| | التاريخ: نيسان ١٥, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | الهجوم الثلاثي لا يغير القواعد على الأرض وموسكو تكتفي بالتنديد والديبلوماسية | واشنطن، موسكو، باريس، بيروت – «الحياة»
بعد أيام من الجدل والغموض حول الضربة الغربية على سورية عقاباً لنظام بشار الأسد على «كيماوي دوما»، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرانسا هجوماً ثلاثياً بـ 105 صواريخ استهدف، ما قيل إنها «مشئات النظام الكيماوية»، ظهر واضحاً انه لا يهدف إلى تغيرات ميدانية على الأرض، كما يتحاشى توسيع الاشتباك العسكري إلى حلفاء النظام لاسيما الروس الذين آثروا في المقابل، النأي بالنفس عن الصورايخ «التي لم تدخل المجال الجوي لقاعدتي حميميم وطرطوس»، وأكتفوا بالابتهاج بقدرة دفاعات النظام على «اسقاط غالبية الصواريخ». وسارعت موسكو إلى اللجوء إلى مجلس الأمن وطرحت امام جلسة عُقدت بطلب منها مشروع قرار يندد «بالعدوان».
وفيما أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر منصته على تويتر بالضربات التي نفذت «بإحكام»، مؤكداً ان «المهمة أنجزت. لم يكن بالإمكان تحقيق نتيجة أفضل»، أعلن البنتاغون، أن الضربات الثلاثية استهدفت 3 مواقع محددة بدقة للسلاح الكيماوي من خلال 105 صواريخ. وقالت الناطقة باسمه دانا وايت: «نحن لا نسعى إلى نزاع في سورية، ولكننا لا يمكن أن نسمح بهذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي (...) وضربنا كل الأهداف بنجاح والضربات مبررة ومشروعة ومناسبة». وأضافت: «لا تزال هناك بعض البنية التحتية للأسلحة الكيماوية في سورية، لكن الضربات سددت ضربة قوية». وأكدت: «واثقون من الأدلة التي نملكها عن تورط النظام السوري بهجوم دوما الكيماوي». ونفى اللفتنانت جنرال كينيث إف. مكينزي، إسقاط الدفاعات السورية الصواريخ الأميركية، موضحاً إن الدفاعات السورية أطلقت 40 صاروخاً من دون أن تؤثر في عملياتنا، وأضاف أن الضربات على سورية ستعيد برنامجها للأسلحة الكيماوية سنوات إلى الوراء، مشيراً إلى أن الضربات «رسالة قوية لنظام الأسد، ولم تلحق أية أضرار بالمدنيين».
وأكد وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان أن «جزءاً كبيراً من الترسانة الكيماوية» «تم تدميره». وقال: «دُمّر جزء كبير من ترسانته الكيماوية»، مضيفاً «تم تدمير الكثير في الضربات هذه الليلة»، مشيراً الى أن هذه الضربات كانت تهدف أيضاً إلى منع الرئيس السوري بشار الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية مرة جديدة ضد المدنيين. وزاد: «هناك خط أحمر لا ينبغي تجاوزه، وفي حال تم تجاوزه مجدداً، سيكون هناك تدخل آخر.. لكنني أعتقد بأنه تم تلقينهم درساً».
وأكد حلف شمال الأطلسي (ناتو) «دعمه للضربات». وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ ان هذه الضربات «ستقلص قدرة النظام على شن هجمات اخرى على الشعب السوري بأسلحة كيماوية».
وكانت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري أكدت إن الدفاعات الجوية السورية أسقطت 13 صاروخاً. وقال التلفزيون الحكومي إن الصواريخ أُسقطت في منطقة الكسوة جنوب العاصمة دمشق، فيما قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن ثلاثة مراكز للبحث العلمي أصيبت في الهجمات، اثنان في دمشق والثالث في منطقة حمص بالإضافة إلى قواعد عسكرية في دمشق، لافتاً إلى إن كل القواعد والمنشآت التي أصيبت في الهجوم أخلتها الحكومة قبل أيام.
وأكد الجيش الروسي أن الضربات لم تتسبب بوقوع «أية ضحية» بين المدنيين والعسكريين. وأوضح ان الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أطلقت بالإجمال 103 صواريخ عابرة، منها صواريخ توماهوك، وأن الدفاع الجوي السوري المزود بمنظومات سوفياتية الصنع، اعترض 71 منها. واعتبر ان «ذلك يؤكد الفعالية الكبيرة لهذه المنظومات (المضادة للطيران) والتدريب الجيد للعناصر العسكريين السوريين الذين دربهم اختصاصيونا». وأكد ان موسكو، تنوي درس امكانية تسليم سورية وبلدان أخرى منظومات حديثة مضادة للطيران من طراز اس-300. وأوضح ان مطارات القوات السورية «لم تتعرض لأضرار كبيرة، لكن «المنشآت المتعلقة بالبرنامج الكيميائي المزعوم لدمشق قد تعرضت لتدمير جزئي».
واعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن الضربات الغربية ستزيد تصميم بلاده على «محاربة الإرهاب». وقال خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني وأبرز حلفائه حسن روحاني، ان الضربة العسكرية جاءت «نتيجة لمعرفة القوى الغربية الاستعمارية الداعمة للإرهاب أنها فقدت السيطرة، وفي الوقت نفسه شعورها بأنها فقدت صدقيتها أمام شعوبها وأمام العالم».
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن سورية التي قاومت لسنوات «عدواناً إرهابياً» استُهدفت بالعملية العسكرية الغربية بينما كانت لديها «فرصة لمستقبل سلمي». وكتبت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا على فايسبوك: «تم توجيه ضربة الى عاصمة دولة تتمتع بالسيادة حاولت لسنوات طويلة الصمود وسط عدوان ارهابي».
وقال نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي اندري كراسوف «انتهكوا مرة جديدة القانون الدولي عبر القيام بخطوة عسكرية عدائية ضد دولة سيادية تحارب الإرهاب الدولي. لقد ارتُكبت جريمة حرب».
في المقابل، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف قوله إن موسكو على اتصال مع الدول التي شاركت في الضربات الصاروخية. وقال ريابكوف في مقابلة مع صحيفة كوميرسانت اليومية إن موسكو مهتمة بالتعاون مع الولايات المتحدة في ما يتعلق بسورية.
103 صواريخ براً وبحراً
فيما بدا استعراضاً للقوة، حشدت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، أحدث أنواع أسلحتهم لتوجيه ضربات على مواقع في سورية، وظهر ان الهجوم تنوع بين استخدام الصواريخ المجنحة والمقاتلات الجوية، وكان لافتاً ان المهاجمين حاصروا سورية، اذ جاءت الصواريخ من اتجاه البحرين الأحمر والمتوسط.
فوفقاً لرئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي الجنرال جوزيف دانفورد، فإن قاذفات «بي – 1 بي» المعروفة باسم «الشبح» شاركت في الضربات، كما شاركت سفينة حربية أميركية على الأقل في البحر الأحمر في الهجوم. أما وزارة الدفاع البريطانية فإشارت إلى مشاركة 4 مقاتلات من طراز «تورنادو»، ونشر موقع الرئاسة الفرنسي على حسابه الرسمي في «تويتر» فيديو للحظة انطلاق طائرات «رافال» الفرنسية للمشاركة في الهجوم.
في المقابل كشفت وزارة الدفاع الروسية، أن طائرات أميركية من طرازات بي1 بي، وأف 15 وأف 16، شاركت في الهجمات، معززة بطائرات «تورنادو» البريطانية فوق البحر المتوسط، وسفينتي «لابون» و «مونتيري» الأميركيتان من البحر الأحمر. وأوضحت أن المهاجمين أمطروا سورية بـ 103 صواريخ مجنحة بما فيها «توما هوك» أطلقت من السفن الحربية، وقنابل جوية وصواريخ «جو-أرض». ولفتت إلى أن قوات الدفاع الجوي السوري تمكنت من اعتراض وإسقاط 71 صاروخاً باستخدام منظومات «إس-125» و»إس-200» و «بوك» و «كفادرات» و «أوسا» من أصل 103 صواريخ أطلقت.
مقتطفات من خطاب ترامب في شأن الهجوم الثلاثي
واشنطن - أ ف ب
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الجمعة توجيه ضربات عسكرية مع فرنسا وبريطانيا إلى سورية، رداً على هجوم كيماوي مفترض وقع في السابع من نيسان (أبريل) الجاري بالقرب من دمشق.
في ما يلي الفقرات الرئيسية من الخطاب:
* «أعزائي المواطنين، قبل قليل أمرت القوات المسلحة للولايات المتحدة بشن ضربات دقيقة على أهداف مرتبطة بقدرات الدكتاتور السوري بشار الأسد في مجال الأسلحة الكيماوية».
* «هناك عملية مشتركة جارية الآن (جرت) مع فرنسا وبريطانيا، ونشكرهما».
* «قبل عام، شن الأسد هجوماً وحشياً بالأسلحة الكيماوية على شعبه. ردت الولايات المتحدة بـ58 ضربة صاروخية دمرت عشرين بالمئة من سلاح الجو السوري. السبت الماضي، نشر نظام الأسد من جديد أسلحة كيماوية لقتل مدنيين أبرياء في مدينة دوما بالقرب من العاصمة السورية دمشق. هذه القضية تشكل تصعيداً مهماً في الطريقة التي يتبعها هذا النظام الرهيب في استخدام أسلحة كيماوية».
