التاريخ: حزيران ٢٩, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
ضغط دولي لـ «وقف التصعيد» في الجنوب تتحداه دمشق وموسكو بيوم دموي في درعا
70 ألفاً نزحوا و5 مستشفيات تعرضت لقصف
بيروت، لندن، موسكو، باريس، جنيف - ناجية الحصري، «الحياة»، أ ف ب
تحدّت دمشق وحليفتها موسكو أمس، النداءات الدولية الداعية إلى التزام اتفاق «خفض التصعيد» في الجنوب السوري، وكثّفتا الغارات على شرق درعا، ما تسبب في مجزرتين مروعتين راح ضحيتهما عشرات القتلى والجرحى، بالإضافة على تمديد العمليات العسكرية لتصل إلى ريف المدينة الغربي. جاء هذا التصعيد في وقت أُعلن عن زيارة يقوم بها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لموسكو الأربعاء المقبل، ستكون منطقة خفض التصعيد في صلبها.

ورجح مصدر روسي مطلع أن تُحقق القمة المنتظرة بين الرئيسيْن الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب «اختراقاً في الملف السوري». وأوضح لـ «الحياة» أن «الجانبين متفقان على معظم تفاصيل الحل بالنسبة إلى مستقبل سورية... واشنطن ما زالت على موقفها في شأن تفويض موسكو تسوية للملف السوري شرط حل عقدة الوجود الإيراني»، وتراهن على «قدرة موسكو على إخراج الجانب الإيراني من سورية وضمان أمن إسرائيل، في مقابل عدم الحديث عن مصير رئيس النظام بشار الأسد».

وسُجل أمس استنفار دولي للضغط باتجاه لجم العنف والتزام «وقف التصعيد». واعتبرت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن التصعيد في الجنوب «يشكل تهديداً لأمن دول الجوار، ومخاطرة تهدد المفاوضات السياسية تحت الرعاية الأممية». وقالت في بيان عقب محادثات مع المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا: «ناقشنا التصعيد المقلق للعنف في جنوب غربي سورية، الأمر الذي يؤدي إلى نزوح عشرات الآلاف، ويُشكل تهديداً لأمن الدول المجاورة، ومخاطرة من شأنها وضع عقبات إضافية في طريق المفاوضات السياسية».

وأوضح البيان أن دي ميستورا أطلع موغيريني على نتائج اجتماعاته الأخيرة مع ممثلي الدول الضامنة لمحادثات «آستانة» (روسيا وإيران وتركيا)، والعمل على تشكيل لجنة دستورية لاستئناف المفاوضات في جنيف. وأعربت موغيريني عن دعم الاتحاد الأوروبي القوي لهذه الجهود، وأملها في أن تتمكن الأطراف السورية من بدء مفاوضات سلام بمشاركة ممثلي المجتمع المدني.

ونبهت باريس إلى أن الهجوم على جنوب غرب سورية «يخاطر بزعزعة الاستقرار في المنطقة»، وحضت موسكو على «تنفيذ التعهدات التي قطعتها العام الماضي في ما يتعلق باتفاق خفض التصعيد».

في المقابل، ألقت روسيا على واشنطن مسؤولية «الفشل في ضمان وقف النار في الجنوب، وتنفيذ تعهداتها في إطار الاتفاق». وقالت الناطقة باسم خارجيتها ماريا زاخاروفا في مؤتمر صحافي: «على رغم الالتزامات، إلا أن شركاءنا فشلوا في ضمان عمل نظام وقف الأعمال القتالية من المعارضة المسلحة، وكذلك مواصلة محاربة الجماعات المتطرفة». وأوضحت أن «إرهابيي النصرة وداعش الذين لم يتم القضاء عليهم، يستفيدون من انعدام السلطة في الأراضي غير الخاضعة لسيطرة الحكومة، كما يقومون بتعزيز قدراتهم القتالية ويلجأون إلى الاستفزاز».

ميدانياً، عاشت محافظة درعا يوماً دموياً مع تكثيف النظام وحليفه الروسي، الغارات على المناطق الشرقية. ووسع النظام دائرة الأهداف لتشمل الريف الغربي، كما تمكن من السيطرة على مدينة ناحتة بعد نحو 10 أيام من القتال، ليوسع مناطق سيطرته في منطقة اللجاة.

