التاريخ: حزيران ٧, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
«احتكاك» بين الروس و «حزب الله» في القصير ومجلس منبج يرفض الوجود التركي
منبج، بيروت، موسكو - «الحياة»، أ ف ب، رويترز
في تصريحات تُمثل تغيّراً مهماً في شأن منبج، قال مصدر كردي لـ «الحياة» إن الهدف الرئيس من أي مفاوضات غير مشروطة مع النظام السوري هو « تشكيل إدارة لامركزية للمنطقة»، في وقت أكد مجلس منبج العسكري أنه لن يقبل بوجود عسكري تركي في المدينة، وذلك غداة إعلان «خريطة الطريق» الأميركية- التركية.

وفي وسط سورية، فتح النظام طريق حمص- حماة الدولي عقب خروج المعارضة من منطقة شمال حمص وبعد 7 سنوات على إغلاق الطريق الحيوي. لكن أنباء احتكاك قوات روسية انتشرت في منطقة القصير مع عناصر من «حزب اللـه» عكّرت أجواء احتفالات النظام، وأعادت إلى الواجهة الخلافات الإيرانية- الروسية. وكانت القصير من أوائل الأماكن التي أعلن «حزب اللـه» تدخله فيها من أجل إنهاء سيطرة المعارضة عليها. وفي معركة فاصلة أثّرت في مجرى الأحداث، تمكّن الحزب وقوات النظام من استعادة المنطقة الحدودية المحاذية لمناطق نفوذ الحزب شمال الهرمل.

وقال قائد عسكري من حلفاء دمشق إن نشر عسكريين روس في سورية قرب الحدود اللبنانية الأسبوع الجاري، أثار خلافاً مع قوات مدعومة من إيران، بينها «حزب الله»، والتي عارضت هذه الخطوة «غير المنسقة». وأوضح لوكالة «رويترز» أنه تم حل الموقف أول من أمس، عندما سيطر جنود سوريون على ثلاثة مواقع انتشر الروس فيها الإثنين قرب بلدة القصير في منطقة حمص. وأشار إلى أن «الخطوة غير منسقة»، مضيفاً: «جيش سوري من الفرقة 11 ينتشر عالحدود»، و «مقاتلو حزب الله لا يزالون بالمنطقة». وتابع: «ربما كانت حركة تطمين لإسرائيل... بعد كل ما قيل عن هذه المنطقة»، مضيفاً أنه لا يمكن تبرير الخطوة بأنها جزء من الحرب ضد «جبهة النصرة» أو تنظيم «الدولة الإسلامية» لأن «حزب الله» والجيش السوري هزما التنظيمين في منطقة الحدود اللبنانية- السورية.

وفي الشمال السوري، وغداة تصريحات وفد معارض مقرب من النظام السوري حول قرب عقد مؤتمر في دمشق، واستعداد الأكراد للتفاوض من دون شروط مع النظام، قال مصدر كردي إن «وفد المعارضة استعجل كثيراً، بحثاً عن سبق صحافي ولإبراز دور أكبر للجهة التي يمثلونها في حال تم الاتفاق على جولات تفاوض مع النظام».

وأوضح الرئيس المشترك لمجلس سورية الديموقراطية رياض درار لـ «الحياة»: «نحن منفتحون على التفاوض مع السوريين كلاً من أجل حل ينقذ البلاد والعباد»، مؤكداً «عدم وجود شروط مسبقة للتفاوض». لكنه أوضح أن الهدف الرئيس من التفاوض هو «تشكيل إدارة لامركزية للمنطقة تضمن الاستقرار وحقوق المكونات جميعاً، ورفع الظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي وقع على منطقة ظلت مهملة على رغم احتوائها على أهم ثروات البلاد»، مشدداً على ضرورة «بقاء سورية موحدة». يُذكر أن أصواتاً تعالت في السنوات الأخيرة تدعو إلى ضرورة إنشاء فيديرالية في الشمال، ينظر إليها كبداية لتقسيم سورية، وتحقيق أحلام الأكراد بالانفصال لاحقاً.

وجدد درار «ثقته بدعم الولايات المتحدة مناطق منبج وشرق الفرات في وجه أي محاولات تركية أو غيرها لاقتحام المنطقة، وأكد أنه «إذا فرضت علينا المواجهة فإننا سوف ندافع عن أرضنا».

وأوضح درار أن «المجلس يترك موضوع التفاوض مع الأتراك إلى الجانب الأميركي». واستبعد المسؤول في المجلس الذي يشرف على الأوضاع في شمال سورية وشرقها، أن «يقايض الجانب الأميركي الأتراك على منبج وشرق الفرات كما فعل الروس في عفرين في مقابل مناطق أخرى». وأشار إلى أن «منبج مستقرة أكثر بكثير من مناطق سيطرت عليها تركيا والفصائل المحسوبة عليها، مثل الباب وجرابلس».

في سياق متصل، أعلن مجلس منبج العسكري المتحالف مع قوات سورية الديموقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة في شمال سورية أمس، أنه لن يقبل بأي انتشار للجيش التركي هناك بعدما أعلنت أنقرة وواشنطن توصلهما لاتفاق لإدارة المنطقة. وأعلن المجلس في بيان أمس، أن عملية الانسحاب «ستتم في الأيام المقبلة»، مؤكداً قدرة مقاتليه على «حفظ أمن منبج وحدودها ضد أي تهديدات خارجية».

