| | التاريخ: آذار ١٧, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | باريس مستعدة لضرب دمشق و «الدول الضامنة» تعالج خلافاتها | موسكو، نيويورك، بيروت – سامر الياس، «الحياة»، أ ف ب، رويترز
على وقع التغيّرات الميدانية الكبيرة في معركتَي الغوطة الشرقية وعفرين، حذّرت الأمم المتحدة من تبعات «إجبار السكان على مغادرة منازلهم»، معلنةً أن ما يتراوح بين 12 و16 ألف شخص غادروا الغوطة الشرقية، بينما وردت تقارير عن أن معارك عفرين أدت إلى نزوح أكثر من 48 ألفاً. بالتزامن، حاولت الدول الضامنة في اجتماع وزراء خارجيتها في آستانة أمس، استباق بروز خلافات بعد إطلاق يد تركيا في عفرين، في مقابل سيطرة قوات النظام على الغوطة، فيما أكدت فرنسا استعدادها للتحرك في سورية «في شكل منفرد».
وفيما حضّت وزارة الخارجية الفرنسية الصحافيين على عدم السفر إلى سورية في ظل تصاعد العنف، أكد رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فرنسوا لوكوانتر أمس، أن فرنسا قادرة على أن تضرب «في شكل منفرد» في سورية إذا تم تجاوز «الخط الأحمر» الذي حدده الرئيس إيمانويل ماكرون، أي الاستخدام المؤكد للأسلحة الكيماوية.
وأضاف لإذاعة «أوروبا 1» أن ماكرون «ما كان ليحدد خطاً أحمر أو يدلي بهذا التصريح لو لم يكن يعرف أن لدينا الوسائل للتنفيذ»، متابعاً: «اسمحوا لي بأن أحتفظ بتفاصيل التخطيط الذي نقدمه إلى رئيس الجمهورية».
في غضون ذلك، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من خطورة الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية وعفرين، ومن تبعات إجبار السكان على مغادرة منازلهم، مشدداً على أن «أي إخلاء للمدنيين يجب أن يكون آمناً وطوعياً، وأن يسمح للمغادرين بالعودة الطوعية بأمان وكرامة الى منازلهم حالما يسمح الوضع بذلك». ودعا مجلس الأمن إلى «اتخاذ خطوات عاجلة لتحقيق هذا الهدف وإنهاء المأساة».
ودعا المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا ضامني آستانة إلى ممارسة النفوذ على أطراف النزاع لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2401 ووقف الأعمال القتالية، خصوصاً في الغوطة الشرقية.
وأبلغ مجلس الأمن في جلسة أمس، أن «سكان الغوطة الشرقية يناشدون الأمم المتحدة إما بتأمين خروج آمن لهم، أو الحماية لمن يبقى في الغوطة»، مشيراً إلى أن اتفاق وقف النار الذي توصلت إليه روسيا و«جيش الإسلام»، على رغم أنه «هشّ، إلا أنه لا يزال صامداً، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق مماثل مع الفصائل الأخرى في الغوطة».
وعن العملية السياسية، أبلغ دي ميستورا مجلس الأمن أن تشكيل اللجنة الدستورية يواجه عقبات مع الحكومة السورية التي «لا يزال الكثير من العمل في حاجة إلى التنفيذ معها لكي تفعّل مشاركتها في المشاورات الجارية لتشكيل اللجنة». وناشد ضامني آستانة بممارسة النفوذ «لتسريع تشكيل اللجنة» لتكون جزءاً من المفاوضات في جنيف بمشاركة الأطراف السورية كافة.
إلى ذلك، أوضح خبراء أن اجتماع الدول الضامنة لاتفاق آستانة (روسيا وتركيا وإيران) على مستوى وزراء الخارجية يُمهد للقمة الثلاثية بين الرؤساء، و «يهدف إلى مناقشة التنسيق في ظل التغيرات الميدانية على الأرض، وحل أي خلافات قد تبرز بعد إطلاق يد تركيا في عفرين، في مقابل سيطرة قوات النظام على الغوطة الشرقية».
وأكد الخبراء أن «موسكو تسعى إلى فرض تصوراتها على سير عملية التفاوض بين النظام والمعارضة، باستثمار نتائج المعارك على الأرض والتي صبّت في مصلحة النظام وإيران»، فيما لفت خبير لـ «الحياة» إلى أن «مسار آستانة شق طريقه بعد انتهاء معركة حلب نهاية 2016 لمصلحة النظام».
ميدانياً، واصلت قوات النظام وحليفتها روسيا ضرباتها المكثّفة على مناطق سيطرة «فيلق الرحمن» داخل الغوطة الشرقية المحاصرة موقعة عشرات القتلى، تزامناً مع استمرار تدفق المدنيين إلى مناطق سيطرتها. وخرج أمس مئات المدنيين من جيب تحت سيطرة «فيلق الرحمن»، تزامناً مع غارات روسية كثيفة استهدفت بلدتي كفربطنا وسقبا، وأدت إلى مقتل 76 مدنياً على الأقل.
وشمال البلاد، قُتل 27 مدنياً على الأقل في مدينة عفرين نتيجة قصف مدفعي للقوات التركية التي تحاول اقتحام المدينة بعد تطويقها، متسببة بنزوح أكثر من 2500 شخص أمس غداة مغادرة عشرات الآلاف المنطقة خلال اليومين الماضيين.
