التاريخ: نيسان ٤, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
مقاتلو القلمون يربطون الانسحاب بضمانات تمنع دخول «ميليشيات شيعية»
بيروت – «الحياة»، رويترز 
تسارعت أمس وتيرة المفاوضات بين روسيا والنظام السوري من جهة والفصائل المعارضة في مدينة القلمون السورية، عشية انتهاء المهلة لتسليم المدينة الواقعة شمال شرق العاصمة دمشق، إذ أبدت المعارضة انفتاحاً على الخروج نحو الجبال، لكنها اشترطت في المقابل ضمانات بعدم تهجير القسري للمدنيين ومنع دخول الميليشيات الشيعية إلى القلمون بعد الانسحاب منها.

ويخضع القلمون الشرقي لسيطرة فصائل معارضة، أبرزها «جيش تحرير الشام» و «جيش الإسلام» و «قوات الشهيد أحمد العبدو»، و «أسود الشرقية»، ويدخل في هدنة مع قوات النظام منذ عامين.

ونقلت وكالة «رويترز» عن الناطق باسم جماعة «العبدو» سعيد سيف، قوله إن «ضابطين من الجيشين الروسي والسوري أبلغا المعارضين في القلمون أنه يتعين عليهم قبول حكم الدولة أو الرحيل عن المنطقة»، مشيراً أن الإنذار الموجه لفصائل القلمون «تسلمه مدنيون من المنطقة خلال اجتماع مع كولونيل روسي وضابط من الاستخبارات الجوية السورية». وقال سيف في تصريحات تلفزيونية منفصلة: «رسالة واضحة أرسلت إلى فصائل «الجيش السوري الحر» في المنطقة إما تسليم السلاح للنظام أو مغادرة القلمون الشرقي». وأكد أن مطالب الروس كانت بالدرجة الأولى «المصالحة» وترك السلاح الثقيل والمغادرة.

وكشف سيف أن المعارضة «قدمت اقتراحاً ينسحب بمقتضاه المسلحون من البلدات إلى المناطق الجبلية وأن يبقى المدنيون وتنتظر رد روسيا»، مشيراً إلى إن الهدف هو تجنب «التهجير القسري للسكان الذي وقع في مناطق أخرى استعادتها القوات الحكومية»، فيما علمت «الحياة» أن المعارضة وجهت رسالة إلى الجانب الروسي في شأن مخاوفها من تهديدات المليشيات الإيرانية وتنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» حال انسحابها من القلمون. ويتوقع أن يمدد النظام مهلة الثلاثة أيام التي كان قدمها للمعارضة وتنتهي اليوم. وأكد سيف أن القرار الوحيد هو «رفض التهجير وعدم دخول الميليشيات الشيعية إلى القلمون».

وأفادت وسائل إعلام حكومية، بأن شبان عدد من البلدات في القلمون الشرقي توجهوا لتسجيل أسمائهم لدى الجهات الحكومية لتسوية وضعهم قبل انتهاء المهلة، وأوضحت أن الجانب الروسي طمأن أهالي المدينة بأن «لا خوف من المصالحة».

إلى ذلك، أُعلن أمس تشكيل قيادة موحدة في القلمون تنضوي تحتها التشكيلات العسكرية كافة، ينبثق عنها قائدٌ عام للمنطقة وغرفة عمليات مشتركة، يترأسها قائد عسكري متفق عليه من قبل جميع الأطراف ومكتب سياسي يوكل له إدارة ملف التفاوض مع النظام وروسيا. وشددت «القيادة الموحدة» في بيان على «رفضها التهجير القسري لأي شخص من المنطقة، وأنه لا مانع من خوض التفاوض فيما يخص مستقبل المنطقة». في المقابل رفض «جيش تحرير الشام»، الذي يعد أكبر فصيل في القلمون، بقيادة النقيب المنشق فراس بيطار، المفاوضات الدائرة مع روسيا، داعياً الفصائل الأخرى في المنطقة إلى التوحد والتجهيز للقتال. وقال الناطق باسم «تحرير الشام» نورس رنكوس، إن المفاوضات مع الروس «بدأت منذ حوالى ستة أشهر، وتشكلت لجنة من المنطقة للتفاوض مع النظام، وطُلب منها أن تكون مفوضه عن جميع الفصائل». وأضاف أن «تحرير الشام» رفض التفويض، وكان الفصيل الوحيد الذي لم يوقع على بنود التفاوض، وطلب وجود ضامن غير الروس، مؤكداً على هدنة تشمل جميع مناطق المعارضة ولا تقتصر على القلمون فقط. وأشار إلى أنه تم إبعاد المقرات العسكرية من داخل مدن القلمون، ولم يعد فيها أي وجود عسكري، من أجل إبعاد المدنيين عن أي تصعيد عسكري.