ورصدت منظمة الدفاع المدني 871 غارة جوية روسية وسورية. وقالت منظمة «الخوذ البيض» إن إجمالي عدد القتلى منذ بداية الحملة «وصل إلى 109، منهم 21 طفلاً، و20 امرأة، و3 من طواقم الإسعاف».

الى ذلك، بدأ نازحون سوريون في لبنان بالعودة الى بلادهم أمس. ومن أصل 3000 نازح سوري في بلدة عرسال اللبنانية السورية سجلوا أسماءهم قبل أكثر من شهرين لدى الأمن العام اللبناني، عاد 294 منهم إلى القلمون الغربي بعد نيلهم الموافقة السورية على عودتهم في إطار برنامج المصالحة.

ولم تشمل الموافقة السورية أسماء كل أفراد عائلات نازحين، فتراجع هؤلاء عن العودة في انتظار الموافقة السورية على بقية أفراد العائلة. وقال رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري لـ «الحياة» إن السلطات السورية أبلغت الجانب اللبناني «أنها تفضل عودة النازحين على دفعات».

مجازر في درعا والنظام السوري يوسع هجومه إلى ريفها الغربي
موسكو - سامر الياس 
وسط تحذيرات من كارثة إنسانية، عاشت محافظة درعا يوماً دموياً مع تكثيف النظام وحليفه الروسي الغارات على المناطق الشرقية من المحافظة ما تسبب في مجزرتين مروعتين في بلدة الطيبة، ومدينة المسيفرة، ووسع النظام السوري دائرة الأهداف لتشمل الريف الغربي مع استهداف مدينة نوى في شكل عنيف، ومع استمرار القصف وإغلاق الحدود مع الأردن توجه عشرات الآلاف اتجاه الحدود مع الجولان السوري المحتل، والبلدات التي وقعت سابقاً مصالحات مع النظام.

وحذرت منظمة الدفاع المدني «الخوذ البيض» من كارثة إنسانية بسبب المجازر، وموجات النزوح في ظل عدم وجود طواقم طبية كافية، وشح الموارد لإيواء حوالى 100 ألف نازح من مناطق القتال.

وواصل النظام حملته في شمال شرقي المحافظة، وسيطر على مدينة ناحتة بعد نحو 10 أيام من القتال، ليوسع مناطق سيطرته في منطقة اللجاة. وأكدت وسائل إعلام النظام ومصادر معارضة أن قوات النظام والميليشيات التابعة له استعادت السيطرة على اللواء 52 جنوب شرقي مدينة الحراك، وخسر النظام اللواء في معارك في أيلول (سبتمبر) 2015، وهو من أكبر الألوية التابعة للنظام في المنطقة تسليحاً ومساحة.

وبعد تعرض مدينة بصرى الشام لنحو 50 غارة، قالت مصادر في المعارضة أن النظام بدأ بحشد قواته للسيطرة على المدينة بعد تقدمه في بصر الحرير والحراك استعداداً للتوجه نحو معبر نصيب. ونشرت وكالة الأنباء السورية (سانا) التابعة للنظام صوراً لدخول القوات النظامية إلى بلدة بصر الحرير «بعد تحريرها من الإرهاب». وأكدت استعادت «وحدات الجيش السيطرة على تلة سكر الاستراتيجية في ريف درعا الشرقي بعد القضاء على آخر تجمعات إرهابيي جبهة النصرة وتكبيدهم خسائر فادحة. وتثبيت نقاط جديدة لها فوق التلة لتشكل منطلقاً لعمليات لاحقة ضد الإرهابيين في القرى المحيطة بها».

ورصدت منظمة الدفاع المدني أكثر 871 غارة جوية روسية وسورية تركزت على مدن الحراك، والمسيفرة وبصرى الشام، وداعل وبلدات الغارية الغربية، والطيبة، وكذلك مدن ونوى وجاسم والحارة الواقعة في الريف الغربي.

وفي اتصال مع «الحياة» أكد رئيس «الخوذ البيض» رائد الصالح أن «مروحيات النظام ألقت قرابة 350 برميلاً متفجراً منذ صبحية أمس وحتى الساعة الثانية بتوقيت دمشق».

وقالت أن العدد الإجمالي الموثق للقتلى منذ بداية الحملة «وصل إلى 109 منهم 21 طفلاً، و20 امرأة، و3 من طواقم الإسعاف»، وقال الصالح أن «طائرات النظام استهدفت مركز إيواء إسمنتي ما تسبب في مجزرة استشهد فيها 11 طفلاً وأربعة نساء ورجلان»، مرجحاً ارتفاع أعداد القتلى والجرحى «بسبب عدم قدرة الطواقم الوصول إلى مناطق كثيرة بسبب القصف الكثيف مع وجود عالقين تحت الأنقاض».

