التاريخ: أيار ٣٠, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
تصعيد عنيف متبادل بين إسرائيل و«الجهاد»
غزة، الناصرة - فتحي صبّاح، «الحياة»
انخفضت درجات حرارة الطقس في قطاع غزة قليلاً أمس، لكن درجة سخونة الأوضاع الميدانية ارتفعت كثيراً في ظل اعتداءات إسرائيلية مكثفة، وردّ فلسطيني غير مسبوق، ربما منذ انتهاء العدوان الأخير صيف عام 2014.

وأطلقت «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، 30 قذيفة «هاون» صباح أمس على مستوطنات غلاف غزة، رداً على قتل إسرائيل ثلاثة من كوادرها قبل أيام قليلة. وشنّت طائرات حربية إسرائيلية عشرات الغارات على أهداف مدنية، ما دفع «سرايا القدس» إلى إطلاق دفعات جديدة من الصواريخ على المستوطنات اليهودية.

ومع تواصل ردود الفعل الفلسطينية، في إطار الدفاع عن النفس أمام العدوان، والقصف الإسرائيلي، وتسخين جبهة القطاع بسرعة، وجد مليونا غزّي أنفسهم أمام سؤال: هل ستشن إسرائيل حرباً جديدة على القطاع؟

وعلى رغم التهديد والوعيد الذي أطلقه مسؤولون إسرائيليون، وفي مقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، بردود قاسية، إلا أن عدداً من المراقبين وقادة الفصائل يستبعدون أن يكون لدى الطرفين مصلحة في حرب جديدة.

ورأى مراقبون ومحللون أن إسرائيل عملت خلال الأسابيع الأخيرة على «تسخين» الأوضاع الميدانية، من خلال عمليات قتل واستهداف نقاط رصد تابعة للمقاومة الفلسطينية، لاستدراجها إلى عمل عسكري. وأضافوا أن إسرائيل معنية بالتصعيد المتدرج لترويع الفلسطينيين المشاركين بعشرات آلاف في مسيرات العودة السلمية، وثنيهم عن المشاركة فيها حتى تضطر الفصائل إلى الدخول في «مواجهة عسكرية محدودة»، كي يسهل عليها التعامل معها، فيما تتعرض لانتقادات شديدة في العالم جراء قتل متظاهرين سلميين. ومع ذلك، رأى المراقبون أن موجة التصعيد الحالية ستظل «تحت السيطرة ومحسوبة بدقة من الطرفين» ما لم ترتكب إسرائيل «حماقة كبيرة» أو أن يقتل عدد من المستوطنين من الصواريخ الفلسطينية. ودخلت مصر على الخط، وأجرت اتصالات مع الطرفين لتهدئة الأوضاع ومنع تسخينها وتدحرجها وصولاً إلى حرب تشنها إسرائيل على القطاع، ولن تسلم منها مدن إسرائيلية كبرى، من بينها تل أبيب وحيفا وغيرهما، خصوصاً أن قدرات الأذرع العسكرية تطورت في شكل لافت خلال السنوات الأربع الماضية، وفق مسؤولين في حركتي «حماس» و «الجهاد». وعقد نتانياهو اجتماعاً للمجلس الأمني المصغر «الكابينت» صباح أمس، وأتبعه بإجراء مشاورات مع عدد من الوزراء والمسؤولين الأمنيين، آخرها مساءً. كما أجرى ليبرمان اجتماعات مع أركان وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية لـ «تقويم» الأمور، وبحث سبل الرد في ظل تساقط الصواريخ الفلسطينية، فيما تم إخلاء المواقع الأمنية ومواقع التدريب التابعة لفصائل المقاومة في القطاع تحسباً من استهدافها.

وقال نتانياهو ظهراً إنه ينظر «ببالغ الخطورة» إلى إطلاق عشرات قذائف الهاون تجاه الغلاف. وحمّل «حماس» المسؤولية عن الهجوم، متوعداً بأن يرد عليه الجيش «بشكل عنيف». وأكد أن «إسرائيل ستُدفّع الثمن باهظًا لكل من يحاول المس بنا».

من جهة أخرى، قال مسؤول المكتب الإعلامي لـ «الجهاد» داوود شهاب إن «دماء أبناء شعبنا ليست رخيصة حتى يستبيحها الإرهابيون (الإسرائيليون) دونما رادع». وأضاف شهاب على حسابه في «فايسبوك»، أنّ «رد المقاومة بإطلاق القذائف منذ ساعات الصباح تجاه المستوطنات في غلاف غزة مبارك»، مشدداً على أن «كرامة شعبنا أغلى ما نملك». وكان شهاب قال عقب قتل إسرائيل ثلاثة من كوادر «سرايا القدس» قبل ثلاثة أيام، إن الحركة تعرف كيف ترد على هذه الجريمة، التي لا تُعتبر الأولى من نوعها، إذ إن قوات الاحتلال قتلت في أوقات سابقة أعداداً من مقاتلي «سرايا القدس» و»كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس».

وحمّلت «حماس» سلطات الاحتلال «المسؤولية الكاملة عن أي تصعيد مقبل» في القطاع. وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم في بيان أمس، إن «ما قامت به المقاومة صباح اليوم (أمس) يأتي في إطار الحق الطبيعي في الدفاع عن شعبنا والرد على جرائم القتل الإسرائيلية، والرد على عمليات استهداف واغتيال المقاومين المقصودة في رفح وشمال القطاع».