| | التاريخ: أيار ٣٠, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | العراق أمام خيارات عسيرة بعد قرارات تشكك بنتائج الاقتراع | مفوضية الانتخابات تحذر من «الانقلاب» على النتائج | تضاربت التقديرات حول مدى إلزامية قرار البرلمان العراقي في شأن إلغاء انتخابات الخارج وإجراء عملية العد والفرز اليدوي لـ10 في المئة من صناديق الاقتراع، فيما كشف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي وصل إلى الكويت أمس، عدم اكتمال تحالفات تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، محذراً في الوقت ذاته من التدخلين الإيراني والأميركي في تشكيل الحكومة.
وكان البرلمان العراقي نجح في عقد جلسة أول من أمس بحضور 168 نائباً، وقرر إلغاء نتائج الانتخابات في الخارج، وإلزام مفوضية الانتخابات إجراء العد والفرز اليدويين بنسبة 10 في المئة من صناديق الاقتراع، وإعادة العد والفرز اليدوي للمحطات التي تم استبدال ذاكرة تخزين المعلومات (اس دي رام) فيها في كركوك والمحطات التي أُلغيت نتائجها بالمناطق المتنازع عليها، والتأكد من عملية مطابقة البيانات الإلكترونية مع بيانات الصناديق. واشترط، في حال كانت نسبة عدم تطابق النتائج تفوق 25 في المئة، إجراء العد والفرز اليدوي لكل صناديق الاقتراع في كل المحافظات. وشمل القرار إحالة من يثبت تورطه بالإخلال بعدالة ونزاهة العملية الانتخابية، على القضاء تمهيداً لمحاسبته.
وكان مجلس الوزراء العراقي قرر في وقت سابق تشكيل لجنة أمنية ورقابية من مؤسسات الدولة للتحقق من حدوث عمليات تزوير، وقالت المصادر إن تلك اللجنة بصدد تقديم توصيات مشابهة لتلك التي قررها البرلمان العراقي.
ومع أن هذا التطور في مسار الانتخابات، يطعن بعمق بصدقية العملية الانتخابية، فإن قانونيين يرون أن تطبيقه يُعد أمراً عسيراً، إذ لا يمتلك مجلس الوزراء ولا البرلمان العراقي سلطة إلغاء نتائج الانتخابات، لأن هذه مهمة حصرية لمفوضية الانتخابات، وللجنة القضائية التمييزية التي شكلها مجلس القضاء الأعلى للبت في الطعون المقدمة حول النتائج.
ويبدو أن مفوضية الانتخابات تخوض صراعاً مصيرياً حول نسب الاعتراض على النتائج والطعونات المقدمة في شأن حدوث تزوير ممنهج لصالح جهات مختلفة.
وتؤكد مصادر من داخل المفوضية ان حالاً من الارتباك تسود اوساطها، بين التمسك بالنتائج المعلنة والاصرار عليها، ما يعني احتمال تصويت مجلس النواب على حلها قبل نهاية مدته، ما يقود إلى تشكيل لجنة جديدة تنفذ قرارات المجلس، وبين الاستجابة لقرار البرلمان، ما قد يكشف خروقاً كبيرة تطعن العملية الانتخابية برمتها، وتهدد مصير أعضاء المفوضية أنفسهم.
ووسط هذا الارتباك، أكد خبراء قانونيون أن قرار البرلمان الخاص بإلغاء انتخابات الخارج، التي شملت حوالى 179 ألف ناخب من بين نحو 10 ملايين شاركوا في الاقتراع الذي أجري في 12 الجاري، يحتاج الى قانون جديد من البرلمان العراقي، وهو أمر صعب. لكن هؤلاء أقروا بسلطة البرلمان الرقابية، وفق الدستور، في إجبار المفوضية على إجراء عملية العد والفرز اليدوية بديلاً عن الإلكتروني.
وتُربك التطورات الحالية مفاوضات تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، رغم استمرار الحوارات واللقاءات حولها. وتُجمع الاطراف السياسية على عدم التوصل حتى الآن إلا إلى تفاهمات أولية بين تيارين، يجمع الأول الصدر ورئيس الحكومة حيدر العبادي وزعيم تيار «الحكمة» عمار الحكيم، فيما يجمع الثاني بين زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي ورئيس كتلة «الفتح» هادي العامري. ولكن تلك التفاهمات لا يمكن أن ترقى إلى إعلان تحالف الكتلة الأكبر الذي قد ترجأ المشاورات الجادة في شأنه إلى ما قبل ساعات من انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، والتي لن تُعقد قبل تصديق المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية، وهي قضية ما زال الجدل حول إمكان تحققها قريباً، قائماً في ضوء الطعون المقدمة والمطالبات بالعد والفرز اليدويين.
