| | التاريخ: آذار ١٦, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | هوف وفورد لـ"النهار" بعد 7 سنوات من الحرب السورية: العالم لا يُبالي ولم يتوقّع أحد أن نصل إلى هذا المأزق | واشنطن - هشام ملحم
في الذكرى السابعة للحرب السورية، صرح المبعوث الاميركي الى سوريا ولبنان في الولاية الاولى للرئيس السابق باراك أوباما، فريديريك هوف لـ"النهار"، بان سبع سنوات من الحرب في سوريا "انتجت سبع سنوات من النتائج غير المقصودة. عندما بدأ المتظاهرون انتفاضتهم السلمية ضد وحشية الشرطة في اذار 2011، لم يتوقعوا ان يعاملهم رئيسهم كأعداء للدولة يستحقون القتل. وعندما قرر (الرئيس السوري بشار) الاسد مواجهة الاحتجاجات السلمية بالقتل الجماعي لم يكن يقصد تدمير الدولة التي ورثها".
ووضع هوف، الذي يعمل حالياً باحثاً في مركز رفيق الحريري التابع للمجلس الاطلسي للدراسات، قرارات أوباما وسياساته في السياق عينه، وقال: "عندما دعا رئيس أميركي (أوباما) الاسد للتنحي، ورسم خطاً أحمر ضد استخدام الأسلحة الكيميائية، وبعدها اخفق في تنفيذ تهديداته، لم يتوقع ان تستخلص روسيا استنتاجات واسعة في شأن تصميم أميركا واستعدادها للدفاع عن نفسها وعن حلفائها. هذه الاستنتاجات أدت الى احتلال شبه جزيرة القرم، والتدخل في أنظمة الانتخابات الغربية". وأضاف انه عندما وضعت الدول الاقليمية المناوئة للاسد وبعض مواطنيها الموارد والمساعدات العسكرية " في ايدي ثوار لديهم اجندات مذهبية بدائية، لم يتوقعوا ان يساهموا في تعزيز استراتيجية النظام للبقاء على قيد الحياة".
أما السفير الاميركي السابق في سوريا روبرت فورد، فرأى في حديث الى "النهار" ان قانون النتائج غير المقصودة بدا واضحاً عندما لم تدرك الولايات المتحدة "أن تركيز الحملة الجوية الدولية على تدمير قوات تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، سيساهم على نحو غير مقصود في تعزيز بقاء الاسد في السلطة". وأوضح في هذا السياق ان الدعم الاميركي العسكري لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية " لم يكن يهدف الى تمكين الاكراد من إيجاد منطقة حكم ذاتي لهم". وأشار الى أن هذه النتائج غير المقصودة تسببت بأزمة خطيرة بين الولايات المتحدة وحليفتها التاريخية تركيا.
وتخوّف من تورط أميركا تدريجاً في الصراعات داخل سوريا قائلاً:"كان من الافضل بعد تحرير الرقة وغيرها من المدن والبلدات السورية ان تسحب الولايات المتحدة قواتها البرية من شمال شرق سوريا، لكننا الان نجد أنفسنا نحارب مرتزقة من روسيا اضافة الى نظام الاسد".
ولاحظ ان "ادارة أوباما لم تشدد ما فيه الكفاية للثوار السوريين وللشعب السوري في البداية وقالت: اننا لن نتدخل عسكريا لاسقاط الاسد". وأفاد أنه "قلت لهم مراراً: لا تتوقعوا مجيء سلاح الجو الاميركي لاطاحة الاسد، ولا تلجأوا الى العنف، ولكنهم ارادوا تصديق العكس". وتساءل عما اذا كان بعض قراراته عندما كان سفيرا في سوريا قد ساهم على نحو غير مقصود في اعطاء الأمل الخاطئ في توقع تدخل اميركي أقوى؟ و"أخشى ان تكون زيارتي لحماه في 2011 قد شجعتهم على الاعتقاد ان أميركا ستتدخل عسكرياً. وعندما قال أوباما انه على الاسد ان يتنحى عن السلطة، لم يكن يعني اننا سوف نتخلص من الاسد".
وانتقد هوف سذاجة الزعماء الغربيين بمن فيهم الرئيس الاميركي بعدما حذروا الاسد ورسموا خطاً أحمر جديداً ضد استخدام السلاح الكيميائي عقب استخدام الرئيس السوري هذا السلاح في خان شيخون في 2017 ، مما أدى الى قرار الرئيس دونالد ترامب توجيه ضربة عسكرية الى قاعدة جوية سورية، لأن الاسد رأى في ذلك ضوءا أخضر لمواصلة العنف ضد المدنيين ولكن في ما عدا استخدام السلاح الكيميائي.
وأعرب عن اعتقاده أن "الضعف الجماعي لزعماء دول أوروبا الغربية منعهم من توقع ان يؤدي القتل الجماعي في سوريا، الى خلق تسونامي من اللاجئين الذين اخترقوا حدودهم وهزوا أنظمتهم السياسية بطريقة حظيت بالترحيب في روسيا". وسجّل ان الغربيين الذين أبدوا أسفهم لأعمال القتل الجماعي في سوريا واعتقدوا خطأ انها مسألة انسانية مؤسفة سوف تبقى في سوريا، لم يدركوا خطأهم الا متأخرين. ثم قال: "هناك خط مباشر بين سوريا وما يسمى النظام العالمي الذي يبدو كأنه يتهاوى. هذا كله لم يكن مقصوداً، ربما باستثناء ما يدور في أروقة الكرملين".
ويستبعد السفيران الاميركيان المخضرمان أي تدخل عسكري أميركي جدي، في سياق استراتيجية سياسية طويلة الامد لسوريا. وتساءل فورد باحباط واضح: "ما هي الاستراتيجية الاميركية في سوريا؟". لقد صوتّ مجلس الامن حتى الآن على 17 قراراً في شأن سوريا، ولم يتغير شيء على الارض. والقرار الاخير لوقف نار موقت في الغوطة الشرقية خرقته قوات الاسد فور اقراره. ويتوقع ان يواصل الاسد واصدقاؤه تقدمهم العسكري في الغوطة الشرقية "التي ستواجه مصيراً مماثلاً لحلب. وبعد احتلال الغوطة سوف تسقط الرستن وتلبيسة في يد النظام". وخلص الى القول:" قوات الأسد تواصل قصفها العشوائي والوحشي، والعالم لا يبالي، ومن الصعب جداً ان تقول للسوريين لن يفعل أحد شيئاً لكم، ولن ينقذكم أحد. ولم يتوقع أي منا قبل سبع سنوات ان نصل الى هذا المأزق".
سوريا، مثلها مثل الشاعر دبليو. إتش. أودن مشت طويلاً على طريق الآلام، لتثبت انه لا أرض هناك، ولا ماء، ولا حب. | |
|