وحتى عصر أمس سقط أكثر من 60 مدنياً، منهم 17 على الأقل نتيجة غارة روسية حسب المعارضة على قبو تجمع فيه المدنيون في مدينة المسيفرة شرق درعا، لكن مصادر محلية رجحت مقتل ما يزيد عن 40 في المجزرة.

وفي وقت سابق قال ناشطون أن الطائرات الحربية الروسية ارتكبت مجزرة بريف درعا الشرقي مساء الأربعاء، بعد استهدافها منازل المدنيين في بلدة الطيبة، وأكدوا أن 12 شخصاً من عائلة واحدة لقوا مصرعهم.

وفي الريف الغربي، قال ناشطون أن ستة مدنيين قتلوا وجرح عشرات نتيجة قصف جوي لطائرات يرجح أنها روسية على مدينة نوى. وناشد المجلس المحلي في نوى «الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإنسانية للعمل على وقف هذه الهجمة البربرية، ومساعدة النازحين وتأمين المأوى والغذاء والدواء كما نناشد الأشقاء الأردنيين وفتح الحدود واستقبال الفارين من القصف الهمجي الذي يمارسه النظام وميليشياته الطائفية بدعم من الطيران الروسي». وأشار في بيان إلى أن « 6 ألف نسمة من أهالي المدينة والمهجرين فروا باتجاه الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، وينتشر معظمهم في السهول الزراعية تحت أشعة الشمس الحارقة بلا مأوى وجلهم من النساء والأطفال». وتتعرض المدينة منذ ثلاثة أيام لقصف عشوائي من قبل الطيران الروسي. وبعد سلسلة غارات عنيفة بدأ النظام هجوماً برياً على تل حمد الواقع غرب مدينة أبطع، وفي حال تقدم النظام في هذه الجبهة، فإنه سوف يصل إلى مشارف مدينة نوى التي كانت من أوائل مدن المحافظة الخارجة عن سيطرته في 2011. وواصل النظام استهداف مدينة درعا وألقى براميل متفجرة على البلد، وحي السد والمخيم.

70 ألفاً نزحوا و5 مستشفيات تعرضت لقصف
جنيف، عمّان - «الحياة» 
أكد مساعد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية يان إيغلاند، أن 70 ألف شخص، غادروا محافظة درعا (جنوب غربي سورية) بسبب القتال المكثف في المنطقة، مشيراً في مؤتمر صحافي في جنيف أمس إلى أن «البيانات التي تتوافر لدينا، تم تأكيدها». وأوضح أن أكثر من 50 ألف شخص فروا من درعا بحلول الأربعاء».

وشدّد على «أنّنا نناشد العالم بإنهاء القتال في المنطقة، ونشعر بالقلق حيال وضع المدنيين في إدلب»، لافتاً إلى أنّ «أكثر من 700 هجوم استهدف ​المستشفيات​ منذ بدء الحرب في ​سورية»، مشيراً إلى أنّ «من المؤسف أنّنا نشهد تصعيداً في درعا». وكشف أنّ «5 مستشفيات في محافظة درعا تعرّضت للقصف، واستمرار القتال في درعا يعرقل تحرك قوافل المساعدات».

وفي عمان، أكدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في الأردن، بأنه لا توجد حركة نزوح للاجئين السوريين باتجاه الحدود الأردنية.

وقال المتحدث الرسمي باسم المفوضية في الأردن محمد حواري «إن حركة النزوح تتجه داخل سورية نحو شرق وجنوب محافظة درعا السورية قرب الحدود الأردنية».

وأضاف حواري في تصريح لوكالة الأنباء السعودية «أن المفوضية رصدت وجود أكثر من 12 ألف أسرة بتعداد 50 ألف نازح، وتم تقديم مساعدات عينية أساسية لـ30 ألف نازح منهم».

وأكد أن المفوضية لديها إمكانات لمساعدة 60 ألف نازح فقط، مرجعاً السبب لقله التمويل لبرنامج استجابة الطوارئ.

وأضاف أن تعداد الجنوب السوري يصل إلى 750 ألف نسمة، وقد تزيد حركة النزوح إلى 200 ألف نازح إذا استمرت العملية العسكرية بالوتيرة ذاتها.