في هذا الصدد، عبر الصدر، زعيم كتلة «سائرون» الفائزة في الانتخابات، للمرة الأولى عن نوع من الإحباط من سير مفاوضات تشكيل الكتلة الأكبر. وقال في إجابة على سؤال لأحد انصاره حول مسار المفاوضات قبل توجهه إلى دولة الكويت في زيارة رسمية: «لا تنتظروا مني الكثير، خصوصاً أن ما قدم ليس بكثير». وفي إجابة أخرى، اعتبر أن الحديث عن ذهاب كتلة «سائرون» إلى المعارضة ما زال مبكراً. وفي إجابة ثالثة، دعا «إيران إلى عدم التدخل في الشأن العراقي الداخلي»، معتبراً أنها دولة جارة تخاف على مصالحها، فيما الولايات المتحدة «دولة محتلة لا يُسمح لها بالتدخل إطلاقاً». وتأتي زيارة الصدر الكويت بعد أيام من زيارة الحكيم إليها.
مفوضية الانتخابات العراقية تحذر من «الانقلاب» على النتائج
بغداد - بشرى المظفر
حذرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق من وقوع «حرب أهلية» في حال «الانقلاب» على نتائج الانتخابات المعلنة من قبلها، وذلك بعد يوم من دعوة البرلمان العراقي إلى إلغاء انتخابات الخارج والتصويت المشروط للنازحين في أربع محافظات، فيما أكدت أطراف سياسية وقانونية عدم دستورية قرار البرلمان واصفة إياه بـ «الخرق الدستوري».
وقال رئيس الدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات رياض البدران أمس: أن «هناك خطورة لمحاولة الانقلاب على نتائج الانتخابات التي أعلنتها المفوضية في وقت سابق»، مضيفاً أن «(الانقلاب) قد يؤدي إلى وقوع حرب أهلية في البلاد».
واعتمد البرلمان الذي أوشكت ولايته على الانتهاء في جلسة استثنائية خصصت مساء أول من أمس لمناقشة ملف الانتخابات، قراراً دعا فيه كل الجهات المعنية وفق اختصاصها إلى اتخاذ الوسائل التي تعيد الثقة للانتخابات من خلال البدء بعملية الفرز اليدوية للانتخابات بنسبة 10 في المئة، وإلغاء انتخابات الخارج والنازحين في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى، وذلك على خلفية اتهامات صدرت من أشخاص عدة وأطراف سياسية بالتزوير.
وأكدت أطراف سياسية عدة عدم دستورية قرار البرلمان، وقالت النائب عن «ائتلاف دولة القانون» عالية نصيف، أنه «وفقاً للمادة 58 من الدستور العراقي يحق لمجلس النواب عقد جلسة استثنائية لمناقشة أمر معين»، مشيرة إلى أن «القرار الذي صدر من المجلس في الجلسة الاستثنائية في شأن الانتخابات النيابية غير دستوري وغير قانوني».
وأردفت نصيف: «أن آلية العد والفرز وانتخابات الخارج والتصويت المشروط كلها أمور منصوص عليها بقانون»، مشيرة إلى أنه «لا يمكن تعديلها أو إلغاؤها بقرار من البرلمان، إذ لا بد أن يكون تعديلها من خلال قانون». وأشارت إلى أن «عملية إلغاء نتائج الانتخابات يجب أن تأتي من المحكمة الاتحادية لا من مجلس النواب»، لافتة إلى أنه «بغض النظر عن كون الجلسة الاستثنائية أمس صحيحة إلا أن القرارات المتخذة فيها للأسف غير قانونية ولا يترتب عليها أي أثر قانوني».
إلى ذلك، حذر حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» من «عواقب وخيمة» لقرار البرلمان، وقال رئيس الحزب في كركوك ريبوار طه في بيان: «إن البرلمان سينهي دورته الاشتراعية بأخطر انتهاك للدستور»، محملاً رئاسة البرلمان «الخطأ الكبير الذي قد ينجم عنه ويلحق الضرر بالعملية السياسية».
واعتبر أن «إلغاء نتائج الانتخابات ليست صلاحية برلمانية بل قضائية بحت وفق ما تنص المادة 61 من الدستور»، مضيفاً أن «من المستغرب تدخل البرلمان في عمل المفوضية، والتي بالأساس هو الذي اختار وصوت على أعضائها وشرع قانونها»، محذراً من «خطورة هذا القرار غير المسؤول والمخالف الدستور والعقل والمنطق».
وكشف طه عن «النية بالطعن في جلسة وقرار البرلمان لدى المحكمة الاتحادية»، داعياً «رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بصفته حامي الدستور إلى التدخل لإنهاء هذا الموضوع الخطير».
من جهة أخرى، قال الناطق باسم «التيار الصدري» جعفر الموسوي: «نحن لا نعترض على تطبيق القانون والدستور لتحقيق العدالة لأنها جزء من متبنياتنا للإصلاح»، مؤكداً «رفض الإجراءات والقرارات الخاطئة ومخالفة الدستور وتخطي الصلاحيات الدستورية». وأضاف: «نحن لا ندافع عن المفوضية لأننا أيضاً تضررنا نتيجة بعض الخروق»، لافتاً إلى أننا «ندافع عن استقلالية السلطات وعدم تجاوز الصلاحيات». | |
|