التاريخ: نيسان ١٧, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
درعا وجهة النظام بعد ضمان أمن دمشق ... وإدلب هدف مؤجل
بيروت - أ ف ب 
فتح سيطرة النظام السوري على الغوطة الشرقية التي شكلت لسنوات «الخاصرة الرخوة» لدمشق، الطريق أمام قواته للتوجه جنوباً وتركيز عملياتها وفق محللين على درعا، المحافظة التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات الشعبية قبل سبع سنوات. فإلى جانب ضمان أمن دمشق بعدما عكرت قذائف المعارضة أمنها منذ عام 2012، يوفر هذا التقدم الميداني وحدات عسكرية لا يستهان بها، تنتظر صفارة الانطلاق نحو درعا، في وقت تبدو استعادة محافظة إدلب (شمال غرب) في الوقت الراهن مهمة أكثر تعقيداً.

ورأى مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام أبو عبدالله أن «تحرير الغوطة يعني إزالة التهديد الأمني والعسكري عن دمشق»، مشيراً إلى أنه «بعد الغوطة، التقديرات تتجه نحو الجنوب، لا بد من الانتهاء من موضوع محافظة درعا».

وجاءت سيطرة النظام على الغوطة، بعد إجلاء آلاف من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم على دفعات إلى مناطق في شمال سورية برعاية روسية. ومع تأمين محيط العاصمة، يبقى أمام قوات النظام بضعة أحياء في جنوب دمشق تحت سيطرة تنظيم «داعش»، هي الحجر الأسود ومخيم اليرموك والتضامن والقدم.

ورجحت صحيفة «الوطن» القريبة من السلطات أن تبادر قوات النظام إلى «حسم الأمر في منطقة جنوب العاصمة.

ويحشد النظام منذ أكثر من أسبوع قواته في محيط مخيم اليرموك تمهيداً لطرد «داعش»، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

من جانبه رأى المحلل المواكب للشأن السوري جوليان تيرون أن «تأمين العاصمة سيكون بمثابة رصيد جديد يبني عليه للاستفادة من بناء القدرات على جبهات أخرى» بينها درعا.

وتسيطر فصائل معارضة تعمل تحت مظلة النفوذ الأردني والأميركي، على سبعين في المئة من درعا وعلى أجزاء من المدينة مركز المحافظة.

ورغم الحشد المستمر من قبل طرفي النزاع في الفترة الأخيرة، وفق «المرصد»، تشهد أجزاء من المحافظة توقفاً في العمليات القتالية الى حد كبير وهي تعد من مناطق خفض التوتر في سورية.

وأوضح تيرون أن درعا «تمثل مشكلة حقيقية للنظام يركز عليها منذ فترة طويلة في محاولة لاختراق منطقة سيطرة الفصائل وصولاً إلى المدينة» التي تحمل الاسم ذاته.

وتشكل سيطرة الفصائل على الحدود الجنوبية وفق تيرون «ورقة استراتيجية للفصائل» في حين «تقوض صورة النظام لناحية إمساكه مجدداً بأراضيه» لا سيما أن هذه المحافظة شهدت انطلاقة الاحتجاجات ضد الأسد في آذار (مارس) عام 2011. ويرى محللون أنه على دمشق أن تتجنب عند توجهها جنوباً أي تصعيد قرب الحدود مع إسرائيل. ولفت المحلل المتخصص في الشأن السوري في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر أن «لمناطق الجنوب السوري حساسية خاصة كونها تقع بين دمشق من جهة والحدود الأردنية والإسرائيلية من جهة أخرى. وبالتالي من شأن أي عمل عسكري أن يمس بالأمن القومي للدول الثلاث».

وتطمح قوات النظام إلى السيطرة في شكل رئيس على مناطق محددة في درعا وخصوصاً معبر نصيب مع الأردن، الذي تمسكه الفصائل المعارضة منذ عام 2015، ويمكن أن يشكل متنفساً مالياً لدمشق.

ورجح الباحث المتخصص في الشأن السوري توما بييريه أن تشكل درعا «أولوية أكثر إلحاحاً من إدلب لأسباب اقتصادية ولإعادة فتح التجارة مع الأردن».

ويحظى معبر نصيب بأهمية استراتيجية خصوصاً بالنسبة لدمشق، إذ كانت تنتقل عبره معظم البضائع بين سورية وكل من الأردن والخليج.

وإلى جانب درعا، تعد إدلب من بين المناطق الهامة للنظام. وتتقاسم فصائل إسلامية يتلقى بعضها دعماً تركياً مع هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) السيطرة عليها، وتخوض في ما بينها جولات اقتتال في إطار الصراع على النفوذ.

وأكد هيلر أن «إدلب ليست بين أهداف دمشق حتى إشعار آخر، إذ تخضع راهناً لحسابات سياسية دولية أكثر من عسكرية». ويضيف أن «مصير المحافظة يتعلق بما يدور خلف الكواليس من اتفاقات روسية- تركية».

وقال أبو عبدالله: «درس الغوطة يجب أن يكون مفهوماً للجميع. كانت تعد معقلهم وسقوطها بهذه السرعة يجب أن يكون درساً للجنوب والشمال وكل من يعول على أي قوى خارجية»، مؤكداً أن «كل المناطق ستعامل بالطريقة ذاتها: الضغط العسكري لإنجاز تسوية أو تسوية من دون ضغط عسكري».