| | التاريخ: آذار ٧, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | معلومات عن قصف الغوطة بغاز الكلور وأميركا تدرس توجيه ضربة ضد دمشق | دوما (سورية)، جنيف، موسكو – «الحياة»، أ ف ب، رويترز
جددت قوات النظام السوري قصفها للغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق موقعة المزيد من الضحايا المدنيين وسط اتهامات باستخدامه غاز الكلور السام، بالتزامن مع استمرار المعارك على الأرض وتقلص مناطق سيطرة الفصائل المعارضة أمام الهجوم البري العنيف. وأتى ذلك غداة اضطرار قافلة دولية محملة بالمساعدات إلى مدينة دوما إلى المغادرة قبل إفراغ حمولتها بسبب القصف الذي لم يتوقف خلال عملها، فيما أعلنت الأمم المتحدة إرسال قافلة جديدة غداً.
وفي مدينة دوما، أبرز مدن الغوطة، والتي تعرضت إلى قصف جوي أمس طغى الدمار على المشهد، فعلى جانبي الطرقات تحولت أبنية إلى جبال من الركام. وذلك في بلدة حمورية، تركز القصف خلال ساعات الليل، ولم يخرج سوى بضعة مواطنين من الأقبية خلال النهار لتفقد ممتلكاتهم.
وقال «مدير المرصد السوري» رامي عبدالرحمن إن عشر غارات استهدفت صباحاً بلدة جسرين، كما تتعرض مدن وبلدات أخرى من بينها دوما إلى قصف جوي».
وأدت الغارات في جسرين إلى مقتل «تسعة مدنيين وإصابة أكثر من 40 آخرين بجروح»، لترتفع بذلك حصيلة القتلى منذ بدء التصعيد على الغوطة، في 18 شباط (فبراير) الماضي إلى أكثر 780 من قتيلاً مدنياً، من بينهم حوالى 170 طفلاً.
وأشارت وكالة «فرانس برس» إلى أن بعض المدنيين في دوما يستغلون فترات الهدوء لنقل الحاجيات من منازلهم إلى الأقبية التي لجأوا اليها، وآخرين يجمعون أثاث المنازل الذي تكسر جراء القصف لاستخدامه للتدفئة أو الطبخ أو حتى لبيعه للأغراض ذاتها.
ولفتت إلى أنه في مستشفيات الغوطة تتكرر مشاهد المصابين وهم يتلقون العلاج بعد إصابتهم بالقصف، أطفال يستلقون على الأسرة يبكون، وأهالٍ يعانقون أبناءهم لطمأنتهم، ومنهم من يبكي على من فقدهم.
وأفاد المرصد ليل الاثنين– الثلثاء بوجود 18 حال اختناق بعد قصف لقوات النظام استهدف بلدة حمورية، فيما اتهم ناشطون معارضون باستخدام غاز الكلور السام. ووصف الإعلام الرسمي اتهام الحكومة السورية بالمسؤولية عن الهجوم بـ «مسرحية الكيماوي». وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «مسرحية الكيماوي دليل انهيار الجماعات الإرهابية وتتزامن مع التقدم الكبير للجيش السوري في الغوطة وهدفها حماية الإرهابيين».
ونقل التلفزيون الرسمي عن مصدر في شرطة دمشق قوله إن شخصين أصيبا بقذيفتين أطلقتهما الفصائل المعارضة على منطقة باب توما في دمشق.
وتوازياً مع الحملة الجوية العنيفة المستمرة منذ أكثر من أسبوعين، واصلت قوات النظام هجومها البري من الجبهة الشرقية. وباتت تسيطر على 40 في المئة من المنطقة المحاصرة، بعدما استعادت بلدة المحمدية، فيما تركزت الاشتباكات أمس على أطراف بلدات بيت سوى والأشعري وأفتريس والريحان.
ويعود التقدم السريع للنظام، وفق مراقبين، إلى أن العمليات العسكرية تدور في منطقة زراعية ذات كثافة سكانية منخفضة، وهي تهدف الى تقسيم الغوطة إلى جزءين شمالي حيث تقع دوما، وجنوبي حيث حمورية.
وأقر «جيش الإسلام»، الفصيل الأبرز في الغوطة، بانسحاب مقاتليه من الجهة الشرقية، موضحاً أنها «منطقة زراعية مكشوفة ليس فيها تحصينات كالأبنية».
إلى ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أمس أنها تعتزم إرسال قافلة مساعدات أخرى إلى الغوطة الخميس المقبل بعد عدم تمكّن المسعفين من إفراغ حمولة 14 شاحنة من أصل 16 الاثنين بسبب قصف دوما.
وأشار ينس لايركه من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أنه «بعد نحو تسع ساعات في الداخل، اتخذ قرار بالمغادرة لأسباب أمنية وتجنب المخاطرة بسلامة الفرق الإنسانية على الأرض».
