| | التاريخ: حزيران ٤, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | تشدد إسرائيلي في الجنوب وسباق سوري تركي على الشرق | فصائل الجنوب تتعهد استمرار محاربة «داعش» والتصدي للنظام | موسكو، الناصرة - سامر الياس، «الحياة»
لاح أمس تسابق بين دمشق وأنقرة للسيطرة على المناطق الخاضعة لـ «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) شرق سورية، في وقت صعّدت إسرائيل مطالبها بإبعاد القوات الإيرانية عن كل سورية وليس فقط حدودها الشمالية، لافتة إلى «نهج إيجابي» روسي.
بموازاة ذلك، أعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن اعتزامه زيارة كوريا الشمالية قريباً، ما أعاد إلى الواجهة الحديث عن «صفقات سلاح». ونقلت الوكالة الكورية الشمالية عن الأسد قوله خلال استلامه أوراق اعتماد السفير الكوري الشمالي الأربعاء الماضي: «سأزور جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية، وألتقي سيادة الرئيس كيم جونغ أون». وأضاف: «متأكد من أن كيم سيحرز النصر في النهاية ويعيد توحيد كوريا».
واستبق وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لقاءه اليوم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لحسم ملف مدينة منبج (شمال سورية)، بالكشف عن أن المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) شرق سورية، ستكون هدف بلاده المقبل. وأكد أن إخراج عناصر «قسد» ذات الغالبية الكردية، من منبج «سيتصدر أجندة مفاوضاته مع نظيره الأميركي» اليوم في واشنطن. وأوضح أن «الأمر لن يقتصر على منبج وحدها، وفي حال نجاح هذا النموذج، سيُطبق في المناطق الأخرى الخاضعة حالياً لسيطرة قسد» في الشرق السوري.
تزامن ذلك مع لقاءات عقدها وفدٌ من المعارضة السورية المقربة من دمشق، مع قيادات كردية، بهدف الوساطة بين النظام و «قسد»، بعد رسائل جمعت بين التهديد والوعيد من الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم.
وأبدت الرئيس المشترك لمجلس «قسد» إلهام أحمد انفتاحاً على «حوار مبني على الاعتراف والاحترام المتبادل». وأكدت لـ «الحياة» أن المجلس «مستعد للتعاطي مع أي مبادرة لوقف نزيف الدم السوري تُحقق الأمن والديموقراطية» للبلد، معتبرة أن الحوار «بداية صحيحة لحل الأزمة». وتعهدت التعاطي مع «أي مبادرة تصب في الصالح السوري»، على أمل «أن تكون اللقاءات بداية انطلاقة صادقة نحو حوار صريح وصادق بالنسبة إلى الجميع، معارضة ونظاماً».
من جانبها، أكدت الناطقة باسم الجبهة الديموقراطية السورية المعارضة ميس كريدي على «أجواء إيجابية»، نافية أن تكون الزيارة جاءت بدفع من النظام. وأعربت عن أملها في أن «تشكل نقطة للانطلاق نحو حوار لحل سياسي سوري- سوري خارج إطار التدخلات الخارجية». وكشفت عن لقاءات مهمة خلال الأيام المقبلة، في ضوء «نضوج حالة ورغبة مشتركة من أجل التوصل إلى حالة سورية جامعة».
وبينما تترقب الأوساط اجتماعاً روسياً– أميركياً– أردنياً على مستوى نواب وزراء الخارجية، لوضع اللمسات الأخيرة على «صفقة الجنوب»، بما يضمن سيطرة النظام على المناطق المتاخمة للحدود مع الأردن وإسرائيل وإبعاد القوات الإيرانية منها، صعّدت إسرائيل من مطالبها، مشددة على «إبعاد الوجود الإيراني من كل سورية».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عدة عن مصدر ديبلوماسي إسرائيلي وصفته بـ «رفيع المستوى»، نفيه «التوصل إلى تفاهمات حول انسحاب القوات الإيرانية وحزب الله من جنوب سورية». ولفت إلى أن النهج الروسي في هذا الموضوع «أكثر إيجابية مما كان عليه في الماضي»، لكن «حتى الآن لم نسمع سوى أفكار من الروس، ولم نتلق أي شيء مكتوب». وذكر أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو عقد محادثات مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، شدد خلالها على أن على «إيران أن تترك كل سورية، وأن تستمر إسرائيل بالحفاظ على حرية التحرك الكاملة ضد حزب الله والحشد العسكري الإيراني في سورية».
