التاريخ: تشرين الثاني ١٥, ٢٠١١
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
كأنهم يعودون إلى الوراء، لا بل أسوأ - أوكتافيا نصر

سوف يمضي المدوّن والناشط المصري علاء عبد الفتاح مزيداً من الوقت في السجن. يقبع عدد كبير من الأشخاص الذين ناضلوا طوال سنوات من أجل الحرية في مصر، في السجون في انتظار مثولهم أمام المحاكم العسكرية. لماذا يُعامَل علاء بهذه الطريقة بعدما دفع هو ورفاقه ثمناً باهظاً للعيش في بلد حر؟ لماذا يتسلّم المجلس الأعلى للقوات المسلّحة زمام الأمور في البلاد، وحتّام يستمرّ الوضع هكذا؟ متى تجرى الانتخابات للشروع في إصلاح حقيقي؟ لماذا يعاقب المجلس أبطال الثورة بدل تكريمهم والحرص على تأديتهم دوراً فاعلاً في بناء دولتهم الحرّة؟ لا أعتقد أن نظام مبارك سقط فعلاً. فهو لا يزال حياً من خلال هذه الممارسات الديكتاتورية!


القصة مختلفة في تونس، لكنها تثير أيضاً قلقاً بالغا. فالانتخابات الديموقراطية الأولى التي شهدتها البلاد أوصلت الإسلاميين إلى السلطة. لم يكن هذا ما يطمح إليه الثوّار الشباب، بيد أن عدداً كبيراً من التونسيين يقول بثقة إن كلمة "إسلامي" ليست مرادفة لـ"التطرّف" أو "الإقصاء". إذا لم يقدّم الإسلاميون على الفور البرهان على أنهم يملكون خططاً جامعة تسعى إلى إشراك الجميع من خلال تقاسم السلطة والإصغاء إلى شباب الثورة ومنحهم تمثيلاً في المشهد السياسي الجديد، فسوف تصاب الثورة التونسية بإخفاق ذريع.


تحاول ليبيا وضع تصوّر لمستقبلها بعد القذافي. وليس سراً أن الليبيين يدينون في شكل أساسي بحريتهم لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والبلدان العربية على غرار قطر والإمارات العربية المتحدة. يكمن التحدّي الآن في أن ينهض الليبيون الأحرار من جديد من غير أن يحوّلوا بلادهم عراق آخر غارقاً في مستنقع الانقسامات والتأثيرات الخارجية والعنف.
والوضع في البحرين شديد الاضطراب على رغم أن الحكم يحاول ان يوحي العكس. مقوّمات الثورة متوغّلة في العمق وواضحة للعيان. لا تزال النار مشتعلة تحت الرماد ويمكن أن تتأجّج من جديد اذا سنحت فرصة.


واليمن في حال فوضى مع عودة الرئيس علي عبدالله صالح إلى البلاد، واستعادته موقفه الضبابي حول تخلّيه أو عدم تخلّيه عن السلطة. لقد تمكّن على صالح من الاستمرار على رغم المعارضة الشديدة ضدّه. ومع أن كلامه بات مرادفاً للتشوّش والإلهاء والخداع الذي لا ينم عن أي ندم، يبقى رئيس الدولة حتى إشعار آخر.


أخيراً، وجّهت جامعة الدول العربية صفعة الى سوريا، لكن نظام الأسد لا يزال يحمّل "المؤامرات" الخارجية والداخلية تبعة المحن التي يتخبّط فيها. لقد تظاهر النظام في البداية بأنه ليس ثمة ما يدفعه إلى القلق لأنه لا يعاني أي مشكلات. ثم حاول سحق الانتفاضة عسكرياً مما أسفر عن مقتل أكثر من 3800 شخص منذ آذار الماضي. وقد أدّى العدوان المتواصل على المدنيين وارتفاع حصيلة القتلى إلى تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية والتهديد بفرض عقوبات عليها. وقد تكون المرحلة التالية طرح خيار التدخّل العربي أو حتى تدخّل حلف شمال الاطلسي.


في غياب الإصلاح الحقيقي، على الأسد إما أن يجد طريقة خلاّقة للخروج من هذه الأزمة وإما أن يتنحّى. قد يختار المواجهة التي لا يمكن توقّع عقباها. ولكن انطلاقاً من تجربة "إخوانه" العرب الذين سبقوه على هذه الطريق، لا يبدو مستقبله مشرقاً، إلا أن السؤال المطروح هو، اي ثمن سيتحمل الشعب والبلاد؟