| | التاريخ: آذار ٢٤, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | جنوب الغوطة يلتحق بـ «اتفاق» الإجلاء وقصف وتفاوض قبل وقف النار في دوما | حرستا (سورية)، بيروت – «الحياة»، أ ف ب
لحق «فيلق الرحمن»، أبرز فصائل المعارضة السورية الناشطة في الغوطة الشرقية، بركاب حركة «أحرار الشام» التي لم تجد بعد عزل حرستا خياراً سوى التفاوض على الجلاء في اتجاه محافظة إدلب. وتوصل «الفيلق» إلى اتفاق مع ممثلين عن النظام السوري برعاية روسية أمس، يقضي بإجلاء 7000 مدني ومسلّح من مناطق سيطرته في القطاع الجنوبي من الغوطة، إلى إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وفيما استُكملت أمس عملية إجلاء الدفعة الثانية من مقاتلي «أحرار الشام» وعائلاتهم من مدينة حرستا شمال الغوطة في اتجاه إدلب، تنفيذاً للاتفاق الذي رعته روسيا مع النظام، أعلن التلفزيون السوري الرسمي التوصل إلى اتفاق مع «فيلق الرحمن» يبدأ تنفيذه صباح اليوم، ويقضي بإخراج مقاتلين مع عائلاتهم من زملكا وعربين وعين ترما، فضلاً عن أجزاء من حي جوبر الدمشقي المحاذي لها، وذلك بعد تسليم السلاح الثقيل والمتوسط وخرائط الأنفاق.
وبعد أن كرر «فيلق الرحمن» مراراً في الأيام الماضية رفضه الخروج من المنطقة، قال الناطق باسمه وائل علوان على صفحته على خدمة «تلغرام»: «بعد الصمود الأسطوري... توصل الفيلق بعد مفاوضات مباشرة مع الروس» إلى الاتفاق. وأضاف أن مجموعته ستطلق أسرى لديها من القوات النظامية.
وكان «الفيلق» أعلن ليل الخميس- الجمعة وقف نار في مناطق سيطرته إفساحاً في المجال أمام «مفاوضات نهائية» للتوصّل إلى حل «ينهي المعاناة». وأوضح الناطق في وقت سابق أن المجموعة ستعقد اجتماعاً مع مفاوضين روس، من دون أن يُحدد إن كان سيؤدي إلى انسحاب المقاتلين. وقال: «لا يوجد حتى الآن تصور لما يمكن أن تؤول إليه المفاوضات، لكنها من المفترض أن تجد حلاً ومخرجاً من هذه المعاناة»، متحدثاً عن «وضع إنساني كارثي» مع انتشار «القمل والجرب» في الأقبية. وأكد في تصريحات أن المفاوضات ستركزّ على «إيجاد حل ومخرج يضمن عدم استمرار هذه المعاناة بأي ثمن».
وقبل وقف النار، وثّق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل أكثر من 70 شخصاً في قصف على بلدات جنوب الغوطة، بينهم 37 مدنياً قتلوا في غارات روسية على بلدة عربين. وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أن «القصف الروسي بالغارات والقنابل الحارقة تسبب بمقتل هؤلاء المدنيين في الأقبية حرقاً أو اختناقاً».
وبعد اتفاقي حرستا والجنوب، لا يزال مصير مدينة دوما في الشمال، الخاضعة لسيطرة الفصيل الأقوى في الغوطة، «جيش الإسلام»، غير معروف، في ظل استمرار المفاوضات فيها مع الجانب الروسي تحت ضغط القصف الجوي. ووفق «المرصد»، فإن هذه المفاوضات قد تؤدي إلى اتفاق يقضي بتحويلها إلى منطقة «مصالحة» وعودة مؤسسات الدولة إليها وبقاء مقاتلي «جيش الإسلام»، من دون دخول قوات النظام. وتتواصل منذ أيام حركة نزوح جماعي من المدينة عبر معبر الوافدين شمالاً، أحد المعابر الثلاثة التي حددتها القوات الحكومية للراغبين بالخروج من مناطق سيطرة المعارضة.