في المقابل، أعلن الجيش الروسي أجراء اتصالات مع منظمات إنسانية دولية من أجل إرسال قافلة مساعدات جديدة. وذكر الجيش أن القافلة الأولى التي بلغت وجهتها الإثنين سلمت 247 طناً من المساعدات الطبية والغذائية إلى دوما.
من جانبه، أفاد كريستوف بوليراك من «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» (يونيسف) أن العيش تحت الأرض أصبح معتاداً في الغوطة، مع إقامة بعض الأسر منذ الشهر الماضي في أقبية كان بعضها يؤوي 200 شخص. ولفت إلى أن ما لا يقل عن ألف طفل قتلوا أو أصيبوا في أنحاء سورية منذ بداية العام.
أميركا تدرس توجيه ضربة ضد دمشق
ندّدت روسيا مجدداً بما وصفتها «اتهامات مجانية» ضد دمشق باستخدامها أسلحة كيماوية، وأعربت عن أملها بامتناع واشنطن «عن أي تحرك يزيد من انتهاك القانون الدولي»، وذلك على خلفية نشر «واشنطن بوست» أول من أمس تقريراً يكشف عن إجراء الإدارة الأميركية نقاشاً في إمكان توجيه ضربة عسكرية جديدة ضد النظام السوري على خلفية استخدامه أسلحة كيماوية ضد المدنيين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب طلب دراسة «خيارات لمعاقبة» نظام الرئيس السوري بشار الأسد في أعقاب تقارير عن استخدام غاز الكلور في هجمات على مناطق مدنية، مؤكدة أن ترامب بحث كيفية اتخاذ إجراءات محتملة في اجتماع في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، حضره رئيس الأركان جون كيلي ومستشار الأمن القومي هيربرت ماكماستر، إضافة إلى وزير الدفاع جيم ماتيس.
ووفقاً للمصادر فإن ترامب وماتيس لم يوافقا على القيام بردّ عسكري ضد قوات الأسد، فيما كان موقف ماكماستر مؤيداً لذلك. عندها اقترح المسؤولون مواصلة مراقبة الوضع.
وكانت البحرية الأميركية أطلقت في 7 نيسان (أبريل) الماضي 59 صاروخاً من مدمرتين في شرق البحر المتوسط، مستهدفة مطار الشعيرات العسكري التابع للنظام، رداً على هجوم كيماوي استهدف قرية خان شيخون في إدلب.
وعلى عكس الهجمات السابقة، لاحظ مسؤولون أميركيون أن النظام السوري يشنّ هجمات صغيرة تعتمد في شكل رئيسي على غاز الكلور المصنوع من مواد مصنوعة تجارياً. ووفق الصحيفة فإن القوات النظامية السورية تستخدم الأنظمة الأرضية بدلاً من الوسائل الجوية لتوصيل المواد الكيماوية، وهو ما يصعب تعقبه.
وقال مسؤولون أميركيون إن الحكومة السورية لجأت إلى مثل هذه الهجمات للتعويض عن النقص في اليد العاملة ولثني مؤيدي المعارضة عن العودة إلى المناطق الإستراتيجية. ووفقًا لتقرير «واشنطن بوست»، فإن داخل الإدارة الأميركية مسؤولين «أكثر انفتاحاً» على عمل عسكري جديد ضد الأسد. وهم يعتقدون أن رد الولايات المتحدة قد يثني النظام عن إعادة بناء ترسانته الكيماوية، فضلًا عن إثبات أن واشنطن لن يردعها الوجود العسكري الروسي في سورية.
وردّاً على سؤال عن الخطوات الروسية في حال استخدام واشنطن القوة العسكرية ضد دمشق، قال ديميتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين «دعونا نأمل بألا تحدث أعمال قد تؤدي إلى مزيد من انتهاك القانون الدولي». واعتبر في مؤتمر صحافي أمس، أن «المزاعم متواصلة في شأن استخدام دمشق الأسلحة الكيماوية»، واصفاً إياها بأنها «استفزازات تأتي في إطار حملة الافتراء والاتهامات الباطلة ضد الحكومة السورية».
وكرر بيسكوف الموقف الروسي الرسمي الذي يؤكد أن السلاح الكيماوي في سورية تم إتلافه من قبل الغربيين بين عامي 2013-2014 بمبادرة روسية، مضيفاً «لقد تم التحقق من هذا الأمر ليس فقط من الجانب الروسي وإنما أيضاً من جانب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية». وأضاف أنه لا يمكن الحكم على استخدام الكيماوي في سورية من عدمه، «إلا على أساس تحقيقات غير متحيزة يجريها فريق عمل ولجنة دولية، وإلا فستبقى كل الاتهامات مجرد افتراء»، وفق تعبيره.
وأكد أن بلاده «تدعو دائماً إلى فتح تحقيق دولي نزيه في كل حادث يشتبه فيه باستخدام الأسلحة الكيماوية»، مضيفاً: «إلا أن هذه المبادرات الروسية تصطدم برفض الطرف المقابل مرة تلو أخرى».
| |
|