| | التاريخ: آذار ٣١, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | دي ميستورا يفاوض فصائل الغوطة | باريس، موسكو – رندة تقي الدين، سامر الياس
تضاربت المعلومات مجدداً في شأن مصير مدينة دوما المحاصرة في الغوطة الشرقية، بين إعلان الجيش الروسي التوصّل إلى اتفاق على إجلاء مسلحي المعارضة من المدينة، ونفي الأخيرة ذلك، وإن أكدت أن المفاوضات تتحرك «في الاتجاه الصحيح». وكشف مسؤول فرنسي بارز لـ»الحياة» أن ملف دوما كان حاضراً خلال اجتماعات المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في موسكو أول من أمس، وانه أطلع الروس على مفاوضات «بعيدة عن الأضواء» يجريها مع فصائل معارضة في الغوطة.
ووفق المسؤول الفرنسي، فإن المجموعات المسلّحة طلبت أن تكون الأمم المتحدة الطرف «الضامن» بينها والمفاوضين الروس، مشيراً إلى أن دي ميستورا طالب الجانب الروسي «بشكل ملحّ» بعدم شنّ هجوم عسكري ضد المدينة.
يأتي ذلك وسط ترقّب قمة روسية - تركية - إيرانية تُعقد الأربعاء المقبل في أنقرة، وتتطرّق إلى مناطق «خفض التوتر»، خصوصاً محافظة إدلب التي تشكّل نقطة خلاف بين الأطراف الثلاثة. ورأى المسؤول الفرنسي أن روسيا ترغب في استتباب الهدوء في إدلب، فيما يريد الأتراك الحفاظ على نفوذهم في المحافظة والسيطرة عليها مثل عفرين، كما يريد الجانب الإيراني أن يكون لاعباً مؤثراً في مصير المحافظة، وهو ما ترفضه موسكو وأنقرة.
وتساءل المسؤول إن كان دفع قوات المعارضة للتوجه إلى إدلب، استراتيجية عسكرية لإفراغ أماكن وجودها واحدة تلو الأخرى، وجمعها في إدلب لتكون بذلك معقلها الوحيد. كما تساءل عن مصير المنطقة التي تحوي مليونين ونصف المليون مدني ونازح إلى جانب آلاف المسلحين، في بقعة جغرافية أكثر تعقيداً من غيرها. وأشار إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينوي مناقشة الملف السورية خلال زيارة رسمية لروسيا في ٢٣ أيار (مايو) المقبل.
إلى ذلك، أوضح المسؤول أن استقبال ماكرون وفداً من «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) كان يهدف إلى إظهار القلق الفرنسي إزاء العملية العسكرية التركية في عفرين، وتعبئة المقاتلين الأكراد لمواصلة مكافحة تنظيم «داعش» في سورية والعراق، مضيفاً أن العملية الإرهابية التي حصلت في جنوب فرنسا أخيراً تطلبت من السلطات الفرنسية إظهار أنها ما زالت منخرطة في مكافحة التنظيم. وتابع أن الضمانات الأمنية التي كان يمكن أن تقدمها قوات التحالف الدولي تتركز في مناطق خارج عفرين، على عكس رغبات الأكراد.
على صلة، نفى الناطق باسم «جيش الإسلام» حمزة بيرقدار التوصل إلى اتفاق مع روسيا على الخروج من دوما، فيما أكّد المسؤول السياسي في الحركة محمد علوش أن المحادثات «تسير في الاتجاه الصحيح»، وأن «الفرص (للاتفاق) تصبح أقوى يوماً بعد آخر».
وقال بيرقدار لـ «الحياة» إن الإعلان الروسي عن التوصل إلى اتفاق «يأتي في إطار الحرب النفسية على الحاضنة الشعبية لجيش الإسلام»، موضحاً أن المفاوضات مستمرة بين الجانبين، وأنها «لا تتناول شروطاً محددة». وشدد على أن «الهدف الرئيس هو بقاء المقاتلين وأهالي دوما في بيوتهم لأن التجارب في سورية وفلسطين تكشف أن كل من طردوا من ديارهم لم يعد إليها».
وكان رئيس دائرة العمليات العامة في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الفريق أول سيرغي رودسكوي أعلن أمس «التوصل إلى اتفاق مع قادة التشكيلات المسلحة غير الشرعية حول انسحاب المسلحين مع أفراد عائلاتهم من مدينة دوما في وقت قريب». ولم يكشف إلى أي وجهة سيُنقل مقاتلو «جيش الاسلام» وعائلاتهم.
