التاريخ: تموز ١٠, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
دمشق تطوّق درعا وتحاصر آلافاً والمعارضة تتوقع سيناريو درعا في إدلب
لندن، عمان، القدس المحتلة - «الحياة»، رويترز
رسّخ النظام السوري أمس نفوذه في الجنوب بالسيطرة على الشريط الحدودي مع الأردن، وباتت قواته للمرة الأولى منذ أكثر من 5 سنوات، على خط التماس مع جيب خاضع لسيطرة تنظيم «داعش». وبدا أمس أن النظام السوري يتجه إلى فتح معركة السيطرة على الحدود السورية مع الجولان المحتل، الأمر الذي قابلته إسرائيل بتكرار التهديد بـ «رد عنيف» حال انتهاك «خطوط فض الاشتباك» الموقعة عام 1974.

وأفاد مسلحون في المعارضة بأن جيش النظام وحلفاءه فرضوا حصاراً أمس على جيب خاضع للمعارضة في مدينة درعا، وأنهم في طريقهم للسيطرة على كل المدينة التي كانت مهد الانتفاضة ضد حكم الرئيس بشار الأسد، فيما أوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الشريط الحدودي، من محافظة السويداء وصولاً إلى خط التماس مع فصيل «جيش خالد» المبايع لتنظيم «داعش» الإرهابي، بات تحت سيطرة النظام. وأضاف أن النظام قصف بأكثر من 20 قذيفة مناطق عدة في ريف محافظة القنيطرة المتاخمة للحدود مع الجولان المحتل.

وقال الناطق باسم المعارضة المسلحة في درعا أبو شيماء إن آلافاً عدة محاصرون الآن بعد أن دخل الجيش قاعدة رئيسة غرب المدينة من دون قتال، مشيراً إلى أن «الجيش والمسلحين المتحالفين معه طوقوا درعا بالكامل».

وتُعد استعادة الأسد كامل درعا خسارة للمعارضة، إذ إن المدينة كانت رمزاً للاحتجاجات السلمية التي امتدت إلى أرجاء سورية. وأوضحت مصادر من المعارضة أن التقدم في درعا سيسمح للقوات الحكومية، للمرة الأولى، بالسيطرة على الخطوط الأمامية لـ «الجيش الحر»، فيما يسيطر «داعش» على جيب وادي اليرموك جنوب غربي درعا على امتداد الحدود مع الأردن وإسرائيل. وقال ضابط استخبارات من المنطقة إن الشرطة العسكرية الروسية والقوات السورية «دخلت بلدة طفس وأمنت ممراً عبر أراض تسيطر عليها المعارضة إلى خط أمامي للقتال مع داعش».

وكشف أبو شيماء أن مسلحين كانوا يرغبون في الذهاب إلى محافظة إدلب (شمال سورية)، لكن هذا الطلب قوبل بالرفض بعد الحصار، في حين أعلن «مركز المصالحة الروسي» في سورية أن الشرطة العسكرية الروسية تُجهّز لإجلاء ألف مسلح مع ذويهم من جنوب سورية إلى شمالها.

وذكر مفاوض آخر للمعارضة أن جولة جديدة من المحادثات مع ضباط روس ستتناول مصير المدينة والترتيبات الأمنية بعد عودتها لسيادة الدولة. وزاد المفاوض، ويدعى أبو جهاد، أن المعارضة ستعمل مع الروس على تشكيل قوة محلية من السكان لمنع دخول الجيش إلى درعا بضمانات روسية.

وتأتي تلك التطورات قبل لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو غداً، والذي استبقته تل أبيب بتكرار التهديد بـ «رد عنيف» على أي محاولة من القوات السورية للانتشار في منطقة حدودية منزوعة السلاح في هضبة الجولان. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أمام نواب حزبه: «سنلتزم تماماً اتفاقية فك الاشتباك، وسنصرّ على التزامها بحذافيرها، وأي انتهاك سيقابل برد عنيف».

