التاريخ: حزيران ٣٠, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
لبنان: سعي «التيار» الى ثلث المعطل في الحكومة عامل ضاغط في انتخابات الرئاسة؟
قالت مصادر نيابية بارزة لـ «الحياة» إن التعقيدات التي ظهرت أمام تأليف الحكومة بسبب التنافس على الحصص الوزارية ترمز إلى أهداف سياسية غير تلك المتعلقة بالأحجام والأوزان الناجمة عن الانتخابات النيابية، وأن المضمر في هذه الخلافات هو المحرك الأساسي للتوترات التي سادت خصوصاً بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية»، وبين «التيار» و «الحزب التقدمي الاشتراكي» حول التمثيل الدرزي.

وفي تقدير هذه المصادر أن مطالبة «التيار الحر» بالحصول على 8 مقاعد وزارية وثلاثة للرئيس العماد ميشال عون يعني حصول هذا الفريق على الثلث المعطل في الحكومة لأنه في هذه الحال سيكون له 11 وزيراً من أصل ثلاثين.

وتعتقد المصادر النيابية إياها أن رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل يتصرف على أن الحكومة العتيدة ستكون حكومة العهد التي يمكن أن تستمر حتى نهايته في شكل يتطلب الاحتياط منذ الآن في تحديد ميزان القوى فيها لمصلحة «التيار»، من أجل التحكم بقراراتها عندما يحين موعد انتخاب الرئيس الجديد في ظل طموح باسيل ليكون المرشح الأقوى للرئاسة الأولى مع نهاية عهد عمه بعد 4 سنوات ونيف. وأضافت المصادر: «صحيح أنه سيكون هناك برلمان جديد سينتخب عام 2022 ليتولى هو انتخاب الرئيس الجديد وبالتالي لا يمكن توقع منذ الآن ميزان القوى فيه، إلا أن التحكم بالحكومة من طريق الثلث المعطل فيها يتيح تعطيل العمل الحكومي للضغط على الفرقاء الآخرين كي يقبلوا بانتخاب باسيل، تماماً كما حصل قبل انتخاب العماد ميشال عون للرئاسة حين عطل «التيار الحر» بالتحالف مع «حزب الله» المؤسسات سنتين ونيفاً كي يدفع نحو التسوية بانتخابه رئيساً.

وتقول المصادر النيابية إن التخوف من هذا الهدف الذي يقف وراء مطالب «التيار» التوزيرية، هو الذي جعل فرقاء سياسيين ينبهون إلى محاذير ذلك، على رغم أن الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري يتصرف على أن العقدة هي مجرد خلاف على الحصص لا سيما على الساحة المسيحية.

وترى المصادر أن التشبث بحصول «التيار» على كتلة معطلة داخل مجلس الوزراء بالتنافس مع «القوات» و»الاشتراكي» يبدو مفتعلاً إذا جرى عطفه على ابتداع أعراف مثل حق رئيس الجمهورية في الحصول على وزراء يساعدونه على ممارسة مهماته الدستورية كما جاء في البيان الرئاسي الأربعاء، وفي حقه بتسمية نائب رئيس الحكومة في وقت يتجاوز الرئيس عون و «التيار» ممارسات سياسية سابقة لهما تناقض هذا التمسك بالأعراف المفترضة لسببين:

- الأول أن عون نفسه لم يأخذ بحق الرئيس السابق ميشال سلمان تسمية نائب رئيس الحكومة في بداية عهده عام 2009، حين أصر كرئيس كتلة نيابية في حينها على أن يسمي هو اللواء عصام أو جمرة نائباً لرئيس مجلس الوزراء في حكومة الرئيس فؤد السنيورة بعد اتفاق الدوحة.