ألف مقاتل ومدني خرجوا من دوما

دخلت أمس دفعة جديدة من الحافلات إلى مدينة دوما السورية، تمهيداً لاستكمال عملية إجلاء مقاتلين ومدنيين من آخر الجيوب التي كانت تقع تحت سيطرة المعارضة في الغوطة الشرقية، تنفيذاً لاتفاق أعلنته روسيا مساء الأحد الماضي، ويأتي ذلك غداة خروج أكثر من ألف مقاتل ومدني من دوما، وفق النظام السوري الذي أشار في الوقت ذاته إلى عودة أكثر من 40 ألف من سكان الغوطة الشرقية إلى منازلهم بعد سيطرة النظام عليها.

وأعلن التلفزيون السوري الرسمي عن «دخول أكثر من 20 حافلة باتجاه نقطة تجهيز وتجميع إرهابيي جيش الإسلام وعائلاتهم تمهيداً لخروجهم عبر ممر الوافدين إلى جرابلس». وفي وقت لاحق أفاد بخروج حافلتين فقط من دوما، فيما كانت عشرات الحافلات الفارغة متوقفة على الطريق الدولي عند أطراف دمشق. وأفاد مصدر عسكري سوري لوكالة «فرانس برس» عن استكمال «الإجراءات اللوجستية» لاستئناف إخراج دفعة جديدة، لكنه أشار إلى «خلاف داخل صفوف جيش الإسلام في ما يتعلق بخروجهم»، مضيفاً أن عملية الخروج «متوقفة على حسم الخلاف» بينهم. وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن خلافات داخل الفصيل المعارض بين قياديين موافقين على الاتفاق وآخرين متشددين رافضين له. وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لـ «فرانس برس» إن التباين في وجهات النظر أدى إلى «فرملة» عملية الإجلاء الثلاثاء، موضحاً أن «الجناح المتشدد في جيش الإسلام ما زال على موقفه الرافض لاتفاق الإجلاء». وأشار المرصد إلى دخول نحو 20 حافلة، عبر مخيم الوافدين، وتجري عمليات صعود الخارجين ضمن هذه الدفعة من مدنيين رافضين للاتفاق ومقاتلين وعوائلهم، لتجهيز واستكمال القافلة الثانية، للانطلاق نحو ريف حلب.

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الدفعة الأولى من مسلحي «جيش الإسلام» وعائلاتهم وغادرت مساء الإثنين دوما عبر الحافلات إلى منطقة جرابلس شمال سورية، وأوضحت أن عدداً من الحافلات تقل 1130 شخص خرجت تحت إشراف الهلال الأحمر العربي السوري، بعدما خضعت لتفتيش دقيق لمنع تهريب مختطفين أو متفجرات. وأشارت إلى أن قوات النظام أوفقت 30 رجلاً و6 سيدات كانوا يحملون أحزمة ناسفة. وأضافت أن إخراج «جيش الإسلام» وعائلاتهم سيستكمل اليوم تنفيذاً للاتفاق.

وقال «المرصد» إن القافلة الأولى من مهجري دوما والتي انطلقت مساء الإثنين، «وصلت نحو وجهتها في منطقتي الباب وجرابلس». وأشار إلى «تواصل عمليات التحضيرات لإخراج دفعة جديدة نحو شمال سورية».

إلى ذلك أفادت وسائل إعلام محسوبة على النظام، بعودة آلاف المدنيين إلى منازلهم في الغوطة، بعد سيطرة القوات النظامية عليها.

ونقلت «سانا» تأكيد مصدر عسكري أن عدد العائدين إلى منازلهم في الغوطة بلغ أكثر من 40 ألف شخص، مشيراً إلى أن عودة الأهالي مستمرة.

وذكرت الوكالة أن القوات النظامية اكتشفت نفق يتسع لمرور سيارات وعربات بعرض 4 أمتار وارتفاع 6 أمتار ويصل بين بلدتي عربين ومسرابا.

ونقلت عن مدير الخدمات الفنية التابعة للنظام غسان الجاسم تأكيده أن الأجهزة المحلية باشرت بتنظيف الشوارع وترحيل الأنقاض، وفتح الطرق للإسراع في عودة الأهالي إلى منازلهم وتوفير احتياجات ومستلزمات السكان، فيما قال عضو المكتب التنفيذي المسؤول عن قطاع البلديات والأبنية والإسكان منير شعبان، إن مؤسسة المياه ومديرية الوحدات الإدارية مستنفرة لتأمين مياه الشرب.