| | التاريخ: نيسان ١٠, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | لبنان: الاستنفار الانتخابي يتصاعد مع "المليارات" والشكوك! | مع ان 27 يوماً فقط لا تزال تفصل عن موعد الانتخابات النيابية في 6 أيار المقبل، يبدو ان الاقبال الشعبي على المشاركة فيها ورفع "الحواصل" الانتخابية قد تحول الى هاجس كبير لدى جميع القوى السياسية والحزبية التقليدية كما لدى المستقلين وتجمعات وتنظيمات "المجتمع المدني" المنخرطين في السباق الانتخابي والذين قاموا امس بخطوة لافتة نحو اظهار "توحدهم" لاختراق المشهد السياسي الانتخابي أملاً في اختراق نتائج الانتخابات لاحقا. واتخذ السباق الانتخابي في الايام الاخيرة بعداً جديداً مع دخول العامل الاقتصادي والمالي والانمائي بقوة على الخطاب الانتخابي الحكومي والرسمي والسياسي في ظل انعقاد مؤتمر "سيدر" الدولي في باريس وما أفضى اليه من نتائج تمثلت في تجميع ما يفوق الـ11 مليار دولار من القروض الميسرة للبنان ونحو 850 مليون دولار هبات رزمة فاقت التوقعات بارقامها لكنها مشروطة بوضوح بالاصلاحات الملحة المطلوبة من لبنان. واسبغت مقررات مؤتمر "سيدر" مناخاً ساخناً اضافياً على المناخ الانتخابي كما أثبتت وقائع اليومين اللذين أعقبا المؤتمر.
ذلك ان انعكاسات المؤتمر كما رأتها اوساط معنية مطلعة عبر "النهار" يمكن ان تتلخص بوجهين متعارضين لا بد ان تكون لهما آثار على المجريات الانتخابية. فمن الوجهة الايجابية أولاً، حصد لبنان عبر الحكومة وخطتها قبولاً دولياً سلساً للخطة اللبنانية وكذلك للمتطلبات المالية للمشاريع التي تلحظها فاق توقعات الحكومة نفسها ولو ضمن قروض ميسرة. وهذا التطور ان دلّ على شيء وفق الاوساط نفسها فعلى الحرص الدولي التصاعدي على استقرار لبنان اقتصادياً ومالياً والحؤول دون تعرضه لأي انهيارات. كما أن مقررات المؤتمر وفرت دعماً قويا لرئيس الوزراء سعد الحريري شخصياً الذي لم يتوان الرئيس الاميركي دونالد ترامب كما الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن الاشادة به في السياسات والخطط التي وضعت من اجل توفير الدعم الدولي للمؤتمر ولخطة الحكومة. كما ان من الجوانب الايجابية التي برزت بسرعة ان ثمة مشاريع كثيرة في البنى التحتية تعود الى المناطق اللبنانية المختلفة بدأت تدخل في الخطب الانتخابية بما يعمم مفهوم الاولوية المعطاة للتنمية في مقررات المؤتمر. اما في الجانب السلبي، فتعترف الاوساط نفسها بان أثارة ملف الديون والمديونية القياسية العالية التي يعانيها لبنان واعتبار الاموال المقررة في مؤتمر "سيدر" زيادة تلقائية للديون بالارقام المقررة للقروض الميسرة قد احدثت لغطا خاطئا واسعا لان الامر ليس على هذا النحو لكن المناخ السلبي الذي يسود البلاد لجهة الفساد والمديونية لا يساعد على تبديد الانطباعات المتشائمة. وهذا الامر سيؤثر مباشرة على المجريات العامة للاستحقاق الانتخابي علما انه ستكون محطة للرئيس الحريري لشرح مقررات المؤتمر وانعكاساته وطبيعة الالتزامات الاصلاحية الحكومية في مؤتمر صحافي غداً.
الحملات
في غضون ذلك، تتجه البلاد نحو تصعيد محموم للحملات الانتخابية لمختلف القوى واللوائح في ظل ما يمكن وصفه بـ"ذعر الحاصل " الانتخابي الذي يتحكم بمجمل التحركات الانتخابية في ظل مجموعة حقائق برزت في الآونة الاخيرة ودفعت القوى المتنافسة الى اعلان اقصى درجات الاستنفار للماكينات الانتخابية. في مقدم هذه الحقائق تبين ان فتوراً شعبياً كثيفاً وشديد الخطورة انتخابياً لا يزال يظلل مناطق عدة ولا سيما منها المناطق الريفية، علماً ان ثمة دوائر في مدن وبلدات كبيرة ليست افضل حالا بكثير من دوائر ريفية "باردة" لهذه الجهة. هذا الواقع كشف مرة جديدة التعقيدات المعروفة التي تشوب قانون الانتخاب الجديد، الامر الذي دفع معظم اللوائح الانتخابية ومرشحيها الى تعديل برامجهم وحملاتهم واطلاق حملات توعية عن القانون وتنفيذه خصوصا لجهة الاقتراع للائحة والصوت التفضيلي.
أما الحقيقة الثانية فتتمثل في انكشاف ممارسات مسيئة للغاية للاستحقاق من شانها ان تزيد البلبلة والشكوك المتصاعدة حول سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها، خصوصاً ان الكلام يتصاعد بقوة عن رشى الخيالية وشراء الاصوات في بعض المناطق، كما تتصاعد الشكاوى من الاختلال الاعلامي في تنفيذ القانون وغياب التوازن والعدالة بين مرشحين أثرياء ومرشحين غير اثرياء. تضاف الى ذلك حقيقة ثابتة أخرى تتصل بتسخير النفوذ الرسمي لاصحاب الحظوة في الحكم والحكومة والوزراء الذين ينخرطون في السباق الانتخابي ويضعون مقدرات الدولة في خدمة أهدافهم الانتخابية.
