منذ شيوع العبارة المنسوبة إلى نبيه برّي، والكلام عن الحرب الأهليّة في كلّ مكان.
هذا يسلّط الضوء على "حزب الله" لسببين تحديداً: أنّه الطرف الوحيد الذي يملك سلاحاً يستطيع به أن يفرض تصوّره للحياة السياسيّة (وربّما الاجتماعيّة) في لبنان، وأنّه على صلة عضويّة بالنظامين السوريّ والإيرانيّ تمكّنه من إدراج هذا البلد على نحو مباشر في الصراع الاقليميّ، لا سيّما في دعم النظام البعثيّ في جوارنا القريب.
إنْ فعل "حزب الله" هذا كان كمن يقود نفسه والبلد برمّته إلى معركة بالغة الكلفة، تدميريّة الطابع، إلاّ أنّها غير مجدية كلّيًّا. فالنظام السوريّ لن يربح في لبنان، بما فيه جبهته الجنوبيّة، ما يعوّض به خسائره في حمص ودرعا وإدلب.
ففي سوريّا، لا في لبنان، يُقرّر مصير النظام المذكور. أمّا ما تتلقّفه العواصم المؤثّرة في المنطقة والعالم ثمّ تبني قرارها عليه، فستكون سوريّا مصدره، لا لبنان.
إذاً يشجّع العقل على القول إنّ "حزب الله" لن يورّط نفسه وطائفته وبلده في نزاع عاجز عن إفادة حلفائه. بيد أنّ اللاعقل يشجّع، في المقابل، على افتراضات أخرى يصعب استبعادها، سيّما إذا كان هناك موقف إيرانيّ مصمّم على ربط معركته بالمعركة السوريّة وخوض الاثنتين حتّى النهاية، في كلّ الساحات الممكنة، وبغضّ النظر عن الأكلاف وأحجامها.
بين هذين الاحتمالين تتماوج أوجه مختلفة لـ"حزب الله"، يكفي الاقتصار على اثنين منها:
فهو، كمعظم الأحزاب اللبنانيّة، حزب طائفيّ، ولديه مصلحة ورغبة مؤكّدتان في إحراز مكاسب لطائفته يستوعبها النظام الطائفيّ القائم ويمأسسها.
وهو، كذلك، حزب دينيّ، فيما الوضع العربيّ الذي شقّته الانتفاضات يوسّع الحضور السياسيّ الذي تتمتّع به الأحزاب السياسيّة الدينيّة، فلا يكتفي بمنحها الشرعيّة بل يعطيها الصدارة أيضاً.
هل يمكن، من ثمّ، مخاطبة "حزب الله" بوجهيه الطائفيّ والدينيّ وإغراؤه بما قد يدرّه عليه هذان الوجهان في حياة سياسيّة مستقرّة؟، وهل يمكن لإغراء كهذا أن يطوي احتمال الحرب الأهليّة الذي ينبغي بذل الغالي والرخيص لطيّه؟، وأخيراً، هل ثمّة طرف لبنانيّ قادر على بلورة هذه التسوية الملحّة، وبالتالي طرحها على "حزب الله"؟.
|