| | التاريخ: حزيران ١٣, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | لبنان: مفوضية اللاجئين لمراجعة قرار الخارجية والحريري يؤكد الشراكة معها في عودتهم | ردّت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في بيان صادر من جنيف، وليس من بيروت، على الخطوة التي اتخذها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية جبران باسيل بمعاقبة المفوضية من خلال تجميد إقامات الأجانب العاملين في مكتب بيروت كخطوة احتجاجية على ما اعتبره «إعاقة عودة النازحين السوريين إلى بلدهم». وأكدت المفوضية «أهمية العمل مع لبنان لإيجاد الحلول». وأملت بـ «إعادة النظر سريعاً بقرار وزير الخارجية».
وقال الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بعد لقائه مع ممثلة المفوضية لدى لبنان ميراي جيرار والمنسق المقيم للامم المتحدة فيليب لازاريني: «بالنسبة إلينا كما بالنسبة إليهم، هم شركاء في مساعدتنا اليوم لمعالجة موضوع اللاجئين والحل النهائي بالنسبة الينا وإليهم هو في عودتهم الى سورية. هذا ما توصلنا إليه».
وأكد لازاريني «شراكة الأمم المتحدة الوثيقة مع لبنان في التجاوب مع أزمة اللاجئين السوريين. ان عودة اللاجئين الى سورية أو إعادة تموضعهم في دولة ثالثة هما الحلان الدائمان الوحيدان وإلى حينه نحترم قرارهم الشخصي بعودتهم إلى ديارهم ولن نعيق أبداً أي عودة يمكن أن تحصل تكون قائمة على قرارهم الخاص. إنه حقهم وسيكون غير قابل للتصديق أن تعارض الأمم المتحدة قرار اللاجئين بشأن مستقبلهم».
وحرصت المفوضية على تفسير عملها من خلال إطلالات إعلامية أمس، لتأكيد أن «ما تقوم به المفوضية هو من ثوابت عملها في كل دول العالم، وأن النازحين السوريين إن أرادوا العودة إلى بلدهم ستتم متابعتهم من قبل ممثلي المفوضية في الأماكن التي تتواجد فيها أو التي تتمكن من الوصول إليها وأنه لا يمكن أن تتخلى عن مساعدة النازحين».
وكان الوزير باسيل وفريق عمله اعتبرا أن الأسئلة التي وجهها فريق المفوضية إلى 3000 نازح سوري في عرسال يودون العودة إلى سورية جعلت بعض هؤلاء النازحين يتردد في العودة. وينطلق فريق باسيل من فرضية أن هناك مناطق أمنة في سورية يمكن للنازحين العودة إليها.
ويعتقد مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية الوزير اللبناني السابق طارق متري «إن تصوير النازحين السوريين على أنهم يريدون البقاء في لبنان تحت زعم أنهم يجنون المال ومعيشتهم مرتفعة يقابله تأكيد دولي أن نسبة 70 في المئة من هؤلاء يعيشون تحت خط الفقر. وأن التوجس اللبناني من بقاء النازحين ناجم عن هشاشة لبنانية». وأعرب عن خشيته من أن «يكون هذا التوجس المتورم أول الغيث. فافتراض أن معظم الأراضي السورية باتت آمنة وأن قرار العودة هو بيد اللبنانيين، يعني تجاهل أن ترحيلهم لم يكن بأيدي اللبنانيين واتباع سلوك الترحيل ينذر بأخطار كثيرة ويلحق الأذى الكبير باللبنانيين والسوريين على حد سواء».
أزمة النازحين في ندوة
ورأى متري خلال ندوة ناقشت في الجامعة الأميركية «أزمة اللجوء واحتمالات العودة»، أن المناوشات مع المجتمع الدولي عقيمة والمطلوب عقلنة السلوك والسؤال هل أن العودة القسرية ممكنة؟ وهل يجوز أن يعلو صوت في مواجهة منظمة دولية تحترم حرية اللاجئ وتقوم بعملها المنسجم مع المواثيق والأعراف الدولية؟».