«الدول الضامنة» تتعهّد تصفية مجموعات مرتبطة بـ«النصرة»
لندن، آستانة (كازاخستان) – «الحياة»، أ ف ب، رويترز
قبل قمة ثلاثية متوقعة في إسطنبول في أوائل نيسان (أبريل) المقبل، عقد وزراء خارجية «الدول الضامنة» تركيا وإيران وروسيا اجتماعاً في العاصمة الكازاخستانية آستانة لمناقشة الوضع في سورية عامة، والأزمة الإنسانية في الغوطة الشرقية معقل المعارضة الذي تحاول قوات النظام استعادتها في هجوم دامٍ متواصل من دون التوصل إلى نتائج حاسمة. وفي بيان ختامي بعد المحادثات وعدت الدول الثلاث بالاستمرار في «تصفية» «جبهة النصرة»، في إشارة إلى «هيئة تحرير الشام» ومجموعات أخرى مرتبطة بـ «القاعدة».
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغرب بالسعي إلى «الحفاظ على القدرات العسكرية للإرهابيين وتفادي توجيه ضربات إليهم» في سورية.
وفي ختام محادثات جمعته بنظيريه التركي أحمد جاويش أوغلو الإيراني محمد جواد ظريف، أشار لافروف إلى «جبهة النصرة»، الجناح السابق لـ «تنظيم لقاعدة» في سورية، والتي تضطلع على حد قوله بـ «دور الجهة الاستفزازية في سيناريوات اللاعبين الجيوسياسيين الغربيين».
وأكد وزير الخارجية الروسي أنه «على رغم الضجة التي تثار حول الغوطة، ستستمر روسيا في دعم الحكومة السورية في جهودها الرامية إلى تأمين خروج المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية، وإجلاء الجرحى والمرضى من الغوطة»، مشيراً إلى أن «هذا العمل بدأ يأتي بثماره، حيث غادر أكثر من 12 ألف مدني الغوطة خلال يوم واحد، إضافة إلى دخول قافلة إنسانية أممية إلى مدينة دوما، تحمل 137 طناً من المساعدات».
وجدد لافروف «رفض روسيا المطلق للتهديدات الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية إلى دمشق تحت أي ذريعة»، مؤكداً أن «موسكو أبلغت واشنطن موقفها هذا عبر القنوات الديبلوماسية والعسكرية».
وأشاد بـ «الإنجازات» التي حققها مسار آستانة، مشيراً إلى أن «محاولات النيل من شأن هذه العملية، تقف وراءها قوى يزعجها التعاون المستمر بين روسيا وتركيا وإيران، وتراهن على تقسيم سورية وتحويلها إلى ساحة للفوضى الجيوسياسية».
وشدد لافروف على «أهمية المضي قدماً في مسار التسوية السياسة، التي تشكل صياغة الدستور السوري الجديد طورا حاسما فيها»، متحدثاً عن «صعوبات» تواجه تشكيل لجنة الإصلاح الدستوري التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر «الحوار الوطني السوري» في سوتشي، لكنه أكد «ضرورة تفعيل هذا العمل، على أن تكون اللجنة شاملة الأطياف السورية كافة، وأن يتمكن السوريون من حلّ خلافتهم بالتوافق من دون تدخل خارجي.
من جانبه، أكد جاويش أوغلو «ضرورة عدم استهداف المدنيين بحجة القضاء على الإرهابيين»، مطالباً بتطوير استراتيجيا خاصة للتفرقة بين الإرهابيين والمدنيين». واعتبر أن «الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية يرقى إلى مستوى الكارثة الإنسانية»، مؤكداً أنه تحدث مع ظريف ولافروف «من أجل تحسين الوضع الذي تسبب به النظام في الغوطة». وشدد على «ضرورة وقف النظام للنار في المنطقة».
وأعرب جاويش أوغلو عن امتنانه لعقد اجتماع مجموعة العمل حول المحتجزين، والتي تعمل على موضوعات الإفراج عنهم و تسليم الجثامين، والبحث عن المفقودين، مشيراً إلى أن «من المفيد بدء العمل في أقرب وقت ممكن في لجنة كتابة الدستور». وأكد أنه «سيتم العمل بشكل مشترك بين الدول الثلاث من أجل تسهيل العملية».
ولفت ظريف من جهته إلى «أهمية مسار آستانة في نزع حدة التوتر في سورية»، داعياً إلى «مواصلة تنسيق الجهود من أجل محاربة الجماعات الإرهابية كخطوة في الطريق إلى الحل السياسي، بصفته الخيار الوحيد للخروج من الأزمة».
وعقد لقاء أمس في غياب مراقبين أو مشاركين عن سورية، ومن المتوقع أن يعدّ لقمة يشارك فيها رؤساء الدول الثلاث في الرابع من نيسان (أبريل) المقبل.
ولم يشارك مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا في محادثات الجمعة، على رغم دعوته إليها، وذلك لإصابته بوعكة صحية، وفق ما أعلن مكتبه أول من أمس، والذي أشار إلى أن نائبه رمزي عز الدين رمزي سينوب عنه. وتجري عملية آستانة التي أطلِقَت في كانون الثاني (يناير) 2017 من دون مشاركة واشنطن، مباحثات بين النظام وفصائل من المعارضة. وعقدت اجتماعات عديدة مذاك أدت إلى إنشاء أربع «مناطق لخفض التصعيد» في سورية، سمحت أحياناً بالحد من أعمال العنف. وعقد اللقاء الأخير بين هذه الدول الثلاث يومي 21 و22 كانون الأول (ديسمبر) الماضي في آستانة من دون تحقيق تقدم ملموس نحو حل الأزمة. | |
|