التاريخ: حزيران ٣٠, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
عون: عودة النازحين تتم بملء إرادتهم وهيئات من المجتمع المدني: سكوتنا لم يعد جائزاً
أكد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت «دعم بريطانيا الدائم للبنان»، وذلك في ختام زيارته الثانية بيروت في أقل من عام حيث التقى المسؤولين وتفقد مشاريع ممولة من المملكة المتحدة.

وفي اجتماعاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، شجّع بيرت وفق بيان للسفارة البريطانية على «التشكيل السريع للحكومة لتقوم بالإصلاحات التي تحتاج إليها البلاد، لتطبيق السياسات الاقتصادية التي ستزيد من استقرار لبنان».

وكرّر «دعم المملكة المتحدة المستمر للبنان والمجتمعات المضيفة لتخفيف عبء اللاجئين، مناقشاً أثر استضافة مثل هذه الأعداد الكبيرة منهم على لبنان».

وفي نهاية زيارته قال بيرت:» يسرّني أن أعود وأرى كيف أن المملكة المتحدة وهي داعم قوي للبنان تؤكد التزامها بالوقوف جنباً إلى جنب معه الآن وفي المستقبل، مقدّمة الدعم والشراكة المتميّزة. وأبلغت المسؤولين اللبنانيين أن المملكة المتحدة تدرك ضخامة التحديات التي يواجهها لبنان، من خلال توفيره، وبكلفة كبيرة، المأوى والتعليم وفرص العمل للكثيرين ممن هربوا من العنف المروع والخوف والدمار في سورية. وسنواصل ضمان حصول لبنان على الدعم الدولي الذي يستحقه كما نريد أن نرى عودة اللاجئين السوريين إلى سورية عندما يصبح الوضع آمناً».

وأضاف: «كانت أيضًا فرصة للإعلان عن بدء بناء مركز تدريب للجيش اللبناني بتمويل من المملكة المتحدة في البقاع، وسرّني رؤية التقدم اللافت في بناء هذا المرفق التدريبي المهم. وسيتيح المركز، إنشاء مرفق جديد ومتخصص لتدريب أفواج الحدود البرية، والمساهمة في التزام المملكة المتحدة العام تدريب 11000 عنصر في الجيش اللبناني بحلول عام 2019، و14000 بحلول عام2021».

وأبلغ رئيس الجمهورية الوزير البريطاني أنه «سيعمل مع الحكومة الجديدة على تنفيذ التعهدات بتحسين الاقتصاد الوطني واستكمال الإصلاحات الإدارية ومحاربة الفساد ما يضع لبنان على سكة النهوض والنمو، ويمكنه من الاستفادة القصوى من نتائج مؤتمر»سيدر» الذي عقد في باريس». وأكد «العمل على تعزيز العلاقات اللبنانية- البريطانية والسهر على تطويرها في المجالات كافة والانطلاق لبناء أسس لتعاون اقتصادي أعمق وأبعد من الأزمات الحالية، وخصوصاً لجهة تفعيل الاستثمارات وتقوية التبادل التجاري بين البلدين».

وفيما شكر الرئيس عون الوزير بيرت على الدعم الذي تقدمه بلاده للجيش اللبناني لاسيما لجهة بناء أبراج المراقبة لتأمين الحدود اللبنانية- السورية، طلب مساعدة المملكة المتحدة كي توقف إسرائيل انتهاكها السيادة اللبنانية في البر والجو، «علماً أن لبنان يلتزم الهدنة ويطبق قرار مجلس الأمن الرقم 1701 لكنه سيكون ملزماً بالدفاع عن سيادته وسلامة أراضيه إذا بادرت إسرائيل بالاعتداء علينا».

وتطرق رئيس الجمهورية إلى التداعيات التي نتجت من النزوح السوري إلى لبنان على مختلف الصعد والتي تتزايد يوماً بعد يوم، لافتاً الى أن «لبنان مستمر في تقديم الرعاية للنازحين على رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها، وهو مستمر في دعوة المجتمع الدولي الى تسهيل عودتهم تدريجاً الى الأماكن الآمنة في سورية»، واعتبر أن «العودة الطوعية للسوريين التي تتم من حين الى آخر ولو بأعداد قليلة، تؤكد وجود رغبة لدى غالبية النازحين بالعودة الى بلادهم بعد التأكد من توافر الضمانات اللازمة لأمنهم وسلامتهم، نافياً ما يشاع عن ممارسة ضغط عليهم للعودة التي تتم بملء إرادتهم».

أما بيرت فأكد أن بلاده دعمت مؤتمر «سيدر» وهي تتطلع الى المساهمة في المشاريع الإنمائية التي وردت في ورقة العمل اللبنانية. وأعرب عن «امتنان بريطانيا والمجتمع الدولي للرعاية التي يقدمها لبنان للنازحين السوريين، والأعباء الكبيرة التي يتحملها في هذا المجال».

وأعلن المكتب الإعلامي لوزير الخارجية ان اللقاء مع بيرت تناول الأوضاع في سورية وضرورة «وضع خطة لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم». وشكر بيرت «موقف لبنان الذي اتخذه في اجتماع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية».