ويعتقد نائب رئيس «حركة التجدد الديموقراطي» اللبنانية أنطوان حداد «أننا بتنا أمام سورية أخرى، وإلى حين إصلاح ما فسد وجمع ما انكسر بطريقة رضائية وسلمية نبقى أمام سوريات متجاورة ومتناحرة؟، والمطلوب مراجعة جذرية للاتفاقات اللبنانية - السورية ولدور حزب الله وتدخله في سورية والتبعية المتزايدة لإيران».
واعتبر حداد أن «ليست كل مصائب لبنان من النزوح السوري لكنه راكم أزمة فوق أزمة، ومشكلة البطالة في لبنان موجودة أصلاً ولا علاقة للنازحين السوريين بها وهي تزيد أضعافاً عند السوريين، والحل السياسي هو الذي يوفر عودة آمنة للنازحين وكريمة ولا يعني ذلك عدم العودة إلى المناطق التي باتت آمنة وعلى المجتمع الدولي تحمل الأعباء في ظلّ تقلّص مساعداته سنة بعد سنة وفي ظل عدم استضافة الدول الغربية إلا العدد القليل جداً».
في الندوة التي تخللتها مداخلات لنـــاشطين ونــــاشطات ســوريـــات وديبلوماسي سوري وأكاديميين وإعلاميين، طرحت أسئلة وملاحظات كثيرة عن معنى عودة النازح السوري الآن إلى بلاده، ولاحظ الأمين العام للمركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر أن رئيس الجمهورية ميشال عون عندما كان في المنفى رفض العودة إلى لبنان قبل انسحاب النظام السوري منه فكيف يطلب من النازح السوري أن يعود إلى سورية في ظل وجود النظام نفسه». ودعا الأكاديمي إيلي الهندي إلى «التمييز بين النازح والعامل السوري في لبنان الذي نريده أن يبقى لحاجتنا إليه». ورأى أن «المطالبة بمحاورة النظام لا تقدم جديداً لأن الذي يريد العودة الطوعية إلى سورية هو من الموالين للنظام وليس من المعارضين له ولا لزوم لمفاوضة نظام الأسد في شأن عودته». ودعا إلى مفاوضة قوى أخرى موجودة على أرض سورية إذا أردنا إعادة نازحين إلى مناطق لم تحصل فيها معارك مثل الحسكة مثلاً. لكنه تخوف من «خطر وضع اللوم على السوري الذي يتزايد يوماً بعد يوم».
وتحدثت الباحثة السورية في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش» سارة كيالي عن وجوب التزام لبنان اتفاقية اللجوء حتى ولم يكن من الموقّعين عليها وأهم بنودها عدم الضغط على النازح ما يجبره على العودة لأن لا خيار أخر أمامه إلى مناطق قد يتعرض فيها إلى الخطر.
وأشارت إلى أن «نقاش الضغط على النازحين من أجل العودة لكن من دون أن نجبرهم على ذلك مطروح أيضاً في الأردن وتركيا، وهذا خطأ».
وذكرت الناشطة السورية مديرة منظمة «النساء الآن» رلى الركبي بأن «السوريين غادروا منازلهم خوفاً من البراميل المتفجرة والتجنيد الإجباري والاعتقال والموت والخطف من قبل قوى الأمر الواقع والاغتصاب كسلاح حرب وللحاجة المعيشية وهذه كلها لا تزال موجودة وأي حديث عن العودة بعيد عن الواقع طالما المسببات موجودة والمناطق الهادئة قابلة للاشتعال ومسار المصالحة معقد وبحاجة إلى آليات العدالة الانتقالية وإلا فإن العودة هي قفز في الفراغ ولن يقفز السوريون في الفراغ وعندما يريدون العودة يجب أن تكون حرة إلى بلد ديموقراطي».
واعتبر الأكاديمي سعود المولى «أن القوى السياسية لا تسأل كيف تنتهك الحقوق الإنسانية للنازحين السوريين في لبنان ويزداد عدد الموقوفين منهم لدى الأمن العام والجيش». وأبدى معارضته لعودة النازحين الآن «فالقتال لا يزال قائماً والأزمة تتوسع واللاجئ الفلسطيني في لبنان منذ 70 سنة ولم يتوطن». ولفت إلى أن قبل الحرب في لبنان وصل عدد العمال السوريين فيه إلى 700 ألف عامل ولم يحتج أحد وخلال الاحتلال السوري للبنان تواطأ النظام اللبناني معه ولم يحتج». | |
|