التاريخ: حزيران ٢٣, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
لبنان: اهتمام ألماني بالنفايات الصلبة وإدارة المياه وأنابيب النفط
شاركت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل إلى جانب الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري في طاولة حوار مستديرة اقتصادية عقدت في السراي الكبيرة، ضمت وزيري الاقتصاد رائد خوري والطاقة سيزار أبي خليل، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، رئيسة المنطقة الاقتصادية الخاصة في مرفأ طرابلس ريا الحسن، مستشار الحريري لشؤون النازحين نديم المنلا، رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، رئيس جمعية المصارف جوزيف طربيه وممثلين لإدارات لبنانية إلى جانب الوفد الألماني. وناقش الحضور «فرص الاستثمار والمشاريع المطروحة في لبنان»، وفق مكتب الحريري الإعلامي. وقدم أبي خليل عرضاً مفصلاً لفرص الاستثمار في مجالات الطاقة، سواء لجهة الإنتاج أو النقل أو التوزيع.

وقدم المنلا عرضاً لرؤية الحكومة التي قدمتها خلال مؤتمر «سيدر»، وتحدثت الحسن عن أوضاع المنطقة الاقتصادية في طرابلس والحوافز القانونية والضريبية وفرص الاستثمار التي تقدمها. وقدم الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة عرضاً عن قانون الشراكة الذي أقره البرلمان اللبناني في ما يتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص والمشاريع التي يمكن أن تنفذ في إطار هذه الشراكة، وتلك التي أُطلقت أخيراً في مجالي النقل والاتصالات. وتحدث الجسر عن المشاريع التي يحتاج إليها لبنان للبنى التحتية في مختلف المناطق».

ورأى الحريري أن «منطقتنا تمر بأوقات عصيبة، غير أن الأزمة ستنتهي وستسود مرحلة جديدة من الأمل والازدهار. لبنان، وخصوصاً قطاعه الخاص، في وضع جيد للاستفادة بشكل مباشر وغير مباشر من ذلك».

وعن رؤية لبنان إلى مؤتمر سيدر، أكد الحريري «أن ألمانيا يمكنها أن تلعب دوراً مهماً في تنفيذ هذه الرؤية. وتوفر الخطة المتعددة السنوات لإعادة تأهيل وتحديث بنيتنا التحتية المادية فرصاً كبيرة للشركات الألمانية في قطاعات النقل والمياه ومياه الصرف الصحي والطاقة». ولفت إلى أن «سن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص يمهد الطريق لتنفيذ مجموعة واسعة من المشاريع من خلال طرق مختلفة للشراكة وأطلقنا في الشهر الماضي ثلاثة مشاريع رئيسية خاصة بالشراكة بين القطاعين في النقل والاتصالات».

الحريري: طرابلس منصة لاعادة اعمار سورية والعراق

وأشار الحريري إلى «المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، بموقعها وحوافزها وإطارها التنظيمي وبنيتها التحتية الحديثة، والتي تجعل من لبنان منصة طبيعية لإعادة إعمار سورية والعراق عندما تسمح الظروف السياسية بذلك». وجدد «التزام الحكومة اللبنانية الشروع في مسار توحيد مالي بنسبة واحد في المئة سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة، فضلاً عن تنفيذ إصلاحات هيكلية وقطاعية مهمة لتحسين الحوكمة وتحديث مؤسساتنا وإجراءاتنا. والحكومة ملتزمة بشدة هذه الإصلاحات، وسأضمن شخصياً أن يحصل تنفيذها في الوقت المناسب. وسأكون شخصياً حاضراً للتعامل مع أي تساؤلات قد تكون لدى الشركات الألمانية عند التفكير في فرصة استثمارية في لبنان».

ورأت مركل «أن «سيدر» رسم القاعدة للقيام بالاستثمارات في لبنان. وخلال المحادثات السياسية التي قمنا بها أشرنا إلى أنه بإمكان ألمانيا أن تشارك في المشاريع، لكن على لبنان أن يقوم بالإصلاحات لكي يكون أكثر جذباً لهذه الاستثمارات. وبهذه الطريقة يمكن أن نحضر للاستثمار الألماني». وقالت: «هناك قطاعات يمكن لألمانيا أن تلعب دوراً فيها وهي: النفايات الصلبة، وإدارة المياه والطاقة. وشرحتم لنا المشكلة التي تعانون منها على مستوى الطاقة، لكنْ هناك حقول قريبة من لبنان والساحل اللبناني، ويمكن الاستفادة من كل ذلك».

وقالت: «نود أن نركز على أنابيب النفط، وكل ذلك مهم وأساسي من أجل استدامة البيئة. كما أنكم أخبرتمونا عن أهمية قطاع الطاقة في لبنان، وكم يتكلف لبنان على هذا المشروع. بالطبع الأسعار عالية، وهذا يقع على عاتق المواطنين. لذلك فإن توفير الطاقة 24 ساعة في اليوم سيشكل ازدهاراً مهماً إذا تم تحقيقه، وبإمكانكم خفض نسبة العجز والدين الذي يتكبده لبنان. ويجب خفض هذا الدين وأن يبقى الشعب في الوقت نفسه راضياً. لذلك لا بد من إصلاحات هيكلية في لبنان. أنا متأكدة أنكم قادرون على مواجهة هذه التحديات، وستكون ألمانيا بجانبكم».

ورأت أن لبنان «يبلي حسناً في استضافة اللاجئين، ومن مصلحتنا المشتركة أن نجد حلاً سياسياً لكي يكون الوضع أفضل في سورية، على الأقل لكي نجهز الشروط والبيئة التي يمكن من خلالها أن يعود السوريون إلى بلدهم. لذلك، نتمنى لكم الاستقرار، وألمانيا حاضرة وجاهزة لكي تساعدكم في هذا المجال».