في غضون ذلك، وجه رودسكوي انتقادات لاذعة لتصرفات «قسد» ضد السكان الأصليين في الرقة، بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نية واشنطن الانسحاب من سورية. وفي انتقاد نادر للتشكيلات الكردية، قال الجنرال الروسي إن «قيادة قوات سورية الديموقراطية وهيئات الحكم الذاتي المحلية التي عينها الأميركيون، لا تتعامل مع حل المشاكل الإنسانية... السكان العرب الأصليون يتعرّضون الى القمع والعقاب، والتعبئة القسرية جارية. هذا يسبب استياء حاداً من السكان». وأضاف أن «السكان العرب الأصليين بدأوا بانتفاضة ضد التشكيلات المدعومة من الولايات المتحدة في المنصورة جنوب غربي الرقة في 25 آذار (مارس)»، متهماً قوات «قسد» بالتصرف «كما لو كانت قوات محتلة».
في سياق آخر، أعلن ناطق باسم وزارة الدفاع البريطانية أن جندياً بريطانياً قُتل نتيجة تفجير عبوة ناسفة يدوية الصنع في سورية أول من أمس. وكان مسؤولان أميركيان قالا في وقت سابق إن جندياً أميركيا وشخصاً آخر من التحالف الدولي قُتلا في الانفجار. وقرر التحالف «حجب التفاصيل المتعلقة بالواقعة إلى حين إجراء مزيد من التحقيقات» في خصوص الهجوم الذي يعدّ الأول من نوعه العام الحالي.
إجلاء مجموعات أخرى من المسلحين والمدنيين من الغوطة
بيروت، لندن – «الحياة»، أ ف ب
تواصلت عملية إجلاء مدنيين ومقاتلين من جنوب الغوطة الشرقية أمس، بموجب اتفاق بين فصيل «فيلق الرحمن» والجانب الروسي، من شأنه أن يفسح المجال أمام القوات النظامية لاستكمال انتشارها في الغوطة الشرقية، حيث باتت تسيطر على أكثر من تسعين في المئة منها، إثر هجوم عنيف بدأته في 18 شباط (فبراير) الماضي.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أمس، بأن 23 حافلة على الأقل تقل 1065 شخصاً بينهم 246 مسلحاً، خرجت من جنوب الغوطة في اتجاه محافظة إدلب شمال البلاد، ضمن الدفعة السابعة من عملية إجلاء حي جوبر وبلدتي وزملكا وعين ترما. وأوضحت الوكالة أن منذ يوم السبت الماضي، تم إجلاء 31890 شخصاً على ست دفعات إلى إدلب، وفق إجمالي الإحصاءات اليومية التي نشرتها «سانا» تباعاً.
وتقدر دمشق خروج 143 ألف شخص من الغوطة الشرقية حتى الآن، منذ 28 شباط (فبراير). ويتوزع هؤلاء بين السكان الذين خرجوا عبر الممرات الإنسانية إلى مراكز الإيواء، بالإضافة إلى من تم إجلاؤهم إلى مناطق الشمال السوري.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أعلن الخميس إجلاء حوالى 11 ألف مقاتل من الغوطة الشرقية، مشيراً إلى أنه بحلول الأحد أو الإثنين «سنبدأ بإعادة السكان إلى منازلهم في الغوطة الشرقية ليستعيدوا حياة طبيعية»، في إشارة إلى أولئك الموجودين في مراكز الإيواء المكتظة في ريف دمشق.
ولطالما شكلت الغوطة الشرقية هدفاً لقوات النظام كونها تعد إحدى بوابات دمشق، وشكل وجود الفصائل المعارضة فيها تهديداً للعاصمة التي تعرضت خلال السنوات الماضية لسقوط قذائف أوقع عشرات القتلى.
وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها مدينة حلب في نهاية عام 2016.
وتشكل خسارة الغوطة الشرقية حيث كان يعيش حوالى 400 ألف شخص، ضربة موجعة للفصائل المعارضة تعد الأكبر لها منذ خسارتها مدينة حلب نهاية 2016.
وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي «حركة أحرار الشام» في مدينة حرستا ثم «فيلق الرحمن» في جنوب الغوطة الشرقية، إلى اتفاقين تم بموجبهما إجلاء عشرات الآلاف إلى منطقة إدلب، بعدما باتت تسيطر على أكثر من تسعين في المئة من مساحة هذه المنطقة قرب دمشق. كما تم إجلاء أكثر من 4600 شخص من مدينة حرستا الأسبوع الماضي. وتتزامن عمليات الإجلاء مع مفاوضات بين روسيا و ”جيش الإسلام» في شأن مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية.
| |
|