هيئات من المجتمع المدني: سكوتنا لم يعد جائزاً على خطاب الكراهية ضد اللاجئين

ردت هيئات من المجتمع المدني وشبكات تعمل في مجال حقوق الإنسان في مؤتمر صحافي عقدته أمس، في بيروت «على الخطاب التحريضي ضد اللاجئين السوريين، والذي صدر عن عدد من المسؤولين السياسيين في لبنان، والذي يمكن أن يقود إلى انتهاكات عديدة يكون اللاجئون والبلد المضيف ضحيتها». ودعت «الدولة اللبنانية والمجتمع المدولي لتحمل مسؤولياتهما في هذا المجال».

وقال ناصر ياسين باسم هذه الهيئات: «إن مؤسسات المجتمع المدني اللبناني قلقة في شأن الخطاب الشعبوي السلبي المتعلق بأزمة اللاجئين وما يمكن أن ينتج منه من انتــهاكات يكون اللاجئون والمجتمع المضيف ضحيتها، وتدعو الدولة اللبنانية الى تحمل مسؤوليتها في هذا الملف من خلال تحديد موقف حكومي واحد وواضح، وتضمين البيان الوزاري للحكومة المســـــتقبلية موقفاً وخطة واضحة للاستجابة للأزمة تراعي معايير حقوق الإنسان والتزامات لبنان الدولية».

ولفت إلى أنه «خلال الأسابيع الأخيرة ازدادت وتيرة المواقف المعلنة لعدد من السياسيين اللبنانيين عن أزمة اللاجئين ودعوتهم إلى العودة الفورية واتهام المجتمع الدولي بالتشجيع على توطينهم وإبقائهم في لبنان». ورأى أن «هذه المواقف التصعيدية تأتي في سياق سابق من مواقف عدائية إزاء اللاجئين السوريين (واللاجئين عموماً) في لبنان، وفي سياق خطاب أحادي الجانب وشعبوي يحمّل اللاجئين السوريين مسؤولية كل مشاكل لبنان. إن هذا الخطاب الأحادي يجافي الحقيقة ويمزج بين الآثار الكارثية للأزمة السورية، وبين آثار وجود اللاجئين فيه».

ولفت إلى أن «المشاكل التي نواجهها بسبب الأزمة السورية اساساً، ومن ضمنها وجود ما يزيد عن المليون لاجئ سوري في لبنان، لها انعكاسات سلبية ويمكن ان نستولد منها ايجابيات، يتوقف حجمها على توافر السياسات الوطنية الملائمة. وهذه السياسات غائبة حتى الساعة اذ لم تلجأ اي من الحكومات المتعاقبة منذ بدء الأزمة الى عقد اجتماع لمجلس الوزارة لمناقشتها، ولا دعت الى مؤتمر وطني بمشاركة القطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني بمختلف فئاته الاجتماعية والنقابية والجمعيات المعنية. بل ان ما ميز السياسة الحكومية هو الاكتفاء بالمطالبة بالدعم المالي الخارجي (مع وجود علامات استفهام كبيرة جداً على وجهة إنفاقه وحجم الهدر والفساد في ذلك)، وعلى محاولة القفز فوق الالتزامات الدولية (كأن نسمي اللاجئين نازحين مثلاً، او الخلاف على الكلمات مثل عودة آمنة وغض النظر عن الطوعية)».

وذكّر ياسين «بأن علاقة اي بلد مع اللاجئين الوافدين إليه يحكمها القانون الدولي والاتفاقات الدولية ولا سيما اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين». وقال: «هذه القوانين وضعت لحماية اللاجئين والدول المضيفة، ومنها الدول الصغيرة مثل لبنان، وهي الضمانة لعدم انتهاك حقوق اللاجئين الإنسانية وعدم تعريضهم لأخطار كانت هي السبب في هجرتهم القسرية لبلدهم. وعدم مصادقة لبنان على هذه الاتفاقية تحديداً لا يعني عدم التزامه العملي بأهم مندرجاتها لا سيما الالتزام بتوفير الحماية والحد الأدنى من متطلبات الحياة للاجئين اليه (بمساعدة دولية طبعاً)، وكذلك التزامه عدم إعادة أي لاجئ قسراً الى بلده، وذلك في اطار التزامه العام منظومة حقوق الإنسان والقانون الدولي».

وأكد أن «عودة اللاجئين حق اساسي من حقوقهم الإنسانية، ويعني ان هذه العودة مشروطة بمعايير عدة أبرزها ان تكون إرادية وآمنة وتتمتع بالحماية (تحت رعاية الأمم المتحدة)، والعمل في هذا الاتجاه لا يلغي التزام الحكومة اللبنانية حماية اللاجئين حتى ساعة عودتهم. وسبق للحكومة اللبنانية ان اكدت قولاً وفعلاً التزامها ذلك».

ودعا «المجتمع الدولي إلى أخذ خطوات اكثر صلابة ودعماً للاجئين والمجتمعات المضيفة. فالدعم المالي وحده لا يكفي، وثمة حاجة لوضع خطط واضحة لأيجاد حل سياسي للأزمة السورية يرسي اسس الاستقرار الدائم وحماية حقوق المواطنين وعدم تعرضهم للخطر، وبالإضافة الى حزمة من الحلول الفورية الأخرى مثل إعادة التوطين في دول ثالثة».

وجدد التنبيه إلى أن «خطاب الكراهية والتعصب الذي يتحول للأسف الى خطاب معمم لا يقتصر على قضايا اللاجئين وحدهم، بل يهدد السلم المجتمعي وحقوق الإنسان في لبنان، وسكوتنا عن ذلك لم يعد جائزاً».