ووصفت المنطقة الاقتصادية الحرة بأنها «مثيرة للاهتمام وقد تكون طرابلس نقطة بداية جيدة. بنيتم مرفأ، وتعملون على توسيعه. وبالأمس قلت إنه إذا كانت هناك الشروط شفافة وغير معقدة ، فسيكون ذلك جاذباً مهماً بالنسبة إلى الشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة الحجم للمجيء إلى لبنان والاستثمار».

وخلال المناقشات، أبدى الجانب الألماني اهتماماً كبيراً بقطاع الطاقة البديلة وبفرص الاستثمار في إدارة النفايات الصلبة وبمشاركة الشركات الألمانية الاستشارية في التحضير للمشاريع التي ستنفذ، وعُرضت فكرة إقامة فرع للغرف الألمانية في بيروت، ورحب شقير بالفكرة وقدم فوراً موقعاً لإقامة المشروع مجاناً.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك بعد انتهاء الحوار، شدد الحريري على «الحاجة لتوسيع المساعدات الإنسانية الأساسية للبنان بصورة مستمرة لتشمل، إضافة إلى النازحين، المجتمعات المضيفة لهم. والأهم تنفيذ مشاريع إنمائية». وقال: «ناقشنا الدور المساعد الذي يمكن لألمانيا أن تلعبه في مساعدة لبنان على تنفيذ الأولويات التي طرحتها الحكومة اللبنانية في مؤتمر بروكسيل2، من خلال دعم مشروع استهداف الفقر في لبنان ودعم تنفيذ الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب المهني والتقني الذي أعدته الحكومة بالتعاون مع «يونيسيف» ومنظمة العمل الدولية».

وقال إنه كرر للمستشارة «موقف حكومة لبنان بأن الحل الدائم والوحيد للنازحين السوريين هو في عودتهم إلى سورية بشكل آمن وكريم، وأعدت لها تأكيد التزام الحكومة بكل الإصلاحات التي وردت في مؤتمر سيدر وأهمية وضع آلية متابعة مع المجتمع الدولي، وأعربت لها عن أملي في أن تكون ألمانيا عضواً في لجنة المتابعة». واعلن «التزام لبنان بالقرار 1701 وشكرتها على مساهمة ألمانيا في قوات «يونيفيل». وشكرتها على دعم ألمانيا المحكمة الخاصة بلبنان». وقال: «القوى السياسية في لبنان تجمع على ضرورة حفظ الاستقرار الداخلي في وقت تعيش المنطقة اضطرابات خطيرة، كما تجمع على التزام سياسة النأي بالنفس عن التدخل في شؤون الدول العربية، وهو التزام ستتابعه الحكومة المقبلة، وأكدت لها التزام لبنان المستمر مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت، وتمسكنا بالقدس عاصمة لدولة فلسطين».

مركل: للتخفيف من البيروقراطية

ولفتت مركل إلى أن من أهداف الزيارة «تعزيز التعاون البرلماني، وتعزيز العلاقات الاقتصادية». وقالت: «مؤتمر سيدر يقدم أساساً جيداً لهذا التعاون». وأعربت عن اعتقادها بأن ألمانيا «ستقدم مساهمة جيدة في العديد من المجالات، سواء في مجال الطاقة أو إدارة النفايات أو الغرف التجارية والصناعية التي أوضحت من جانبها أنه ستكون هناك غرفة تجارة في لبنان، وتم الاتفاق على الخطوط العريضة لذلك، وأعتقد أن هذا الأمر في غاية الأهمية بالنسبة إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في ألمانيا، بالنظر إلى خطتكم لتطوير المناطق الحرة الاقتصادية والتخفيف من البيروقراطية».

وقالت: «التزمت ألمانيا أن تساعد لبنان وتقدم له الإغاثة الإنسانية وأن تدعم المنظمات التي تقوم بعمل إنساني فيه. نريد بالطبع أن نساهم في الوصول إلى حل سياسي يمكّننا من عودة اللاجئين إلى سورية. ونتعاون مع المنظمات الدولية ومع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين، وكما قال الرئيس الحريري، فإن عودة اللاجئين لا بد أن تحدث عندما تتوافر الظروف الآمنة لهم. لبنان يواجه ظروفاً صعبة، وهنا نرى نموذجاً ومثالاً عن كيفية تعايش مختلف الأقليات الدينية». وشددت على دعم بلادها «القوات البحرية ونرى أنفسنا ملتزمين مواصلة تقديم الدعم للوصول إلى استقرار في المنطقة».

وأعلنت أنها أبلغت «مسؤولين لبنانيين، بأن عودة اللاجئين لا بد أن تحدث بالتوافق والتنظيم والتعاون مع منظمات الإغاثة، وهناك استعداد كبير، وهناك أيضا توترات، هذا مفهوم، لكن لبنان أظهر كيف يستطيع الوصول إلى اتفاق، رغم تعدد القوى السياسية».

ورأى الحريري أن «من واجب لبنان أن يستقبل هؤلاء النازحين، وأن يوجد لهم أفضل السبل للعيش والعودة إلى سورية. وبرأيي أن العالم إن لم ينظر بإنسانية إلى هذا الموضوع يكون فقد إنسانيته». وقال: «نحن في لبنان متمسكون بموقفنا عودة النازحين في أسرع وقت ممكن بشكل آمن وكريم، لكن هذا لا يعني أن ندير ظهرنا لإخواننا الذين وقفوا معنا في مراحل كثيرة».

وشدد على أن «دستورنا يمنع التوطين وليس هناك أي بلد في العالم يمكن أن يجبر لبنان على توطين مواطن سوري واحد».