التاريخ: كانون الأول ٥, ٢٠١١
المصدر: nowlebanon.com
إغتصاب...- حازم صاغية

فلنسلّم بكلّ حجج النظام السوريّ من أنّه عرضة لمؤامرة عربيّة وتركيّة وغربيّة، ومن أنّ بعض القتلة والمندسّين والعملاء هم الذين يؤجّجون الفتنة، ومن أنّ ممانعة سوريّا ودعمها المقاومة هما المقصودان.

مع هذا، يبقى شيء واحد يصعب المرور عليه مرّ الكرام: لماذا اغتصاب الرجال والنساء والفتيان في السجون السوريّة، بحسب التقرير الرسميّ للجنة الحقوق الدوليّة حول سوريّا؟

فلنقرأ، فقط، هذه الفقرة من التقرير، ولنحتفظ لأنفسنا بما نملك، وما لا نملك، من غضب واشمئزاز وقرف:


"وأفاد العديد من المعتقلين السابقين عن حالات ضرب على الأعضاء التناسليّة، وممارسة الجنس قسراً عن طريق الفم، والصعق بالكهرباء، والحرق بالسجائر في فتحة الشرج في مرافق الاحتجاز، بما في ذلك مرافق الاحتجاز التابعة للمخابرات الجويّة في دمشق، والاستخبارات العسكريّة في جسر الشغور، والاستخبارات العسكريّة والأمن السياسيّ في إدلب واللاذقيّة، ومرافق الاحتجاز التابعة للاستخبارات في طرطوس".

 

ألا يكفي هذا بذاته كي يشكّل سبباً لإسقاط النظام؟

"سياسة الاغتصاب" تلك تقوم، في ما تقوم، على زرع العدوان والغلبة في داخل المغتَصب/المغتصَبة، وعلى كسر الضحيّة الآن وفي المستقبل. فحين يصدر هذا العمل عن "نظام"، يوفّر الاغتصاب تمايزاً جسمانيًّا وبيولوجيًّا لذاك النظام عن محكومه، فضلاً عمّا يُنزله من تصديع نفسيّ بالمحكوم. فهو لا يمارس فقط تملّكاً يتيح له التصرّف بمحكومه إلى الحدّ الأقصى، وابتذاله وتدميره إلى الحدّ الأقصى، بل يتيح له أيضاً استعراض أوسخ رغباته ونزواته الساديّة على نحو انتصاريّ.

 

لقد كُتب الكثير عن الاغتصاب ودلالاته. لكنْ تكفي الاشارة، هنا، إلى بُعد واحد هو انعدام قابليّة الحياة المشتركة بين طرف "هُزم" إلى هذا الحدّ وطرف "انتصر" عليه إلى هذا الحدّ، ولو بتلك الأدوات والوسائل.

 

بهذا تكون الرسالة التي يرسلها النظام للشعب: لا أريد العيش معكم إلاّ بوصفكم مغتصَبين يأتي انتهاككم الجسمانيّ تتويجاً لانتهاكات لا حصر لها تطاول حرّيّتكم وعملكم وتعليمكم وسوى ذلك. تزكّي تلك الرسالة حصول الاغتصاب في السجون، حيث القوّة والبأس في جانب والضعف الكامل في الجانب الآخر. لكنْ بهذا أيضاً تأتي الانتفاضة رسالةً مضادّة من الشعب للنظام، تقول له: لا يمكننا العيش معك لأنّك لا تستطيع العيش إلاّ كمغتصِب.

ملحوظة: طبعاً سنسمع من قناة "الدنيا" وربّما من قنوات لبنانيّة مساندة تشكيكاً بهذا التقرير "الاستعماريّ". ومن يدري، فقد تظهر فتاوى تحمّل المسؤوليّة لمن تعرّضوا للاغتصاب!