ولليوم الثاني، تجمّعت في حرستا 30 حافلة في منطقة تماس عند دوار الثانوية، تقلّ 1902 شخص، بينهم 628 مسلحاً، قبل أن تتحرك ليلاً في شكل جماعي في اتجاه إدلب، كما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا». وقال رئيس المجلس المحلي في حرستا حسام البيروتي لوكالة «فرانس برنس»، إن «مشهد الناس مبكٍ فعلاً، خرجوا من تحت الركام، من أقبية دفنوا فيها من دون أكل أو خدمات، خرجوا للحياة مجدداً على رغم شعورهم بالخذلان من المجتمع الدولي».
دفعة ثانية من المسلحين والمدنيين تغادر حرستا
تواصلت عملية إجلاء مقاتلين معارضين سوريين ومدنيين من مدينة حرستا غرب الغوطة الشرقية أمس، ولليوم الثاني على التوالي، بموجب اتفاق توسطته روسيا بين «حركة أحرار الشام» والنظام السوري، فيما وصلت أول دفعة كانت غادرت المنطقة أول من أمس، إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» بأنّ 17 حافلة خرجت من مدينة حرستا أمس، على متنها 1007 أشخاص بينهم 328 مسلحاً، مشيرة إلى أن الحافلات بدأت بدخول المدينة تباعاً، حيث تم تجميعها في دوار الثانوية، لينقل المسلحون وعائلاتهم في شكل جماعي في اتجاه إدلب. وذكرت «سانا» أن مجموعة من مسلّحي المعارضة فجرت مستودعاً للذخيرة قبل خروجها من المدينة، ما أدّى إلى إصابة أربعة عناصر من «الهلال الأحمر السوري»، فيما أفادت وسائل إعلام محسوبة على النظام بأنّ التفجير وقع عند دوار الثانوية، وأدّى إلى مقتل جندي من القوات النظامية.
وخلال حملة عسكرية مستمرّة منذ أكثر من شهر، تمكنت القوات النظامية السورية من تضييق الخناق بشدّة على الفصائل المعارضة بعد تقسيم المنطقة إلى ثلاثة جيوب منفصلة، ما دفع بها إلى مفاوضات، عادة ما كانت تنتهي بما يناسب دمشق. ورجّح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» استمرار خروج المدنيين والمسلحين من حرستا حتى اليوم (السبت). ومن المتوقع أن يخرج بموجب الاتفاق 1500 مقاتل مع ستة آلاف من عائلاتهم على دفعات، فيما كشف مصدر عسكري أن من المتوقع بقاء ما بين 18 ألفاً و20 ألفاً في حرستا تحت حكم النظام السوري.
ووصلت أول دفعة تضمّ 1580 شخصاً بينهم أكثر من 400 مقاتل من حركة «أحرار الشام» في وقت متأخر من ليل الخميس- الجمعة، إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، والتي عادة ما تشكل وجهة الإجلاء في سورية. وشوهد في منطقة قلعة المضيق في محافظة حماة التي تشكل نقطة عبور بين مناطق سيطرة قوات النظام ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة، حافلات تقلّ مقاتلين ومدنيين تجمّع حولها عناصر من الدفاع المدني التابع للمعارضة و «الهلال الأحمر السوري»، قبل أن تستكمل رحلتها في اتجاه وجهتها الأخيرة في الشمال السوري.
وأشارت وكالة «فرانس برس» إلى إنه لم يُسمح للمقاتلين بدخول مخيم في قرية معرّة الإخوان في ريف إدلب الشمالي، لأنه مخصص للمدنيين فيما دخلت عائلاتهم فقط. وقال أحد المدنيين أبو محمد مدني بعد وصوله إلى المخيم: «كان وضعنا مأسوياً جداً، لقد أحرقوا الأرض».
وانتقلت أعداد كبيرة من المدنيين والمقاتلين الذين تم إخراجهم من مناطقهم في عمليات إجلاء سابقة، إلى مخيمات في إدلب، ومنهم من بقي فيها ومنهم من غادرها لاحقاً. ويختار بعض المقاتلين ترك السلاح فيما ينضم آخرون إلى فصائل موجودة في المنطقة.
ودفع القصف والمعارك أكثر من 87 ألف مدني للنزوح منذ 15 آذار (مارس) في اتجاه مناطق سيطرة قوات النظام، وبقي أكثر من 30 ألفاً في منازلهم في بلدات جنوب الغوطة وقعت تحت سيطرة النظام، وفق «المرصد».
وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب نهاية عام 2016.
| |
|