وتصاعدت حدة الحملات الانتخابية في اليومين الاخيرين اذ سجل انفجار سجال عنيف بين رئيس "اللقاء الديموقراطي "النائب وليد جنبلاط ورئيس "الحزب الديموقراطي اللبناني " النائب طلال ارسلان. كما تصاعدت السجالات بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" عقب كلمة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله. وحمل الرئيس الحريري أمس على " المزيفين الذين يدعون الوفاء لرفيق الحريري ويحملون راية مسيرته، وفي الوقت نفسه يشكلون لوائح ضد لوائح تيار المستقبل في بيروت وغيرها". وقال: "لو كانت هذه اللوائح لمصلحة بيروت، لا مشكلة معهم، ولكن من يخدمون؟ هناك لائحتان تتنافسان في بيروت، لائحة المستقبل ولائحة حزب الله. هؤلاء الذين يؤلفون هذه اللوائح تحت شعار رفيق الحريري هدفهم تشتيت أصواتكم وأصوات البيارتة لمصلحة لائحة حزب الله، وأنا على يقين أنكم بتصويتكم الكثيف للائحة تيار المستقبل ستفشلون مخططهم ومشاريعهم. وكما تعلمون، هذه الانتخابات تجرى على أساس القانون الجديد وليس القانون الأكثري السابق، وواجب كل واحد منكم الاقتراع وعدم التهاون والتراخي، لأنكم كلما رفعتم نسبة الاقتراع حافظتم على قرار بيروت وقطعتم الطريق على الآخرين لمصادرته".
الى ذلك، لم يقفل بعد الملف المتصل باقتراع المغتربين في الخارج، اذ علم أن رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لن يتراجعا عن المطالبة بإرسال وزارة الداخلية مراقبين الى مراكز الاقتراع في الخارج، باعتبار أن هذه المهمة تبقى في صلب ما يجب ان تقوم به على غرار ما تفعله في الدوائر الانتخابية الـ15 في الداخل. ومن المتوقع فتح هذا الملف الساخن في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء وتوجيه رسالة الى وزير الخارجية جبران باسيل مؤداها عدم القبول بوجهة نظره في هذا الموضوع الذي يختصره الرئيس نبيه بري بعبارة "لن نسكت ولن نتراجع"، في اشارة منه الى ان كل التبريرات التي طرحها "التيار الوطني الحر" حول الانتخابات في الخارج.
وأمس أطلق تحالف "كلنا وطني" لوائحه التسع في تسع دوائر انتخابية كخطوة بارزة لتنظيمات ومجموعات الحراك المدني الذي يسعى بقوة الى اختراق المقاعد النيابية عبر تمثيل "مدني مستقل" يأخذ تمثيل المرأة ركيزة اساسية له. وضمت اللوائح التسع 66 مرشحة ومرشحاً وأعلنت اللوائح في احتفال أقيم في "الفوروم دو بيروت".
السنيورة لنصرالله: الحقيقة فاتتك وخانتك الذاكرة
رد المكتب الإعلامي للرئيس فؤاد السنيورة على كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله بالأمس، قائلا: "قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه امس ان "رئيس الحكومة في ذلك الوقت، أي في حرب تموز 2006، أعطى قرارا لقيادة الجيش اللبناني في قلب حرب تموز، بمصادرة أي شاحنة آتية من البقاع إلى الجنوب تحمل السلاح والذخائر والصواريخ إلى المقاومة، وتمت مصادرة الشاحنة الأولى، وأنا أؤكد لكم، إن هؤلاء الذين أعطوا القرار للجيش اللبناني كانوا يراهنون على قتال بين المقاومة والجيش اللبناني في حرب تموز".
وأضاف: "يهم المكتب الإعلامي للرئيس السنيورة ان يقول ان الحقيقة فاتت السيد نصرالله مرة جديدة وخانته الذاكرة ونحن نذكره ببيان قيادة الجيش اللبناني الصادر آنذاك في 12 آب 2006 وكان العدوان الاسرائيلي لا يزال مستمرا على لبنان والذي جاء في نصه: "تؤكد قيادة الجيش انها لم تتلق امرا من رئيس الحكومة بمصادرة سلاح المقاومة الذي ينقل الى الجنوب. من جهة أخرى، رئيس الحكومة آنذاك ما عقد، كما زعم سماحة الأمين العام لحزب الله أيضا، أي جلسة أو جلسات وقتذاك، مع ممثلي حزب الله في موضوع نقل السلاح والذخائر إلى الجنوب".
وتابع: "المكتب الإعلامي يستشهد ببيان قيادة الجيش الصادر آنذاك للتدليل على مجانبة كلام سماحة السيد نصرالله للصواب في هذا الخصوص. أما فيما خص جلسة الحكومة في 5 أيار، والتي تضمنت معالجة مسألة شبكة الاتصالات غير الشرعية التي أنشأها الحزب، فإن قرار الحكومة آنذاك لم يتضمن على الإطلاق أمرا للجيش بالتصادم مع حزب الله، من أجل تلك الشبكة التي لا تزال قائمة إلى الآن، وتوسعت توسعا هائلا بعد ذلك لتشمل مناطق مختلفة من لبنان".
وختم: "الافتعال والاختلاق ودعاوى الاتهامات التي وجهها سماحة السيد نصرالله، للحكومة ورئيسها آنذاك، وكررها في كلمته الأخيرة في خصوص المسألتين المشار إليهما أعلاه، لا أساس لها على الإطلاق". | |
|