التاريخ: آب ٢, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
بيانات الوفيات في سورية تكشف مصير مئات المعتقلين
بيروت - رويترز 
على مدى ست سنوات، ظلت آمنة الخولاني متشبثة بالأمل في أن يكون شقيقاها مجد وعبدالستار على قيد الحياة، على رغم انقطاع الأخبار عنهما في سجن للنظام السوري بعد اعتقالهما في أوائل الحرب. غير أنها علمت في الأسبوع الماضي، من سجلات رسمية نشرت حديثاً وحصل عليها أقارب، أن الرجلين توفيا عام 2013 أي بعد أسابيع فقط من آخر مرة رأتهما الأسرة من خلال سور حديدي أثناء زيارة إلى سجن صيدنايا العسكري قرب دمشق.

وقالت آمنة، وهي الآن لاجئة في بريطانيا: «كل الوسايط كانت تجيب لنا إنه تمّ إعدامهم. هذا الحكي من زمان يوصلنا بس نحن ما نتقبله مليون بالمئة. نعرف إن النظام مجرم وإنه ممكن يعملا بس دائماً يضل عندك أمل إن هذا كلام إشاعة أو مو صحيح».

وبعد سنوات من الصمت الحكومي بشأن مصير عشرات الآلاف من الأشخاص الذين تقول منظمات حقوقية إنهم اختفوا قسرياً خلال الحرب، قال سوريون علموا في الآونة الأخيرة بمصير ذويهم إن «السلطات بدأت تحديث السجلات لتعترف بوفاة المئات».

وقالت منظمات حقوقية وسوريون إن الأسر بدأت في نيسان (أبريل) تكتشف بمحض الصدفة ما حدث لأحبائهم، عندما طلبت سجلات من مكاتب السجل المدني المطلوبة لكثير من الأعمال الإدارية في سورية.

وانتشرت الأنباء عن أن السلطات بدأت تعترف بالوفيات وأقبل المزيد من الناس على مكاتب التسجيل للحصول على معلومات.

ونفى النظام العام الماضي تقريراً لمنظمة العفو الدولية يتهمه بتنفيذ حملة إعدام جماعي في سجن صيدنايا.

وسجلت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» التي توثق مجريات الحرب من خارج سورية، 532 حالة اختفاء قسري لأشخاص أُدرجت أسماؤهم ضمن المتوفين في السجلات الرسمية في الأشهر الأخيرة من دون إبلاغ ذويهم مسبقا بوفاتهم. وقال رئيس الشبكة فاضل عبدالغني إن بيانات الوفاة إشارة من (رئيس النظام بشار) الأسد إلى سورية بأنه انتصر.

وقدر أنور البني المحامي في المركز السوري للأبحاث والدراسات القانونية ومقره برلين، وهو نفسه كان معتقلاً سابقاً، عدد المختفين بأنه أكبر من ذلك بكثير. ووثق البني حتى الآن ثلاثة آلاف اسم بناء على مصادر من داخل سورية ووصف ذلك بأنه قمة جبل الجليد.

وقالت فدوى محمود وهي لاجئة في ألمانيا تبلغ من العمر 63 سنة وقامت بإنشاء جماعة (عائلات من أجل الحرية) التي تقوم بحملات بالإنابة عن السوريين المختفين والمعتقلين: «العالم اللي عم تنزل على قيد النفوس (السجل المدني) أنو شي مريع اللي عم بيصير انه أم ولا أخت عم تنزل تشوف انه تطمئن إذا ابنها موجود بهاي القوائم أو لا... اللي بتعرف بيوقعوا بالأرض بيغموا». وتنتظر فدوى نفسها معرفة مصير زوجها وابنها المعتقلين في 2012.

وكثير من بيانات الوفاة في السجلات التي تم تحديثها لنشطاء اعتقلوا في بدايات «الانتفاضة» السورية في 2011 و2012.

وجاء كثيرون من هؤلاء من ضاحية داريا في دمشق التي كانت أحد المراكز الأولى في الانتفاضة وحيث هزمت الحكومة مسلحي المعارضة أخيراً في 2016 بعد حصار استمر سنوات. وقالت آمنة إن الوثيقة لا تذكر بالطبع أنهم ماتوا في السجن.

وأضافت: «وصلنا بإخراج القيد أو بيان الوفاة تاريخ الوفاة بالساعة وباليوم طبعاً، التاريخ واحد ... معظم شباب داريا اللي كان واصل لأهلهم خبر استشهادهم تأكد لأن معظمهم استشهدوا الساعة العاشرة مساء في 15 كانون الثاني (يناير) 2013 ...ما بينكتب سبب وفاة». وقالت إن أشقاءها «شاركوا بالحراك السلمي التظاهرات ... شاركوا بتوزيع الورود والمياه للعساكر والجنود ... كان مطلبهم الحرية والكرامة ودولة مواطنة».

وقالت آمنة إن المحتج إسلام الدباس صديق عبد الستار توفي في ذلك اليوم. وتوفي في اليوم ذاته أيضاً يحيى الشوربجي الناشط المعروف في داريا وفق ما قالت أسرته التي تعيش خارج سورية. ودفع عدد من تم تسجيل وفاتهم في اليوم ذاته من سكان داريا ذويهم إلى استنتاج أنه تم إعدامهم معاً.

وقال ساكن من المعضمية وهي واحدة من البؤر الأولى للانتفاضة إن 96 شخصاً أدرجوا في الآونة الأخيرة في قائمة مكتب السجلات المحلي للوفيات. ولكن ليس من بينهم نجله المفقود منذ كانون الثاني 2013. وأضاف: «قلبي يقول وأمنياتي أن يكون حياً، ولكن العقل المجرد من أي أهواء يقول إنه تمت تصفيته مع كثيرين، لأنه كان ناشطاً سلمياً مدنياً وإغاثياً».

وقالت «الشبكة السورية» إنها وثقت ما لا يقل عن 85036 حالة اختفاء قسري في أنحاء سورية منذ بدء الحرب. وأضافت أن من المعتقد أن أجهزة أمن النظام خطفت حوالى 90 في المئة منهم والباقون خطفتهم فصائل مسلحة.