إلى ذلك، أعلن «الحشد الشعبي» العراقي أمس مقتل «مسؤول الأمن في داعش» مع عدد من عناصر التنظيم بعد تدمير ثلاث مضافات لهم داخل سورية. وأوضح قائد محور غرب الأنبار في «الحشد» قاسم مصلح في بيان: «بعد ورود معلومات استخباراتية دقيقة، وبتوجيه منا، نُفذت ضربات مدفعية دقيقة على مواقع يجتمع بها الإرهابيون في منطقة سوسة الحدودية داخل الأراضي السورية». وأضاف: «القصف أسفر عن تدمير ثلاث مضافات لداعش وقتل مجموعة من الإرهابيين في داخلها، ضمنهم عرب وأجانب ومسؤول الأمن المدعو أبو عائشة».

المعارضة تتوقع سيناريو درعا في إدلب

توقعت المعارضة السورية تكرار سيناريو محافظة درعا، التي تمكن النظام السوري من السيطرة على غالبيتها، مع محافظة إدلب (شمال سورية) الخاضعة لاتفاق «وقف التصعيد» الذي وقعته الدول الثلاث الضامنة لعملية «آستانة»: روسيا وتركيا وإيران. وعزز تلك التوقعات تكرار رئيس النظام بشار الأسد أمس، تأكيده الاستمرار في «تحرير أراضي سورية كافة مهما كانت الجهة التي تحتلها».


وقال رئيس الائتلاف الوطني السابق والمستقيل من عضويته خالد خوجة، أنه من المرجح أن يتكرر سيناريو درعا في مدينة إدلب والشمال السوري. ولفت الخوجة في تغريدة عبر «تويتر» رداً على «من يسأل في الشمال ممن لا يزال يسند ظهره إلى ولي أمره وسلاحه في غمده»، الى أن «ولي الأمر عندها سينسحب ويتركك».

وأضاف تعقيباً عمّا وصفه بالمسارات والاتفاقات الدولية وغيرها، أنه «كم ثور أُكل بعد الثور الأبيض قبل أن يأتِ دورك»، في إشارة إلى المناطق التي سقطت بيد النظام السوري في الأعوام الأخيرة.

وأكد الأسد في لقاء أجراه أمس مع الديبلوماسيين في وزارة الخارجية السورية: «مستمرون في مكافحة الإرهاب حتى تحرير كافة أراضي سورية مهما كانت الجهة التي تحتلها، وتعديل القوانين والتشريعات بما يتناسب مع المرحلة القادمة». وقال: «إن إعادة إعمار سورية على رأس أولويات الحكومة». ولفت إلى ضرورة «مكافحة الفساد وتعزيز الحوار بين السوريين والعمل على عودة اللاجئين الذين غادروا سورية هرباً من الإرهاب، وتنشيط المسار السياسي الذي تعرقله بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة». وشدد على أن «الاتفاق على المستوى الوطني هو الفيصل في إقرار أي اتفاق أو شأن أساسي»، موضحاً أن هذا الاتفاق لا يأتي إلا عبر الحوار على المستويات كافة.

وبالمثل، توقع المحلل السياسي المتخصص في الشأن السوري نضال السبع، في تصريحات نقلتها وكالة «سبوتنيك» الروسية، أن انتهاء معركة الجنوب وسيطرة النظام على درعا، «يعنيان بداية انطلاق العمليات العسكرية في إدلب»، والتي وصفها بـ»أم المعارك السورية»، حيث يتمركز أكثر من 50 ألف مسلح يتبنون فكراً متشدداً، وهذا ما يجعل المعركة كبيرة وخطيرة في الوقت نفسه، أضف إلى ذلك أنه لا يوجد مكان من الممكن أن تنتقل له عناصر المعارضة، ولا توجد أي دولة من الممكن أن تقبل بهم، وهذا ما يجعل المعركة هناك مسألة حياة أو موت للطرفين».

وأشار إلى أن منطق التسويات، الذي اعتمده النظام السوري والجانب الروسي مع فصائل المعارضة في الجنوب، لن يكون متبعاً مع تنظيم «داعش» الإرهابي الموجود عند حدود الجولان، بالتالي علينا أن نتوقع معركة كبيرة في تلك المنطقة من أجل اجتثاث الإرهاب.