| | التاريخ: أيار ٥, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | حملة انتخابية خجولة للأكراد بعد انقلاب ميزان القوى في كركوك | كركوك – أ ف ب
يرفرف علمان عراقيان ضخمان على القلعة التاريخية في كركوك شمال بغداد، وكأنهما شاهدان على «انقلاب الآية» في المدينة. إذ تبدو حملة الأكراد الانتخابية خجولة في المحافظة المتعددة الإثنيات، وسط بحر من صور للمرشحين العرب والتركمان.
في أيلول (سبتمبر) الماضي، كانت الاحتفالات تعم شوارع «قدس كردستان» التي سيطر عليها الأكراد تدريجاً، فرحاً بالاستفتاء على استقلال إقليم كردستان. لكن الاحتفال كان قصير الأمد، وانتهى يوم أرسلت بغداد بعد شهر من الاستفتاء الذي ولد ميتاً، قواتها لاستعادة السيطرة على المحافظة والمناطق المتنازع عليها مع أربيل.
اليوم، غيّر الأمل معسكره، ويكثّف العرب والتركمان المناهضون للاستفتاء حملاتهم واجتماعاتهم لإظهار ارتباطهم بالسلطة المركزية.
وفي حي رحيماوه حيث كان صندوق الاقتراع الذي استقبل العدد الأكبر من المقترعين في الاستفتاء الكردي، تنتشر صور وشعارات المرشحين العرب والتركمان في شكل كثيف، فيما تبدو تلك التابعة للأكراد قليلة جداً.
ويفضل معظم المارة هناك عدم الإجابة عن أسئلة تتمحور حول الانتخابات، في حين يقول فريدون رحيم العامل الكردي ذو السنوات الأربعين: «لقد صوتت بنعم في الاستفتاء، لكن اليوم يجب أن نعيش سوية، أكراد وعرب وتركمان، لذا سأصوت أيضاً»، من دون أن يسمي الجهة التي سيقترع لها.
وبعد نحو أسبوع، سيكون رحيم من بين 940 ألف ناخب في محافظة كركوك، سيعطون أصواتهم لـ291 مرشحاً موزعين على 31 لائحة. وسيسعى هؤلاء المرشحون و80 في المئة منهم وجوه جديدة إلى نيل 13 مقعداً أحدها للأقلية المسيحية.
في انتخابات العام 2014، حصل «الاتحاد الوطني الكردستاني»، أحد الحزبين الكرديين التاريخيين، على 6 مقاعد في مقابل مقعدين لمنافسه، الحزب «الديموقراطي الكردستاني» الذي أسسه مهندس الاستفتاء مسعود بارزاني. حينها، حصل العرب والتركمان على مقعدين لكل منهما.
لكن اليوم، وبعد فرض الحكومة المركزية سلطتها في المحافظة، يتفق الجميع على أن الأمور «ستتغير».
وأعلن «الديموقراطي» مقاطعة الانتخابات في كركوك، معتبراً أنها الآن «أراض محتلة»، فيما يرى العديد من الأكراد أن سيطرتهم على المدينة لم تكن إلا إعادة للأمور إلى نصابها بعدما طردهم منها صدام حسين في الثمانينات واستقدم عرباً من مناطق أخرى ليسكنوا فيها. وسيشارك «الاتحاد الوطني الكردستاني» من جهته في الانتخابات، على رغم أن منافسيه الأكراد يتهمونه بـ «الخيانة» حين وافق على دخول القوات الفدرالية إلى المحافظة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
لكن النائب المنتهية ولايته ريبوار طه مصطفى الذي يرأس لائحة «الاتحاد» في كركوك ينفي هذا الاتهام، ويردد شعاره الانتخابي الذي يقول فيه: «بقائي في كركوك في الأوقات الصعبة دليل على وفائي للمدينة».
وقال مصطفى في تصريح إلى وكالة «فرانس برس» إن «ما يحصل في كركوك اليوم هو ثأر من البعض»، في إشارة إلى العرب والتركمان. ويضيف: «فوجئنا بما حصل في 16 تشرين الأول»، لافتاً إلى أن «كركوك الآن تدار من مكوّن واحد. هناك فرض لسياسة الأمر الواقع العسكري وغياب للمكوّن الكردي». وزاد: «كركوك عراقية نعم، ولكن بهوية كردستانية». ويتابع غامزا من قناة «الحزب الديموقراطي»: «لقد أدى الاستفتاء إلى انقلاب الآية. خلط السياسي بالعسكري». لكنه يعود ليؤكد أن «هذه الحالة العسكريتارية موقتة جداً، وسنفوز بقوة في الانتخابات».
وتغيرت الصورة بوضوح في شوارع المدينة، إذ حلّت قوات الأمن الفدرالية مكان القوات الكردية، واختفى العلم الكردي الأخضر والأبيض والأحمر الذي تتوسطه شمس، لتحلّ مكانه الأعلام العراقية والتركمانية الزرقاء التي يتوسطها هلال ونجمة، لتظهر معلّقة على حبال في كل الشوارع، إلى جانب صور المرشحين التركمان والعرب.
وفي مكتب المحافظ الجديد ركان سعيد الجبوري، العربي الذي خلف الصقر الكردي نجم الدين كريم، أزيلت صورة جلال طالباني، مؤسس «الاتحاد الوطني الكردستاني» ورئيس الجمهورية السابق، واستبدلت بصورة فؤاد معصوم رئيس الجمهورية الحالي، والكردي أيضاً.
وقال النائب والمرشح التركماني حسن توران في تصريح إلى «فرانس برس» إن هناك «ارتياحاً كبيراً» لعودة السلطة الفدرالية. وأكد أن «الانتخابات المقبلة ستظهر الحجم الحقيقي للمكونات». وأضاف: «كنا نحذر الأكراد قبل الاستفتاء من أن الفاتورة ستكون قاسية جداً»، لافتاً إلى أن «من يتوقع أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه حالِم وواهم».
ويشاطره الرأي الشيخ عامر الجبوري، المرشح مع «ائتلاف النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي. ويقول الجبوري: «كركوك عراقية. من أراد أن يأتي إليها فأهلاً وسهلاً، ومن لا يعجبه الوضع فليذهب إلى مكان آخر». | |
|