| | التاريخ: حزيران ٢٩, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | الخدمة العسكرية الإلزامية «تلجم» عودة لاجئين سوريين | سعدنايل (لبنان) - أ ف ب
بعد سنوات أمضاها في مخيمات اللجوء في لبنان، يجد محمد نفسه أمام خيارين سيئين لا ثالث لهما، البقاء في ظل الفقر المدقع أو العودة إلى بلاده سورية، مخاطراً بسوقه إلى الخدمة الإلزامية في قوات النظام.
تحت خيمة بلاستيك بالكاد تقيه أشعة الشمس في مخيم على أطراف بلدة سعدنايل في شرق لبنان، يسأل محمد (18 سنة) «من يختار الذهاب إلى الموت برجليه؟».
انتقل محمد مع والديه وأشقائه وشقيقاته الأربع إلى لبنان قبل سبع سنوات بعدما فروا مع تصاعد التوتر في محافظة حلب (شمال سورية) التي يتحدرون منها.
عاش محمد مراهقته في مخيمات النزوح، وتحمل المسؤولية باكراً، بعدما وجد نفسه مضطراً للعمل مع والده لإعالة العائلة في حقل مخصص لزراعة البطاطا في منطقة البقاع (شرق). ويكسب شهرياً نحو 400 دولار فقط.
يتمنى محمد أن يعود إلى بلده لكنه يخشى الخدمة العسكرية. وقال خلال تمضيته الوقت مع أصدقائه في يوم إجازته الوحيد: «لا أحد ينسى بلده، ولكن إذا عدنا اليوم سأُطلب لقوات النظام»، مضيفاً: «من سيعيل عائلتي؟».
ويقدر لبنان وجود حوالى مليون ونصف لاجئ سوري على أراضيه فروا خلال سنوات الحرب من مناطقهم ويعانون من ظروف إنسانية صعبة. وكرر مسؤولون لبنانيون في الأشهر الأخيرة المطالبة بضرورة عودة اللاجئين إلى مناطق توقفت فيها المعارك.
ويسود توتر منذ أسابيع بين وزارة الخارجية اللبنانية جبران باسيل ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعد أن اتهم الأول المنظمة الدولية بـ «تخويف» اللاجئين لعدم العودة إلى بلادهم، قبل أن يعلّق طلبات الإقامة لموظفي المفوضية.
ووفق دراسة أجرتها مفوضية اللاجئين حول نوايا اللاجئين السوريين، تبين أن الغالبية العظمى، حوالى 90 في المئة، يريدون العودة في أسرع وقت ممكن. لكن في الوقت ذاته، يتحدث جزء كبير منهم عن ظروف تمنعهم من العودة إن كان الوضع الأمني أو عدم وجود خدمات أو منازل تأويهم فضلاً عن الخشية من الاعتقالات والخدمة الإلزامية في قوات النظام.
وتساءل بعضهم، وفق ما تقول الناطقة باسم المفوضية في لبنان ليزا أبو خالد: «هل هناك مستشفى في قريتي؟ هل لدي منزل؟ هل لدي وسيلة للعيش؟».
وجاء في الدراسة: «لكي تتمكن عائلات اللاجئين من العودة بكل ثقة، يجب أن يحصل المعيلون على ضمانات بأنهم سيكونون قادرين على سد حاجات أفراد عائلاتهم وألا يتم إرسالهم إلى الجبهات».
في سورية، يفترض بالشبان الالتحاق بالخدمة الإلزامية عند بلوغهم سن الـ18. وكانت مدة الخدمة تتراوح بين عام ونصف إلى عامين، لكن بعد اندلاع النزاع عام 2011 باتت الخدمة تطول لسنوات. وأعلنت دمشق مطلع الشهر الجاري تسريح مجندين التحقوا بالخدمة الإلزامية منذ عام 2010.
ويمنح المجند بعد انتهاء خدمته رقماً في الاحتياط ويمكن السلطات أن تطلبه في أي وقت للالتحاق بصفوف قواتها.
ويحلم حسن خليف، النازح من محافظة إدلب (شمال غربي سورية)، منذ سبع سنوات بالعودة «اليوم قبل الغد»، لكنه يخشى أيضاً الالتحاق بالجيش.
وقال حسن (23 سنة): «بالطبع سيأخذونني إلى الخدمة. لدي أطفال من سيعيلهم؟ أقربائي هم من سيعيلونهم وكل واحد منهم لديه أربعة إلى خمسة أطفال أصلاً؟».
وتشكل قضية عودة اللاجئين السوريين إحدى النقاط المشتركة القليلة التي يجمع عليها المسؤولون اللبنانيون. ويبدو لبنان عازماً على حل هذا الملف.
وفي نيسان (أبريل) الماضي، غادر 500 لاجئ جنوب لبنان عائدين إلى سورية. وفي أيار (مايو) الماضي، تحدث مدير عام الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم عن عودة مقبلة لـ «الآلاف غيرهم».
ولا يرغب أبو حسن (30 سنة)، والد لطفلين، أن يكون ضمن المجموعات العائدة. وقال: «لا يمكنك أن تعود إلى البلد إذا لم تكن الحرب قد انتهت. ليس هناك أمان، ولا يمكنك العمل ولا حتى التنقل».
يعمل أبو حسن، الطباخ سابقاً، في أشغال عدة في لبنان ليؤمن لقمة عيش عائلته. وعلى رغم أنه أدى الخدمة الإلزامية قبل سنوات، يخشى أن يتم استدعاؤه مجدداً كاحتياطي.
وقال «اذهبوا إلى سورية لتروا بأنفسكم، ليس هناك شباب. في المنازل، يوجد نساء وأطفال وعجّز»، متسائلاً: «أين هم الشباب؟ فروا إلى أوروبا، إلى لبنان أو انضموا إلى الجيش». | |
|