وقال مسؤول إسرائيلي آخر إن «النهج الروسي في ما يتعلق بإبعاد القوات الإيرانية، أكثر إيجابية مما كان عليه في الماضي»، مبيناً أن ذلك كان واضحاً في المحادثات التي أجراها وزير الأمن أفيغدور ليبرمان في موسكو. وزاد: «التفاصيل بالغة الأهمية، لكن الأهم يبقى التطبيق على الأرض».
فصائل الجنوب تتعهد استمرار محاربة «داعش» والتصدي للنظام
أكدت فصائل «الجيش السوري الحر» استمرارها في محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي في جنوب سورية، وشدد ناطق باسم المكتب السياسي لجيش «الأبابيل»على رفض أي اتفاقات للأطراف الإقليمية على حساب مصالح الشعب السوري وتطلعاته.
وفي اتصال مع «الحياة»، نفى العقيد أبو المجد عضو مجلس القيادة في جيش الأبابيل، المنتشر في منطقة الجيدو وجاسم في الريف الغربي لمحافظة درعا، «التوصل إلى أي اتفاق حول نشر عناصر من الشرطة العسكرية الروسية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش النظام السوري»، لافتاً إلى أن «جيش الأبابيل رفض في السابق هذا الطرح في المناطق التي كان يسيطر عليها في بلدات بيت سحم ويلدا وببيلا ولم يتم نشر الشرطة الروسية إلا بعد انسحابنا».
وأوضح أبو المجد أنه «تم التصدي لمحاولات كثيرة للتسلل من قبل عناصر داعش من جنوب دمشق باتجاه حوض اليرموك»، مؤكداً أنه تم إلقاء القبض على نحو 60 إرهابياً من «داعش» على يد «الأبابيل» وفصائل أخرى، وسيتم التعامل معهم أصولاً». وزاد «سيتم التحقيق معهم في ضوء البيانات الأمنية السابقة الموجودة سلفاً نظراً لقتالنا هذه العناصر سابقاً في جنوب دمشق».
وبخصوص الأنباء عن اتفاقات بين الأردن والولايات المتحدة وروسيا حول جنوب سورية، قال أبو المجد: إن «فصائل الجيش الحر في جنوب سورية ما زالت تؤكد رفضها التام لما يشاع عن اتفاقات عقدت بين دول تتجاوز مصالح الشعب السورية وتضحياته وتطلعاته المحقة»، مشدداً على «استمرار الفصائل في المهمات المنوطة بها من الاستعداد والتعبئة لمواجهة أي تهديد من قبل قوات النظام وكذلك مهامها في محاربة الإرهاب»، ولفت أبو المجد إلى أن «الأعمال العسكرية الأخيرة في وادي اليرموك تعد استمراراً لهذه المهمات».
وأعلنت فصائل «الحر» أخيراً أنها ألقت القبض على بعض الخلايا الأمنية التي تتهمها بأنها تعمل لصالح النظام، ومنهم أبو المجد قائد جبهة أنصار الإسلام والذي كان موجوداً في السابق في حي التضامن جنوب دمشق وخرج إلى ريف درعا الغربي، ونشرت الفصائل مقطع فيديو يعترف فيه بتعاونه مع استخبارات النظام منذ نحو سنتين.
وفي شأن يتعلق بمعركة الجنوب، نشرت مواقع موالية للنظام صورة جمعت محافظ القنيطرة، همام صادق دبيات خلال استقباله قياديين في «لواء القدس» الفلسطيني، وقالت المواقع إن المقاتلين وصلوا للمشاركة في عمليات الجنوب في الأيام المقبلة في إطار حشد القوات استعداد لمعركة في محافظتي درعا والقنيطرة. وشارك «لواء القدس» وهو ميليشيا مدعومة من طهران تضم نحو 500 فلسطيني وثلاثة آلاف إيراني في معارك حلب نهاية 2016، والسيطرة على مخيم اليرموك وجنوب دمشق في الشهرين الأخيرين.
الشرق السوري هدف أنقرة بعد حسم «ملف منبج»
استبقت أنقرة أمس لقاء وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، بنظيره الأميركي مايك بومبيو، بتصعيد مطالبها في سورية، إذ كشفت أن المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سورية الديموقراطية (قسد) شرق سورية، ستكون هدفها المقبل، بعد حسم ملف مدينة منبج (شمال سورية)، بالتزامن مع تفاهمات مع روسيا لترسيخ سيطرتها على شمال البلاد وتثبيت الأمن، في وقت لوح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ «عدم انتظار ترخيص من أي جهة للتحرك ضد ما يهدد أمننا». وقال: «إن اقتضى الأمر فإننا لن نرحم أي أحد. كما إننا لن نأخذ ترخيصاً من أية جهة من أجل تنظيم العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب سواء إن كانت في شمال سورية أم العراق. إننا لا نتحمل أي شيء من شأنه أن يهدد أمننا الوطني».
