان وأطرافها، وبلدات وقرى التمانعة، وترملا، والهبيط، بعشرات الغارات والبراميل المتفجرة .
وصرّح المرصد بأنّ طائرات النظام شنت أعنف عملية منذ نحو شهر ونفّذت أكثر من 110 غارات على القطاع الجنوبي بريف إدلب.
وكانت الأمم المتحدة دعت إلى إجراء مفاوضات عاجلة لتجنّب «حمام دم في صفوف المدنيين» في محافظة إدلب، آخر معقل للمقاتلين المعارضين للنظام.
وصرّح رئيس فريق مهمّات الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة يان إيغلاند بأنّه «لا يمكن السماح بامتداد الحرب إلى إدلب».
وقال إيغلاند إنه لا يزال «يأمل» بأن تتمكن الجهود الديبلوماسية الجارية من منع عملية عسكرية برية كبيرة يمكن أن تجبر مئات الآلاف على الفرار». وأضاف: «الأمر سيّء الآن، ويمكن أن يصبح أسوأ بمئة مرة».
درعا: خسائر في صفوف النظام
من جانب آخر، أفاد المرصد بمقتل المزيد من عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها في انفجار مستودع ألغام في إحدى بلدات ريف درعا الشمالي.
ورصد المرصد مقتل تسعة على الأقل، بينهم ضباط برتبة عقيد، فيما لا تزال أعداد القتلى قابلة للازدياد لوجود أكثر من 12 جريحاً بعضهم جراحه خطرة.
ونقل المرصد عن مصادر أنّ الانفجارات التي وقعت الجمعة ناجمة عن انفجار ألغام بعناصر من قوات النظام وأشخاص كانوا موجودين في المنطقة خلال عملية نقل ألغام من أحد مواقع قوات النظام في بلدة محجة.
الأمم المتحدة تحذّر
في هذه الأجواء من التصعيد، طالب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا التابع للأمم المتحدة بـ «الوصول الفوري ومن دون إعاقة في شكل عاجل إلى جميع المحتاجين في جنوب غربي سورية، لا سيما في منطقة الجولان».
وشدّد مكتب التنسيق على أنّ تواصل الأعمال العدائية خلال الأسابيع الخمسة الماضية تسبّببنزوح ما يقارب الـ182600 شخص من ديارهم «وهم في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، مع افتقار الأمم المتحدة إلى الوصول المستمر» إلى السكان المتضررين.
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء الوضع الإنساني لما يقارب الـ100 ألف شخص في منطقة الجولان لا يزالون يواجهون الأعمال العدائية، لا سيما مع توقف قوافل المساعدات عبر الحدود من الأردن لأكثر من شهر بسبب تدهور الوضع في جنوب غربي سورية، محذرة من نفاد إمدادات المأوى والمواد غير الغذائية بالفعل، ولا يمكن إعادة تخزينها بالكامل بسبب الافتقار إلى القدرة على الوصول.
تصد لهدف «معاد»
وفي غرب دمشق قرب الحدود مع لبنان، تصدت الدفاعات الجوية السورية ليل الجمعة - السبت «لهدف معاد»، لم تحدد الجهة المسؤولة عنه. وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) أنّ اختراق الأجواء تم فوق منطقة دير العشائر في ريف دمشق، في وقت تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان من جهته عن «محاولات استهداف مواقع تابعة لقوات النظام والمسلحين الموالين لها في منطقة دير العشائر غرب العاصمة دمشق. وأشار إلى تواجد عناصر من حزب الله اللبناني في المنطقة. وتحدّث المرصد عن انفجارات هزّت أماكن في غرب العاصمة خلال محاولات تصدي الدفاعات الجوية للهدف الجوي. وكانت قوات النظام السوري أطلقت الدفاعات الجوية بطريقة مماثلة فوق غرب دمشق ليل الخميس الجمعة. وألقت وكالة أنباء «سانا» باللوم على إسرائيل في الاختراقات.
| |
|