التاريخ: حزيران ٢٥, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
سوريون فروا من شدة القصف إلى مخيم معدم
بريقة (سورية) - أ ف ب 
في أرض قاحلة وتحت حرارة الشمس، ينهمك رجال ونساء في وضع شوادر بيضاء اللون فوق قضبان حديدية لتصبح خيماً تأويهم وأطفالهم بعدما فروا مسرعين على وقع التصعيد العسكري في جنوب سورية. بعد أيام من القصف العنيف، لم يجد الآلاف في قرى وبلدات ريف درعا الشرقي والشمالي خياراً أمامهم سوى الفرار، تركوا خلفهم منازلهم وتنقلوا في مناطق أكثر أمناً تحت سيطرة الفصائل المعارضة.

ووجد بعضهم ملجأ في مخيم جديد للنازحين في قرية بريقة في جنوب محافظة القنيطرة على رغم أنه يفتقد أدنى الخدمات الأساسية.

يستريح علي الحمصي (36 سنة) بعدما أنهكه نصب خيمة له ولعائلته، هو النازح حديثاً من بلدة كفر شمس في ريف درعا الشمالي. وقال: «لم أكن أنوي الذهاب إلى أي مكان، لكن شدة القصف خلال الأيام الأخيرة اضطرتنا للخروج، خصوصاً بعدما أدى القصف لموت أكثر من شخص لدينا (...) هذا ما دفعنا للخروج».

جلس الحمصي على الأرض إلى جانب أطفاله. وأضاف: «نُحضر الخيمة لنجد مكاناً نأوي فيه فقط (...) لكن هناك نقصاً في مقومات الحياة فلا توجد حتى مياه للشرب أو الغسيل».

وكان الحمصي الذي وصل الجمعة إلى بريقة برفقة آخرين من أوائل الوافدين إلى المخيم الجديد في منطقة الجولان الذي بات يأوي عشرات العائلات النازحة من ريف درعا.

ويخشى الحمصي أن يطول بقاؤه في المخيم في حال توسعت المعارك في المنطقة الجنوبية. وقال وقد اعتمر قبعة تحميه من أشعة الشمس: «أتوقع الحرب خصوصاً بعدما ألقت (قوات النظام) مناشير تهدد منطقة مثلث الموت بالحرب والقصف والدمار».

ويطلق أهل الجنوب على المنطقة التي تربط بين محافظات دمشق ودرعا والقنيطرة جنوباً اسم «مثلث الموت» نتيجة المعارك الدامية التي شهدتها قبل سنوات. وتقع بلدة كفر شمس في هذه المنطقة. وحذرت الأمم المتحدة من تداعيات التصعيد على سلامة مئات الآلاف من المدنيين. وتشير تقديراتها إلى وجود نحو 750 ألف شخص في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في جنوب البلاد.

في المخيم الجديد، يساعد بعض الأطفال أهاليهم في بناء الخيم، ويجلس آخرون ينتظرون بين أغراض قليلة تمكن الفارون من حملها معهم من فرش وأوان وجرار غاز وأغطية.

وصل فارس الصلخدي (58 سنة) وعائلته قبل ثلاثة أيام إلى المخيم هارباً من مدينته إنخل في ريف درعا الشمالي. وقال: «القصف كان عشوائياً (...) أتينا إلى هنا على متن دراجة نارية وحملت أغراضي معي، لكن لا يوجد مقومات حياة، لا مياه ولا مراحيض ولا أكل»، متوقعاً «الحرب في المنطقة الجنوبية، سيأتي النازحون إلى هنا من جميع القرى (...) الحرب ليست بعيدة». ينهمك أحد الرجال بالبحث عن حجارة كبيرة بمساعدة بعض الأطفال، يضعونها جنباً إلى جنب لتتحول إلى أرضية للخيمة. والهدف منها منع خروج الأفاعي والعقارب من التراب في مكان سيتحول إلى منزل لهم خلال الفترة المقبلة.

وعلى مقربة منهم، ينشغل رجلان عجوزان وامرأتان في وضع شادر كتب عليه شعار مفوضية الأمم المتحدة للاجئين فوق قضبان حديد، وإلى جانبهم تكدست حاجياتهم من أغطية وثياب وقد نام فوقها أحد الأطفال بانتظار أن تنتهي عائلته من عملها.

جلس محمد الحمصي (74 سنة) من بلدة كفر شمس إلى جانب أغراض أتى بها من منزله. وقال: «أتيت وعائلتي إلى المخيم في سيارة مقابل عشرة آلاف ليرة سورية (نحو 23 دولاراً)»، مشيراً إلى أن «قصف النظام دفعنا إلى المجيء إلى هنا، كاد يهبّط علينا المنازل (...) جئنا من تحت القصف، لكن هنا لا يوجد حتى خيمة نلجأ إليها، نحن فقط تحت الشمس وفوق الأرض». أما بشير النصر (42 سنة) الذي فر قبل أيام من بلدته عقربا. انتظر توقف القصف ليتوجه وعائلته على دراجة نارية إلى منطقة الجولان. وقال: «القصف الهمجي والخوف على أنفسنا وأطفالنا أتى بنا إلى هنا، خرجنا لنبحث عن الأمان».