وأكد أوغلو أن إخراج عناصر «قسد» ذات الغالبية الكردية، من منبج «سيتصدر أجندة مفاوضاته مع نظيره الأميركي» اليوم في واشنطن. وأشار في تصريحات صحافية إلى أنه سيبحث مع بومبيو، «إرساء الاستقرار في المنطقة ومن سيديرها إلى حين التوصل إلى حل سياسي في سورية ومن سينضم إلى قوات الأمن التي سيتم تشكيلها في منبج، إضافة إلى التحرك التركي- الأميركي المشترك في هذا الملف». وأضاف أن «الاجتماع المقبل سيشهد «وضع خريطة طريق زمنية». وكشف أن «الأمر لن يقتصر على منبج وحدها، وفي حال نجاح هذا النموذج سيتم تطبيقه في المناطق الأخرى الخاضعة حالياً لسيطرة قسد». وكرر أوغلو هجومه على الوحدات الكردية، مشدداً على ضرورة «إعادة الاستقرار في المنطقة من أجل المواطنين الذين اضطروا إلى الفرار من بيوتهم بسبب ظلم التنظيم». وأكد أنه ينبغي العمل من أجل عدم المساس بوحدة الأراضي السورية. وأعرب الوزير عن نيته الطلب من نظيره الأميركي تسليم الداعية التركي المعارض المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن إلى أنقرة.
ولا يزال دعم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لـ «قوات سورية الديموقراطية» أكبر نقاط الخلاف في العلاقات بين أميركا وتركيا، حيث تعتبر أنقرة «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكل العمود الفقري لتلك القوات تنظيماً إرهابياً وكانت شنت حملة عسكرية ضدها في منطقة عفرين (شمال سورية)، وهددت غير مرة بمهاجمة مواقع «قسد» في منبج أيضاً.
إلى ذلك، تباينت المعلومات أمس حول التوصل إلى تفاهمات روسية– تركية في شأن تسلم مدينة تل رفعت (شمال سورية) إلى الأخيرة، في إطار صفقة تضمن لقوات النظام السيطرة على مناطق في اللاذقية على ساحل المتوسط.
وأفادت مصادر مطلعة بأن أرتالاً من «الفرقة الرابعة» و «الحرس الجمهوري» انسحبت من تل رفعت إلى بلدة نبل الخاضعة لسيطرة الميليشيات الشيعية، فيما أقدمت الوحدات الكردية على عمليات تخريب لمنشآت محلية وعسكرية قبل رحيلها من المدينة.
وانسحبت «قسد» من المدينة السبت، نحو مدينة منبج ومحيطها، بينما توجه عناصر النظام إلى بلدتي نبل والزهراء، وانسحبت الشرطة العسكرية الروسية إلى مدينة حلب. لكن رئيس المكتب السياسي لمجلس تل رفعت التابع لـ «الجيش الحر» بشير عليطو، استبعد حلاً جذرياً لـ «تل رفعت» قبل الانتخابات الرئاسية التركية. ونفى وجود أي تحضيرات تركية لدخول المدينة مع بدء انسحاب القوات النظامية والكردية منها. وقال: «لا يمكن أن يحدث انسحاب هذه القوات من جانب واحد، من دون وجود تحضيرات تركية لتحل مكانها، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الوحدات الكردية لا يزال يتمركز في المدينة والقرى المحيطة بها. وأشار إلى أن إيران هي التي ترفض الانسحاب من المنطقة في محاولة للحفاظ على أي شبر إضافي يقع تحت سيطرتها، سواء كانت هذه المناطق مأهولة بسكانها أو خالية منهم. وأكد أنه لم تجر أي تعديلات على نقاط التماس العسكرية بين «الجيش الحر» والقوات النظامية في تل رفعت.
وأضاف رئيس المكتب السياسي أن الأمر أكبر من انسحاب القوات العسكرية فقط، لافتاً إلى وجود حركة نزوح جديدة للمدنيين المقيمين في المنطقة، ومعظمهم نازحون من منطقة عفرين، حيث تم تسجيل نزوح 50 عائلة من مدينة تل رفعت و20 عائلة من بلدة كفرنايا القريبة.
ورجح ناشطون أن انسحاب قوات «النظام» و «قسد» من المنطقة جاء بعد تفاهمات روسية- تركية على تسليم المنطقة لفصائل الجيش السوري الحر في وقت لاحق، من دون تحديد زمن التسليم، وبناء على وعود سابقة من الحكومة التركية بعودة هذه المناطق إلى أصحابها. | |
|