* «هذا الهجوم الشيطاني والدنيء ترك أمهات وآباء وأطفالاً رضعاً وأطفالاً يتخبطون من الألم ويقاومون ليتنفسوا. هذه ليست أفعال رجل بل جرائم وحش».
*»هدف عملياتنا هذا المساء هو إقامة ردع قوي ضد إنتاج ونشر واستخدام مواد كيماوية. إقامة هذا الردع يشكل مصلحة حيوية للأمن القومي للولايات المتحدة».
*»الرد المنسق الأميركي والبريطاني والفرنسي على هذه الفظائع سيشمل كل أدوات قوتنا القومية، العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية».
*»نحن مستعدون للقيام بهذا الرد إلى أن يكف النظام عن استخدام مواد كيميائية محظورة».
* «لدي رسالة أيضاً إلى هاتين الحكومتين اللتين تدعمان وتجهزان وتمولان نظام الأسد الأكثر إجراما. اسأل إيران وروسيا، أي نوع من الأمم يمكن أن تشارك في قتل عدد كبير من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء؟».
* «أمم العالم يمكن أن يحكم عليها عبر أصدقائها. ليس هناك أي أمة يمكن أن تنجح على الأمد الطويل عبر تشجيع طغاة وحشيين ومستبدين قتلة».
* «في 2013، وعد الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين وحكومته العالم بأنهما سيضمنان إزالة الأسلحة الكيماوية من سوريا. الهجوم الكيماوي للأسد والرد اليوم هما النتيجة المباشرة لإخفاق روسيا في تنفيذ وعودها».
* «يجب على روسيا أن تقرر ما إذا كانت ستواصل السير على هذا الطريق المظلم أو أنها ستنضم إلى الأمم المتحضرة كقوة للاستقرار والسلام. بالقليل من الأمل، سنتفاهم يوما مع روسيا وربما يوما ما مع إيران، وقد لا نتفاهم».
* «الولايات المتحدة لا تسعى تحت أي ظرف إلى الإبقاء على وجود غير محدود في سورية. بينما تزيد دول أخرى من وجودها، نحن ننتظر بفارغ الصبر اليوم الذي نتمكن فيه من إعادة جنودنا إلى بلدهم».
*«الولايات المتحدة ستكون شريكاً وصديقاً لكن مصير المنطقة هو بين أيدي شعبها».
ماي: هدفنا ليس تغيير النظام السوري
لم تستبعد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي توجيه ضربات أخرى إلى مواقع في سورية «إذا توفرت أدلة أخرى عن هجمات كيماوية جديدة»، لكنها شددت على أن لندن «ليس هدفها تغيير النظام»، بل «إرسال رسالة واضحة إليه وإلى الآخرين (روسيا) مفادها أن استخدام الأسلحة الكيماوية لن يمر من دون عقاب».
في المقابل أعلن زعيم المعارضة رئيس حزب العمال جيريمي كوربن أن «لا أساس قانونياً للهجوم على سورية». وطالب بمساءلة الحكومة أمام البرلمان.
وعقدت ماي مؤتمراً صحافياً، صباح أمس، أعلنت خلاله أن «الهجوم (على مواقع في سورية) استهدف مخازن للأسلحة الكيماوية ومركزاً للأبحاث ومخبأً عسكرياً وكلها متورط في الهجمات الكيماوية».
وسئلت هل ستتخذ قراراً جديداً بالهجوم إذا تبين أن بعض الأسلحة الكيماوية لم تتضرر في ضربات الأمس فقالت: «على النظام السوري أن لا يساوره الشك في أن بريطانيا مصممة على عدم السماح باستخدام الأسلحة الكيماوية». وأضافت رداً على سؤال آخر عن تصريحات كوربن الذي طالب بمساءلة الحكومة أمام البرلمان أن «المدعي العام جيريمي وايت أصدر استشارة قانونية اطلعت عليها الحكومة. وأكد الوزراء أنها تبيح الهجمات لمنع حصول كارثة إنسانية». وأكدت أنها ستعود إلى البرلمان الإثنين لتجيب على أسئلة النواب. وامتنعت عن الإجابة على سؤال عما إذا كانت ستخضع أي قرار بهجوم جديد للتصويت. وأوضحت أنها اتخذت القرار بالهجوم مساء الجمعة بناء على حقها «الحصري». وزادت «في أول مناسبة سأطلع النواب على الأمر واخضع للمساءلة». وتابعت: «هدف هذا التحرك (الضربات) منع النظام السوري من استخدام الأسلحة الكيماوية. وسنتبع ذلك بتحرك ديبلوماسي». وزادت: «المعارضة السورية لا تملك طائرات هيليكوبتر، ولم تستخدم البراميل المتفجرة في سورية، بل النظام فعل ذلك مرات عدة». | |
|