- الثاني أن عون (والتيار الحر) كان يعيب على الرؤساء السابقين أنهم ضعفاء في تمثيل المسيحيين لأنهم لا يتمتعون بكتلة نيابية وازنة في البرلمان، وبالتالي في الحكومة، تساند قرارات الرئاسة، في حين هو الأقوى مسيحياً نظراً إلى تمثيل حزبه الشريحة الأكبر منهم، والأقدر على أن تكون له كتلة نيابية ووزارية في الحكومة يرتكز إليها في ممارسة صلاحياته ودوره، لا سيما بعد أن نزع اتفاق الطائف بعض الصلاحيات من الرئاسة ووضعها في مجلس الوزراء مجتمعاً. أما الآن فإن عون موجود في الرئاسة تحت شعار «الرئيس القوي»، بالاستناد إلى «التيار الحر» الذي يشكل رافعة شعبية ونيابية لعهده في البرلمان وفي الحكومة، وبالتالي فإن مبرر حصوله على وزراء في شكل منفصل عن حزبه باتت حجة ضعيفة، إذ إنه كان يعارض في السابق تسمية سليمان لعدد من الوزراء بحجة أن ليس له وزن تمثيلي. وكانت الحجة لتبرير حصول سليمان على كتلة وزارية أن ليس لديه كتلة أو حزب يدعمان توجهاته.

بو صعب: باسيل أبلغ الحريري عدم معارضته «سيادية» للقوات

أكدت كتلة «الوسط المستقل» بعد اجتماعها برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، وحضور النواب جان عبيد ونقولا نحاس وعلي درويش «دعم مهمة الرئيس سعد الحريري في تشكيل حكومة جديدة، بالتعاون مع رئيس الجمهورية ميشال عون». ودعت «جميع الأطراف إلى تسهيل هذه المهمة».

من جهة أخرى، أعلن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الديبلوماسية النائب الياس بوصعب أن «رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أبلغ الرئيس سعد الحريري أن التيار الوطني لا يمانع إعطاء القوات (اللبنانية) حقيبة سيادية».

ونبه إلى أن «موقع نائب رئيس الحكومة يتصرف به رئيس الجمهورية، وهذا أمر غير قابل للنقاش وعرف لا يجوز التخلي عنه لأن في ذلك إضعافاً لموقع الرئيس الجمهورية». وأعلن أن «موقفنا الرسمي يكمن في تمثيل جميع الفرقاء بشكل عادل وفقاً لأحجامهم».

وفي المقابل أكد أمين سر تكتل «الجمهورية القوية» النائب السابق فادي كرم «أن لولا الإيجابيات التي تلوح في سماء العلاقة الجيّدة التي تربط «القوات» برئيس الجمهورية، لما تقرر عقد لقاء بين الرئيس عون والدكتور سمير جعجع». وأوضح «ان ما يُحكى الآن، هو فتح صفحة ايجابية جديدة بهدف التنسيق، يكون عنوانها الأساسي الالتزام باتّفاق معراب».

الى ذلك، رأى الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله أن «المشكلة الحقيقية حتى الآن التي حالت دون تشكيل الحكومة الجديدة هي ضياع المعايير». وقال: «يجب أن يكون هناك معيار واحد وواضح يتم على أساسه تشكيل الحكومة وعلى الجميع أن يلتزموا به. إذا كنّا نريد حقيقة حكومة وحدة وطنية فليتثمل كل من له حق أن يتمثل».

ودعا في موضوع المعايير إلى «التزام دقيق بنتائج الانتخابات النيابية، ومعيار واحد يسري على الجميع، علينا وعلى غيرنا. وإلا سوف ندعو إلى أن نأخذ حصة بحجم تكتلنا». وقال: «إذا لم يُصَرْ إلى اعتماد معيار موحد أنا سأطالب بالتفاهم مع الرئيس نبيه بري بزيادة حجم وزرائنا الطبيعي وفق حجمنا في المجلس النيابي وهو 30 نائباً، ليكون تمثيلنا بأكثر من 6 وزراء».

وأضاف: «أنا أقول ذلك، ليس لتعقيد المسألة، إنما لأدعو الآخرين إلى التسهيل والتسريع والتواضع ودفع الأمور في اتجاه الإيجابية المطلوبة».