وأوضح قائد المجلس محمد مصطفى أبو عادل، على هامش مؤتمر صحافي عقده المجلس في المدينة، لوكالة «فرانس برس»: «قبل التوصل إلى اتفاق (تركي- أميركي)، عقدنا اجتماعات مع قيادات رفيعة المستوى في التحالف الدولي، وأكدوا لنا أنهم باقون في منبج، ولن يتخلوا عنها بأي بشكل من الأشكال». وأضاف: «قوات التحالف الدولي موجودة بشكل أساسي على الجبهات وفي الخطوط الأولى، وهي على رأس عملها».

تركيا تفضل السيطرة على شرق الفرات عبر «تسوية»
بيروت - «الحياة»، أ ف ب
أعلنت تركيا أنها تفضل السيطرة على مناطق شرق الفرات في سورية، الخاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب» (الكردية)، من طريق تسوية سياسية كما هي الحال في مدينة منبج. في غضون ذلك، أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية نيتها سحب مستشاريها العسكريين من منبج في غضون أيام.

وقال مجلس منبج العسكري المتحالف مع قوات سورية الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة في شمال سورية أمس إن «الوحدات» ستسحب مستشاريها العسكريين من المدينة في الأيام المقبلة.

وأضاف في بيان إنه قادر على حماية أمن وحدود منبج من أي تهديدات خارجية.

وقال الناطق باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ في مؤتمر صحافي أمس، «أن بلاده ستطهر مناطق شرق الفرات في الأيام المقبلة، لكنها تفضل اللجوء إلى تسوية سياسية لتحقيق ذلك».

وأضاف: «إن لم تنته التهديدات الإرهابية في المناطق الحدودية، فإن لتركيا حق الدفاع عن أمنها القومي».

وأعلن بوزداغ أن «هناك جدولاً زمنياً واضحاً حيال خريطة طريق منبج، سينفذ خلال 90 يوماً»، مؤكداً أن «الخطوات خلال هذه الفترة واضحة ومرسومة».

ويأتي حديث بوزداغ بعد يوم من إعلان الوحدات الكردية الخروج من مدينة منبج، بموجب «خريطة الطريق» التي اتفقت عليها أميركا وتركيا لمستقبل المدينة.

وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أول من أمس، أن «خريطة الطريق التي توصلت إليها تركيا مع أميركا في منبج سيتم تطبيقها مستقبلًا في مدينتي الرقة وعين العرب (كوباني).

وأشار أوغلو إلى أن «خريطة الطريق ستنطبق على الرقة وكوباني لطرد التنظيمات الإرهابية التي لن تتمكن من إدارة شؤون تلك المدن».

وتصدر المشهد السوري في الأشهر الماضية تهديدات متتالية على لسان مسؤولين أتراك، آخرها قول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن «تركيا تجهز للسيطرة على أربع مناطق سورية على طول حدودها».

ومنذ أسابيع، تشكل منبج محور محادثات مستمرة بين أنقرة وواشنطن، تم التوصل بموجبها إلى «خريطة طريق» لتلافي وقوع أي صدام. وتنتشر في مدينة منبج قوات أميركية وفرنسية من التحالف الدولي.

وقالت «وحدات حماية الشعب» التي تعتبرها أنقرة منظمة «إرهابية» وتخشى أن تؤسس حكماً ذاتياً كردياً على حدودها، في بيان الثلثاء، «قررت القيادة العامة لوحدات حماية الشعب سحب مستشاريها العسكريين من منبج».

وطردت «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، في آب (أغسطس) 2016 تنظيم «داعش» من منبج بعد معارك عنيفة وبغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

وأوردت الوحدات الكردية في بيانها أنه بعد طرد التنظيم من المدينة جرى «تسليم زمام الأمور في منبج لمجلسها العسكري (...) وقامت قواتنا بالانسحاب من المدينة»، لكنها أبقت بطلب من المجلس المنضوي أيضاً في قوات سورية الديموقراطية، «مجموعة من المدربين العسكريين (...) بصفة مستشارين عسكريين لتقديم العون للمجلس العسكري في مجال التدريب، وذلك بالتنسيق والتشاور مع التحالف الدولي».

وقررت الوحدات سحب مستشاريها حالياً بعد «وصول مجلس منبج العسكري إلى الاكتفاء الذاتي» وفق البيان.

وأكد مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن هويته أنه سيتم «تشكيل دوريات مشتركة»، لكنه نفى وجود جدول زمني محدد. وأوضح «لن يكون الأمر سهلاً. التطبيق سيكون معقداً. (ولكن) الجميع سيستفيدون منه لأنه سيؤمن استقرار منبج على المدى الطويل».

واكتفى بالقول: «سننتقل إلى المرحلة المقبلة حين تنتهي الأولى».

ولطالما أثار الدعم الأميركي للوحدات الكردية غضب تركيا، ما تسبب بتوتر متصاعد بين الدولتين الحليفتين، العضوين في حلف شمال الأطلسي. وزادت حدته الفترة الماضية مع تهديد أنقرة بشن هجوم على منبج، بعد سيطرة قواتها بالتعاون مع فصائل سورية موالية لها على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في آذار (مارس).

وحذر الباحث في المعهد الأطلسي أرون شتاين من أن انسحاب «الوحدات» من منبج لا يضمن عدم عودة التوتر. وقال: «إذا تعرقل تطبيقها، قد يعود الفريقان إلى المربع الأول»، مشيراً إلى أنه على «قسد» أن «تتخذ خطوات تمنع توسيع نموذج منبج ليشمل بلدات أخرى».

من جهة أخرى، قال مصدر ديبلوماسي فرنسي لوكالة فرانس برس أن «باريس ستراقب بيقظة نموذج الحكم الذي سيطبق بموجب هذا الاتفاق»، مشدداً على أن هذا النظام «يجب أن يكون تعددياً، وأن يمثّل السكان المحليين، وأن يحظى بموافقتهم» سواء أكانوا عرباً أم أكراداً.